مسقط - عمان اليوم
بلغت صادرات الدول العربية من الغاز الطبيعي المسال خلال عام 2022 نحو 114.3 مليون طن وهو أعلى رقم تحققه منذ عام 2013، متخطية بذلك صادرات عام 2021 التي بلغت 111.8 مليون طن، بنسبة نمو 2.2 بالمائة. وقد استحوذت الدول العربية المصدرة مجتمعة على حصة سوقية عالمية بلغت 28.83 بالمائة. وأرجعت منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك" في أحدث تقرير لها هذا الأداء إلى استمرار تنامي الصادرات بشكل ملحوظ في كل من سلطنة عمان وقطر، ومصر.
وقالت أوابك بأن أداء سلطنة عمان العام المنصرم كان مميزًا، حيث بلغ إجمالي صادرات سلطنة عمان من الغاز الطبيعي المسال لعام 2022 نحو 11.3 مليون طن، لتحقق بذلك رقمًا قياسيًا جديدًا هو الأعلى في تاريخها، وذلك مقابل 10.6 مليون طن خلال 2021 بمعدل نمو سنوي بلغ 6.6 بالمائة. وخلال الربع الرابع من عام 2022م صدرت سلطنة عمان نحو 2.9 مليون طن، مقارنة بـ2.5 مليون طن خلال الربع المماثل من عام 2021م، بنسبة نمو على أساس سنوي بلغت 16 بالمائة وهي النسبة الأعلى عربيًا.
وقد نجحت سلطنة عمان في تحقيق هذا الرقم غير المسبوق بفضل استكمال مشروع إزالة الاختناقات في محطة "قلهات" الذي بدأ مؤخرًا لرفع قدرتها الإنتاجية إلى 11.5 مليون طن في السنة.
وخلال العام الماضي، وصلت شحنات الغاز العماني إلى العديد من الوجهات في مختلف مناطق العالم، مثل كوريا الجنوبية واليابان وباكستان وتايلاند وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا، بالإضافة إلى تركيا التي استقبلت لأول مرة شحنة من الغاز العماني في شهر نوفمبر الماضي. أما في الشرق الأوسط فقد كانت الكويت الوجهة الرئيسية للغاز العماني، حيث استقبلت شحنتين من الغاز الطبيعي المسال خلال شهري يوليو وأغسطس، كما وصل الغاز العماني لوجهات جديدة وبعيدة مثل بورتوريكو في أمريكا الشمالية.
ويرجع هذا الأداء الجيد في الصادرات العربية عامةً، وفي سلطنة عمان خاصة وفقًا للتقرير إلى الطلب غير المسبوق من جانب السوق الأوروبي، حيث بلغ إجمالي الطلب العالمي خلال الربع الرابع من 2022 حوالي 104.1 مليون طن، مقابل 97.8 مليون طن خلال الربع المماثل من عام 2021، بنسبة نمو على أساس سنوي بلغت 6.4 بالمائة. وفي مقابل الطلب الأوروبي المرتفع تراجع إجمالي الطلب الآسيوي بسبب تراجع الطلب في الصين، ليسجل السوق الآسيوي ككل حوالي 65 مليون طن خلال الربع الأخير من العام النصرم، مقابل 69.5 مليون طن خلال الربع المماثل في العام الأسبق، أي بنسبة تراجع بلغت 6.5 بالمائة.
وفيما يتعلق بتطور أسعار الغاز خلال العام المنصرم، أشار التقرير أنه بعد الارتفاعات غير المسبوقة والتاريخية لأسعار الغاز الطبيعي التي شهدتها الشهور الأولى من 2022م فور انطلاق الأزمة الروسية الأوكرانية أواخر شهر فبراير، بدأت الأسعار في التراجع عن مستوياتها التاريخية في الربع الأخير، بفضل تحسن ظروف الطقس، وتبدد المخاوف من مواجهة نقص في إمدادات الغاز بفضل نجاح أوروبا في توفير مخزونات كافية من الغاز.
الغاز العماني في 2023
وحول الأداء المتوقع في إنتاج الغاز الطبيعي المسال وتصديره خلال العام الجاري، استطلعت عمان آراء مجموعة من الخبراء الإقليميين والمحليين، والذين أكدوا على الدور الهام الذي تتبوأه سلطنة عمان في سوق الغاز العالمي من خلال خطواتها المدروسة في توسيع إنتاجها واستكشاف أسواق جديدة للتصدير.
وأكد علي بن عبدالله الريامي، خبير وأخصائي تسويق في مجال الطاقة والنفط على دور الأزمة الروسية الأوكرانية في زيادة الطلب غير المسبوقة في للغاز الطبيعي المسال، وبالتالي زيادة صادرات الغاز العماني، وذلك جراء النقص الحاد الذي عانت منه القارة الأوروبية التي تعتمد على إمدادات أوروبا من الغاز لاستخداماتها اليومية، مما حث سلطنة عمان لتوجيه بعض إنتاجها لهذه الدول. ويرى الريامي أن مستقبل الغاز في سلطنة عمان واعد وتؤكد ذلك الاتفاقيات التي أبرمتها سلطنة عمان مع أسواق جديدة، مما يعزز دورها في تأمين الطاقة عالميًا.
وقال الريامي إن حكومة سلطنة عمان ممثلة بالشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال تمكنت في العام الماضي من تحقيق أرقام قياسية في صادراتها تخطت الـ11 مليون طن، إلا أنه من غير المرجح تحقيق أرقام قياسية تفوق هذا الرقم في الأعوام القليلة القادمة نظرًا لمحدودية القدرة في إسالة كميات أكبر من الغاز بمصنع الشركة.
وأشار الدكتور وضاح الطه، خبير اقتصادي ونفطي أن سلطنة عمان شهدت خلال عامي 2021 و2022 حراكًا واضحًا لزيادة إنتاج وتصدير الغاز في ظل تداعيات الازمة الروسية الأوكرانية، حيث حتم قطع ما يقارب 155 مليار متر مكعب من الغاز الروسي إلى أوروبا ظهور لاعبين جدد إلى السوق، وقد انتهزت سلطنة عمان هذه الفرصة وأولتها أهمية، من خلال محاولتها لزيادة الإنتاج وتسويق الغاز العماني، وقد رأينا ذلك جليًا من خلال الاتفاقيات التي تم عقدها مع شل العالمية في نهاية 2022م، والاتفاقيات الثلاث مع شركات يابانية تتضمن إمدادها بـ2.35 مليون طن متري بدءًا من عام 2025 في عقود تتراوح مدتها ما بين 5 – 10 أعوام. بالإضافة إلى توقعيها مع شركة بوتاش التركية عقدًا لمدة 10 أعوام. موضحًا بأن هذا الحراك الذي وصف بـ"المحترف" يعيد تموقع سلطنة عمان كلاعب مهم في سوق الغاز بشكل تدريجي.
وفي طريقها لزيادة صادراتها، قال د. وضاح الطه إن العمانية للغاز الطبيعي المسال تسعى لزيادة سعة الشحن ودعم الطاقة اللوجستية، من خلال بناء ناقلتين جديدتين في حوض السفن التابع لهايونداي لدعم أسطولها وتيسير عمليات النقل تجنبًا لأي اختناقات محتملة. ومن المتوقع استلامهما في النصف الأول من العام في 2026.
وأشاد الطه في نهاية حديثه إلى النظرة الشمولية التي تنظر بها سلطنة عمان في تنمية قطاع الغاز من حيث زيادة سعة إنتاجها وتسويق منتجها والتعاون مع لاعبين وشركات غاز عالمية معروفة بخبرتها وباعها الطويل في السوق.
وقال المهندس وائل عبدالمعطي، خبير أسواق الغاز والهيدروجين، إن سلطنة عمان نجحت في تحقيق أعلى رقم في تاريخها فيما يتعلق بصادرات الغاز الطبيعي المسال خلال 2022 وهو 11.3 مليون طن، وبنمو سنوي بلغ 6.6 بالمائة. وخلال العام الجاري ستتمكن الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال من إنتاج نحو 0.9 إلى 1 مليون طن شهريًا لتلبية تعاقداتها بالإضافة إلى الطلب على الشحنات في السوق الفورية. وقد بلغت صادرات شهر يناير وفق البيانات الأولية حوالي 0.9 مليون طن، ووصلت شحنات الغاز العماني إلى وجهاتها التقليدية المتمثلة في اليابان وكوريا، ووجهات أخرى مثل تركيا. ولا يزال السوق العالمي بحاجة للغاز ولا يعاني من فائض بل من المتوقع أن يعاود الطلب الصيني تعافيه وبالتالي من المتوقع أن نشهد تحسنا أكبر في الأسعار.
ويكمن التحدي الرئيسي خلال هذا العام وفقًا للمهندس وائل عبدالمعطي في الحفاظ على معدلات الإنتاج المحلية، حيث قال: عادة يحدث نضوب للإنتاج مع الزمن في أي بلد منتج للنفط والغاز، ولتغذية محطة الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال بما يكفي لتشغيلها بكامل طاقتها، والذي سيحتاج إلى استمرار عمليات التطوير وفتح مناطق جديدة للاستكشاف.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
ارتفاع إجمالي الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي في عٌمان