الحكومة الصومالية تعقد مؤتمرًا ضد "التطرّف والغلو"
مقديشو ـ عبدالستار حسن
تعقد الحكومة الصومالية، مؤتمرًا ضد التطرف والغلو، في 12 من أيلول/سبتمبر الجاري، بمشاركة الحركات الإسلامية جميعها، والشخصيات الدينية والدعاة الصوماليين. وكثّفت الحكومة الصومالية، في الآونة الأخيرة، جهودها لتحقيق إصلاح جذري شامل للأزمة في البلاد، حيث تنظم مؤتمرات يشارك فيها
عدد كبير من السياسيين والعلماء، وذلك لرسم خارطة سياسية مستقبلية، وخصوصًا في المرحلة المقبلة.
وتستخدم الأوساط الإعلامية في الصومال مصطلح "الطريق نحو 2016"، والذي يبدأ من مراجعة الدستور الصومالي وتشكيل الهيئات الدستورية، ويُعد خارطة سياسية لانتقال البلاد من الواقع السياسي والأمني المتأزّم.
وتواجه جهود الحكومة الصومالية من أجل إيجاد حل دبلوماسي للفرقة والتشرذم الحاصل بين الصوماليين، انتقادات ومعارضة من قِبل بعض الأطراف، لا سيما تلك التي أعلنت عن إدارات شكلية لها مستقلة عما يجري في جنوب الصومال، مثل "حكومة أرض الصومال"، التي أعلنت في العام 1991 انفصالها عن البلاد، وتبذل جهودًا حثيثة لنيل الاعتراف من المجتمع الدولي.
وأعلنت ولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال، مقاطعتها للمؤتمر الوطني للمصالحة السياسية، بحجة أنها ليست طرفًا في المعادلة السياسية في الصومال، وذلك بعد أيام من إعلان رئيس الولاية أحمد فروني مقاطعته للحكومة، إثر خلاف سياسي بين حكومة مقديشو وولاية بونتلاند، التي تشكلت في 1998، وتتمتع حاليًا بشكل شبه ذاتي.
وتعارض بعض القبائل الصومالية المؤتمر التصالحي، حيث تظاهر عدد كبير من أهالي إقليم باي، احتجاجًا على السياسات الحكومية وتحالفها مع بعض الولايات الإقليمية وإقصاء بعض الولايات الأخرى.
ويوجه عدد كبير من المراقبين والمحللين السياسيين، انتقادات شديدة إلى سير العملية السياسية في البلاد، إذ يرون أن الحكومة الحالية غير قادرة على لمّ شمل الصوماليين، ويؤكدون أنها تقود البلاد إلى المزيد من التقسيم، وتُكرّس سياسة الفرقة والعداء بين الأطراف الصومالية، في حين يأتي المؤتمر عقب جهود إقليمية لحل الأزمة السياسية في الصومال، وآخرها المفاوضات الإثيوبية التي أوصلت الأطراف السياسية في البلاد وخصوصًا الحكومة الصومالية وولاية جوبا، إلى اتفاق تاريخي، يعول عليه الكثيرون من المجتمع الدولي لإعادة الاستقرار والسياسي إلى الأقاليم الجنوبية من البلاد، كما يحاول المجتمع الدولي في الآوانة الأخيرة لعب الدور الوسيط بين الصوماليين، لإنهاء معاناة استمرت لسنوات طويلة، حيث تجري الحكومة مشاورات حثيثة مع المسؤولين الأممين لدعم جهودها السياسية والأمنية في البلاد، وكذلك إعادة إعمار البلاد الذي تدمر بفعل الحرب الأهلية .
وقد أوفد عدد من الدول الأوروبية بعثاتها إلى الصومال، للمشاركة في العملية السياسية والديمقراطية في القرن الأفريقي وإرساء قيم السلام والمحبة بين الصوماليين، بعد سنوات من الاقتتال والحروب التي وضعت أوزارها بعد انسحاب مقاتلي "حركة الشباب" في العديد من المناطق جنوب البلاد .
وقال منتقدو الجهود الحكومية، إنها تهدف إلى تجميل سياستها أمام المجتمع الدولي قبل انعقاد المؤتمر الصومالي، الذي ستستضيفه بروكسل في غضون أيلول/سبتمبر الجاري، وأنها لعبة سياسية من طرف الحكومة، تأمل بأن تعرض إنجازاتها السياسية والأمنية أمام المجتمع الدولي لكسب التأييد.
ورأى المحللون السياسيون، أن الحكومة الصومالية فشلت في عدد من القضايا ذات الأهمية الحيوية، مثل ضبط الأمن وبسط نفوذها على أجزاء الصومال بشكل أوسع عن ذي قبل، ولمّ شمل المناطق الصومالية، وخصوصًا تلك التي تُشمّر عن سواعدها للانفصال عن البلاد، ومحاربة التطرف ولا سيما "حركة الشباب المجاهدين".
ويُعد هذا المؤتمر هو الثالث من نوعه، من سلسلة المؤتمرات الوطنية التي تنظمها الحكومة الصومالية، حيث نظمت مؤتمرًا لإصلاح القضاء الصومالي، إلى جانب مؤتمر آخر بشأن إصلاح منظومة التعليم في البلاد.