اشتباكات مسلحة في دارفور
الخرطوم ـ عبد القيوم عاشميق
شكلت محاولة اغتيال والي شرق دارفور عبد الحميد موسى كاشا، الأحد، صدمة للمتابعين للتطورات في إقليم دارفور بعد أن أطلق محتجون ينتسبون إلى قبيلة المعاليا النار عليه احتجاجًا على تصريحات له في أعقاب نزاع نشب، ويستمر حتى الآن بين قبيلتي المعاليا والرزيقات، فيما أجلت القوات الأمنية كاشا من داخل مبنى
تعرض فيه لإطلاق النيران والرشق بالحجارة، هذا وقام "العرب اليوم" باستطلاع رأي عدد من الخبراء للنظر في جذور الصراع وخطره بعد أن تمدد ليشمل ولايات شمال وجنوب ووسط وشرق دارفور.
يقول الصحافي السوداني أحمد محمد على حسين "إن أبرز صراع شهده الإقليم وقع بين العرب والفور في الثمانينات في القرن الماضي واستمر لعدة سنوات بسبب الموارد والمراعي، واستمرت محاولات الصلح لسنوات ولم تفلح في إنهاء الصراع إلا في الاسبوع الأول من العام 1989 م، وهو العام الذي تسلم فيه الرئيس السوداني عمر البشير السلطة وعلى خلفية هذا الصراع قام التمرد في دارفور بقياد داوود يحي بولاد الذي ينتمي إلى تيار الاسلاميين ذلك في العام 19990م، واستمر الصراع في الاقليم منذ ذلك التاريخ بين مكونات دارفور القبلية وأبرها التعايشة و السلامات والهبانية، والرزيقات، والهبانية والفلاتة، والقمر والبني هلبة ،والرزيقات والزعاوة، والرزيقات والمعاليا، والبرتي والميدوب، والرزيقات والبرقد، والبني حسين والرزيقات الأبالة، ورغم دموية وشراسة هذه الصراعات إلا أنه لا توجد إحصائية دقيقة بعدد ضحاياها، لكن الثابت والمتفق عليه أنها تسببت في مصرع المئات في الفترة الاخيرة وتسببت في حالات نزوح غير مشهودة".
ويضيف الصحافي أحمد محمد على حسين في حديثه إلى "العرب اليوم" " إن التحدي الأبرز أمام الحكومة الآن في دارفور السيطرة على النزاع القبلي لأن التمرد ونشاط الحركات المسلحة خفت حدته بدرجة كبيرة".
من ناحيته يقول الناشط الدارفوري محمد عبد الله المحامي "إن ما يجري في (غرب السودان) خطير للغاية وأن الدولة عليها أن تعترف بفشلها هناك".
وتساءل محمد عبد الله في تصريحات إلى "العرب اليوم" كيف لدولة تملك القانون والقوة والسلطة أن تقف عاجزة عن حسم الصراع القبلي في دارفور ؟ وانتقد أداء أبناء الإقليم في مؤسسات الحكومة المركزية.
مضيفًا "لا يجب أن نراهن على اي دور يقوم به هؤلاء بعد أن فقدوا ثقة أهاليهم وذويهم، فكثير منهم لا علاقة لهم بالواقع، فالأمر سيقود في النهاية إلى نتائج سيئة ،فهو أخطر من التمرد لأنه سيوسع من دائرة المواجهات، والعنف في الإقليم خصمًا على الامن، كما أن السلطة ستجد نفسها في وضع حرج وفي مواجهة في مع مجتمع دارفور في حال استمرارا عجزها عن حسم الصراع".
واختتم محمد عبد الله المحامي تصريحاته بالإشارة إلى أن الحكومة تتعامل الان مع الذين لا ارتباط لديهم لهم بالواقع في دارفور، وهؤلاء بكل أسف كما يقول الناشط محمد عبد الله المحامي "يعدوا جزءًا من الازمة والمشكلة في دارفور".
أما مستشار الرئيس السوداني السابق وعضو البرلمان الحالي المهندس عبد الله على مسار فيري "إنه من غير المنطقي دمغ أبناء دارفور ممن يتولون مواقع قيادية بالفشل في إدارة حوار مع مجتمعاتهم".
وقال "لا يجب أن نصف هؤلاء بالعاجزين عن فعل شيء إيجابي، مؤكدا أن أسباب النزاع في دارفور كثيرة أبرزها التمرد الذي تقوده الحركات المسلحة وضعف قدرات الحكومة في معالجة الأزمة و الطموح السياسي للبعض الذي يستثمر القبيلة لوصول إلى مناصب سياسية، يضاف إلى ذلك انتشار السلاح والصراع على الموارد والاراضي".
واضاف مسار لـ"العرب اليوم ": "لابد من الية جديدة تفرض على الجميع احترام هيبة الدولة في دارفور، ولابد للحكومة ان تتعامل مع الواقع في دارفور بما يستحق، فالتعامل مع التمرد يختلف عن التعامل مع الصراعات القبلية".
ووصف مؤتمرات الصلح القبلي بأنها "ما عادت ذات جدوى فهي لم تحقق النتائج المطلوبة، بل أنها أصبحت تشجع الناس على حسم خلافتهم بقوة السلاح".
وطالب مستشار الرئيس السابق الحكومة بإعادة النظر في أسس اختيارها للحكام في الاقليم، و لابد أن تبتعد عن الاختيار على أساس قبلي، وفوق هذا وذاك لابد من متابعتها لإخفاقات الحكام خاصة في ظل تهم تحيط ببعض من المسؤولين في حكومات دارفور.
وأشار إلى ان التمرد يسعي إلى أن يعم الصراع في الاقليم، لذا لابد من فرض هيبة الدولة ومحاسبة من يرتكب تجاوزات دون مجاملة لقبيلته او عشيرته.
من ناحيته قال والي شمال دارفور السابق اللواء طيار عبد الله على صافي النور "إن الامر يتطلب مراجعة للحكم الفيدرالي الذي ترتب عليه زيادة عدد الولايات وبالتالي زيادة عدد المحليات والتوسع في العمل السياسي دون يحقق ذلك نتائج لصالح الاستقرار حيث تسبب ذلك في تمدد القبيلة".
وأكد أن الأمر لا يرتبط بدارفور فقط بل يكاد يكون سمة عامة في أغلب ولايات بلاده .
أرسل تعليقك