عن تلك التي لم يٌغْفَر لها
آخر تحديث GMT19:17:04
 عمان اليوم -

عن تلك التي لم يٌغْفَر لها..!

 عمان اليوم -

 عمان اليوم - عن تلك التي لم يٌغْفَر لها..!

بقلم : محمد الوكيل

تلك، صديقي، حكاية ما عن تلك التي انضمت لأرضنا يومًا ما قبل عشرين عامًا ربما. دم جديد يُلامِس الأرض وروح جديدة جُعْلَت في جسد وعقل تم إخضاعهما بأسرع ما يمكن.. كيف يجعلون لها صوتًا أصلاً، هم الذين تربوا جيلاً بعد جيل على أنهم ليسوا عائلة وإنما مصنعًا للبشر الآليين..؟ هكذا كانت هي النموذج الجديد.. بُرمِجَت على قوانينهم، حُرِمَت من كل ما داخل العقل وربما بعض ما داخل القلب من جمال، فتخلّف الكثير من العطب مما يسمونه في مصطلحات الناس (توتر، قلق، خوف، يأس، اكتئاب).. حاولوا كثيرًا، هم المتخصصون في إصلاح أعطاب آلاتهم، إصلاح هذا بقليل من الاهتمام.. يهمهم فقط أن تنتج آلة جديدة رائعة الشكل تفعل كل ما يشاؤون.. منذ متى كنتَ تهتمّ أن يشعر هاتفك المحمول بالملل من فرط استعمالك؟ بذلوا حياتهم كلها فقط لتستمر هي.. فقط لتستمر في الحياة وتستمرّ في إرضائهم، تستمرّ في تألقها كنموذج جديد مرموق محسود للآلات البشرية الناجحة دومًا القويّة (المظهر) دومًا.. استمرت في الخارج تقاتل لأجلهم، وفي الأعماق تقاتل لأجلها.. معركة فاشلة غير متكافئة، آلة تحاول هزيمة صانعيها..! هكذا تستمر معارك الخارج وتنتصر هي فيها كلها، وتكتسب فقط إنسانًا حبيسًا بسلاسل كسلاسل الجحيم إلى قعر الأعماق..! معركة ثم معركة ثم معركة.. لا شئ.. لا نهاية.. أبدًا لم تكن حرة.. أبدًا لم تكن هي.. أبدًا ظلّت ال(هي) حبيسة خلف ذلك الباب.. مفتاحه دفين بداخلها، سينفتح إن كانت صادقة، إن كانت هي.. لكن يدها الآلية لا تستطيع فقط سوى إرضاءهم، لا إرضاءها..! الآن يتربّع كلانا في زنزانته.. مقيّدة هي بسلاسل جحيمية إلى الجدران، حرّ أنا من السلاسل كسرت شقًّا في الباب الخشبي، لكن ما أزال أبحث عن المفتاح.. لم يُغْفَر لي ولم يُغْفَر لها.. وأبدًا لن نُغْفَر ما لم نجد مفتاحينا.. ما لم تتحرر هي من سلاسل الجحيم تلك..! أطلّ عليها كل يوم من فرجة النافذة الضيقة جدًا، أستمع لحكايتها هي هي كل يوم متحسسًا لحيتي الضخمة.. لستُ إلا مثلكِ، يا (هـ).. مضى العمر ولم أكن سوى آلة، كسرتُ السلاسل قبل أعوام لكن السجن ليس السلاسل.. السجن هو تلك الجدران التي لم تنهدم وربما لا تفعل أبدًا.. أكره أن تكوني مثلي.. لا تكوني مثلي، أبدًا لم أكن حرًا، أبدًا لم أكن أنا.. أبدًا لم أغفر لنفسي، أبدًا لم يُغفَر لي..! يا فتاة: جِدي مغفرة ذاتك..!

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن تلك التي لم يٌغْفَر لها عن تلك التي لم يٌغْفَر لها



GMT 12:49 2023 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

القلب الممتلىء بالوجع

GMT 11:11 2023 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

لم يعد مهمّاً بعد اليوم أن يحبّنا أحد

GMT 11:49 2023 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

فلسطين والقدس الأبية

GMT 13:45 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لماذا أكتب لك؟؟ وأنت بعيد!!

GMT 13:43 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أنا النزيل الأعمى على حروف الهجاء ( في رثاء أمي الراحلة)

GMT 11:34 2023 الخميس ,07 أيلول / سبتمبر

السقيفة الملعونة

GMT 10:08 2023 السبت ,26 آب / أغسطس

أنت الوحيد

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 18:42 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 عمان اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025

GMT 13:53 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
 عمان اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 13:39 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
 عمان اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab