استمتع بعطلتك على نهر لوغانو وسط طبيعة خلاَّبة ومناخ لطيف ودقة سويسرية
آخر تحديث GMT09:01:09
 عمان اليوم -

أهلها يتحدثون بلغة دانتي ويعيشون على الطريقة الإيطالية

استمتع بعطلتك على نهر لوغانو وسط طبيعة خلاَّبة ومناخ لطيف ودقة سويسرية

 عمان اليوم -

 عمان اليوم - استمتع بعطلتك على نهر لوغانو وسط طبيعة خلاَّبة ومناخ لطيف ودقة سويسرية

نهر لوغانو
لندن - عمان اليوم

تطل على نهر لوغانو الشهير من كلّ الروائع والمكارم الطبيعية التي حبا الخالق بها سويسرا من جبال شاهقة تكلّلها الثلوج وغابات على امتداد النظر وبحيرات منثورة بسخاء بين مراعيها الخضراء، لم يمنحها نعمة الإطلال على البحر الذي قال عنه مؤخراً أحد أطبائها المشهورين بأنه أفضل وأرخص دواء في العالم، لكن ثمّة بقعة في هذه البلاد، على مقربة من الحدود الإيطالية، حيث بإمكانك أن تشعر بأنك تعيش على ضفاف المتوسط، تنساب فيها الحياة على وقع ما هو شائع على ضفافه وسائد من عادات بين أهله. إنها مدينة «لوغانو»، العاصمة الاقتصادية لإقليم «تسّينو» السويسري، التي لا يتحدّث أهلها سوى بلغة دانتي ويعيشون على الطريقة الإيطالية.

وتقع هذه المدينة عند سفح جبل «سان سالفاتوري» مطلّة على واحدة من أجمل البحيرات في سويسرا والعالم، أول ما يعتريك من شعور هنا أنك أمام بطاقة بريدية أو لوحة زيتية، ومن المستحسن أن تخصّص الوقت الكافي للتمتّع بهذا الجمال الطبيعي الفائض، والنادر، الذي يزيده تألقاً الذوق المعماري الرفيع والنظافة التي هي من سمات أهل هذه البلاد. وتكفيك دقائق من التأمل في هذه المشاهد، كي تدرك أن هذا المكان ليس لأن تقضي فيه ساعات أو أياماً، بل لتمضي فيه العمر كلّه لما يجمع من مناخ لطيف ومطبخ متوسطي وتنظيم على الطريقة السويسرية.

زيارتي الأخيرة لهذه المدينة اقتصرت على نهاية أسبوع أعتقد أنها تكفي لتذوّق نكهة الحياة فيها والاستعداد للإدمان على مفاتنها، يبدأ النهار في العاشرة صباحاً بفطور في «المقهى الكبير» المطلّ على الميناء Grand Café Al Porto الذي لم يغلق أبوابه منذ افتتاحه في عام 1803، والذي ما زال المقصد المفضّل للفنّانين وأهل الفكر والأدب والسياسة، والبورجوازية التي يجذبها هذا النمط الهانئ من الحياة.

في الطابق الأول من هذا المقهى يوجد الصالون الفلورانسي، الذي كان في الماضي قاعة الطعام الرئيسية في الدير الذي قام في المبنى منذ تشييده في القرن السادس عشر حتى أوائل القرن السابع عشر. هنا، في هذه القاعة التي هي أقرب إلى المخبأ، تدرك لماذا وقع الاختيار عليها لعقد الاجتماعات السريّة بين الأميركيين والنازيين عند قرب نهاية الحرب العالمية الثانية فيما يعرف بعملية «الفجر». لكنك اليوم ستنسى كل المكائد أمام قطعة الحلوى التي يقدّمها لك هذا المقهى حسب الوصفة التي كان يعتمدها الرهبان في ذلك الزمان.

على بعد خطوات من هذا المقهى يقوم آخر لا يقل عنه جمالاً وعراقة، هو مقهى «فانيني» الذي يقال إن الشوكولاته الساخنة التي يقدّمها منذ عام 1871 هي الأفضل في سويسرا. وللذوّاقين المرهفين، أنصحهم بعدم مغادرة هذه المدينة قبل تذوّق جبنة Alpe Piora المصنوعة من حليب الأبقار التي ترعى في وادي «ماجي» على علو 2000 متر عن سطح البحر.

 من هناك ننتقل إلى مبنى البلدية الجميل الذي يعود لعام 1845، والذي يستحق زيارة ضمن جولات منظمة برفقة دليل يشرح تاريخ هذا المبنى الحافل بالمفاجآت. ومن المبنى نتجّه إلى شارع Nassa - تعني شبكة الصيد بالإيطالية - إذ كانت المدينة في الماضي قرية للصيّادين على ضفاف البحيرة. وهو من أجمل شوارع المدينة، محفوف بالقناطر القديمة ويزخر بالمتاجر الفخمة والمطاعم الفاخرة والحوانيت التاريخية.

الهندسة المعمارية حاضرة بقوّة في لوغانو، خاصة بعد أن أقام فيها المهندس الإيطالي الشهير مايوبوتّا أكاديميته المعروفة التي يتهافت عليها كبار المهندسين العالميين، وشاركوا معه في تصميم عدد من المباني التي تفاخر بها هذه المدينة. ولعلّ أجمل أعماله هنا هي محطة حافلات النقل العام التي يغطّيها هيكل معدني تتبدّل ألوانه في الليل حسب الفصول: البنفسجي في الشتاء والأبيض في الصيف والأزرق في الربيع والوردي في الخريف.

عند نهاية شارع «ناسّا» يقوم مركز الثقافة والفنون، وهو أقرب إلى المختبر التفاعلي الذي ينظّم أنشطة إبداعية للزوّار في الرسم والنحت والتصوير وفنون أخرى عديدة، بعد أن كان متحفاً عالمي الشهرة يضمّ أهم مجموعة خاصة من اللوحات التي يملكها البارون تيسّن والتي نقلتها أرملته إلى مدريد في عام 1990.

من المباني التاريخية الجميلة أيضاً فيلّا «تشياني» التي تعتبر من روائع الهندسة المعمارية وإحدى أساطير ما يعرف بالزمن الجميل، ومبنى المكتبة العامة الذي يجمع بين عراقته من الخارج وأحدث الوسائل التكنولوجية التي يضمّها في الداخل.

حان موعد الغداء الذي يمتدّ هنا، بعكس المدن السويسرية الأخرى، حتى الثالثة بعد الظهر، والذي يُستحسن أن نختار له أيّاً من المطاعم المحيطة بالسوق الشعبية التي يعرض فيها المزارعون من القرى والمزارع المجاورة منتوجاتهم الطازجة التي تتزوّد بها المطاعم القريبة.

نترك لفترة بعد الغداء زيارة متحف Hermann Hesse، أشهر الذين سكنوا هذه المدينة، حيث جاءها في عام 1919 ولم يغادرها حتى وفاته في عام 1962. إنه من أجمل المتاحف المخصصة لكبار الكتّاب، يستعرض حياة المؤلف الغنّية في هذه البلاد حيث كان محور حركة ثقافية وفنّية نشطة، وإنتاج غزير أوصله إلى جائزة نوبل في عام 1946. ولعلّ أجمل ما في هذا المتحف الغرفة المخصصة للشواهد على الصداقة الوطيدة التي ربطت «هسّيه» بالكاتب والمفكّر الكبير توماس مان، والتي تلخّصها تلك الجملة التي كانا يتبادلانها في رسائلهما خلال السنوات الأخيرة من حياتهما: (أرجوك ألا تموت قبلي).

بعد زيارة المتحف التي لا بد أن تترك أثراً في نفوس محبّي الأدب والمطالعة، وتدفع بهم إلى التأمل، اقترح نزهة على ضفاف البحيرة إلى أن يحين موعد العشاء. عندها أنصح بالتوجّه إلى مطعم «بوتّيغوني»، في شارع ماسّيميليانو ماغاتّي، حيث إن حالفك الحظ ورأيت على لوحة الأطباق اليومية المعروضة عند مدخله عبارة «أرز بالزعفران»، عليك أن تتخلّى عن أحمالك وهمومك وتتّخذ لك مقعداً وراء إحدى طاولاته الخشبية القديمة، لأنك ستكون على وشك أن تعيش لحظة لا تُنسى. عندئذ ستدرك أن بعض الأشياء البسيطة تكفي لصناعة المعجزات، وأن لوركا كان على حق عندما قال: «هو على حق دائماً ذلك الذي يشعر بالإعجاب». لوغانو، وأُرزها بالزعفران، معجزتان من طينة بسيطة جداً.

قد يهمك أيضا:

تعرف على أجمل الوجهات السياحية في ألبانيا جوهرة البلقان المخفية

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استمتع بعطلتك على نهر لوغانو وسط طبيعة خلاَّبة ومناخ لطيف ودقة سويسرية استمتع بعطلتك على نهر لوغانو وسط طبيعة خلاَّبة ومناخ لطيف ودقة سويسرية



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ عمان اليوم

GMT 08:36 2025 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

نتنياهو يشكر ترامب وبايدن لدورهما في الإفراج عن الرهائن
 عمان اليوم - نتنياهو يشكر ترامب وبايدن لدورهما في الإفراج عن الرهائن

GMT 09:01 2025 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

سلطنة عُمان ترحّب بالتوصّل إلى اتفاق الهدنة في غزة
 عمان اليوم - سلطنة عُمان ترحّب بالتوصّل إلى اتفاق الهدنة في غزة

GMT 20:23 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 23:46 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 04:43 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 09:26 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج العقرب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab