سميرة موسى مس كوري المصرية رحلة شاقة من التفوق إلى الاغتيال
آخر تحديث GMT23:09:54
 عمان اليوم -

*أعادت صياغة كتاب الجبر الحكومي في المرحلة الثانوية

سميرة موسى "مس كوري المصرية" رحلة شاقة من التفوق إلى الاغتيال

 عمان اليوم -

 عمان اليوم - سميرة موسى "مس كوري المصرية" رحلة شاقة من التفوق إلى الاغتيال

سميرة موسى
القاهرة - أسامة عبد الصبور

"أمنيتي أن يكون علاج السرطان بالذرة مثل الإسبرين" كانت هذه واحدة من أشهر مقولات عالمة الذرة المصرية سميرة موسى، والتي لقيت حتفها في 15 آب/أغسطس العام 1952.
ووُلدت موسى عليان في قرية سنبو الكبرى، التابعة لمركز زفتى، محافظة الغربية في 3 آذار/ مارس العام 1917، ومن ضمن 7 بنات وولدين كانت هي الابنة الرابعة لوالدها الذي كان من الطبقة المتوسطة الريفية، وكان من المتعاطفين مع سعد زغلول والحركة الوطنية التي كانت في أوجها آنذاك.

وتعلمت في المدارس الأولية في قريتها، ثم واصل الأب رعايتها فانتقل بها إلى القاهرة؛ حيث اشترى فندقًا في حي الحسين وامتهن إدارته، كي يتمكن من إلحاقها بالمدارس النظامية، وبالفعل انضمت إلى مدرسة قصر الشوق الابتدائية، ثم مدرسة بنات الأشراف الثانوية، والتي كانت مديرتها نبوية موسى إحدى رائدات الحركة النسائية المصرية.

وأعادت صياغة كتاب الجبر الحكومي في العام الأول الثانوي، وطبعته على نفقة أبيها، ووزعته بالمجان على زميلاتها العام 1933، وبعدها ألّفت كتابًا خاصًا بها سمّته "الجبر الحديث" أهدته إلى أستاذها الفاضل محمد أفندي حلمي، وطبع منه أبوها 300 نسخة على حسابه الخاص.

وحصدت الطالبة سميرة الجوائز الأولى في جميع مراحلها التعليمية، فقد كانت الأولى على شهادة التوجيهية العام 1935، ولم يكن فوز الفتيات بهذا المركز معتادًا في مثل هذه الفترة، بعد مرحلة لم يكن مسموحًا لهن أصلاً بدخول هذه الامتحانات، ولفت نبوغها انتباه مديرتها التي أفردت معملاً خاصًا لتمارس فيه سميرة تجاربها العلمية، كما وظفت أفضل مدرسي علوم المدرسة من أجلها.

والتحقت موسى بعدها بكلية العلوم قسم الفيزياء؛ حيث تتلمذت على يد الدكتور مصطفى مشرفة، عميد الكُلية، الذي تنبه لنبوغها وعبقريتها إلى أن تخرجت في الجامعة العام 1942، وكانت الأولى على دفعتها ما استدعى تعيينها معيدة إلا أن الإدارة "الإنجليزية" رفضت بحجة كونها أنثى فما كان من مشرفة إلا أن أصر على تعيينها بل وهدد بتقديم استقالته مالم ينفذوا طلبه وبالفعل تم تعيينها.

واصلت سميرة أبحاثها وتجاربها المعملية في كليتها حتى سافرت إلى جامعة بدفورد في إنجلترا وهناك حصلت على الماجستير في "التوصيل الحراري للغازات"، أما الدكتوراه فقد حصلت عليها خلال عامين، بالرغم من أن المدة المخصصة لها 3 أعوام، وكان موضوعها "خصائص امتصاص المواد لأشعة إكس"، وهذا هو سبب اللقب الذي أُطلق عليها بأنها "مس كوري المصرية".

ثم قضت بعدها العام الثالث في أبحاث متصلة وصلت من خلالها إلى معادلة مهمة تُمكنت من تفتيت المعادن الرخيصة مثل النحاس، بالإضافة إلى الكثير من الأبحاث الأخرى التي كتب عنها أحد أساتذتها: تجارب سميرة موسى قد تغير وجه الإنسانية لو وجدت المعونة الكافية.

وكانت تأمل بأن تسخّر الذرة لخير الإنسان وتقتحم مجال العلاج الطبي؛ وكانت تقول "أمنيتي أن يكون علاج السرطان بالذرة مثل الإسبرين"، ونزلت متطوعة للخدمة في مستشفيات القصر العيني؛ للمساعدة في علاج المرضى بالمجان.

سميرة موسى مس كوري المصرية رحلة شاقة من التفوق إلى الاغتيال

وقد عاصرت نهاية الحرب العالمية الثانية، وتجارب القنبلة الذرية التي دكَّت هيروشيما وناغازاكي العام 1945 ولفت انتباهها الاهتمام المبكر من "إسرائيل" بامتلاك أسلحة الدمار الشامل، فقامت بتأسيس هيئة الطاقة الذرية المصرية بعد 3 أشهر فقط من إعلان الدولة "الإسرائيلية" العام 1948، وحرصت على إيفاد البعثات إلى الخارج للتخصص في علوم الذرة، وكانت أول من نوه إلى أهمية التسلح النووي، وضرورة مجاراة التقدم العلمي في هذا المجال.

وفي العام 1952 كانت الدكتورة سميرة موسى في بعثة علمية إلى الولايات المتحدة لاستكمال أبحاثها العلمية في جامعة سان لويس بولاية ميسوري الأميركية، وفي 15 آب كانت على موعد لزيارة أحد المفاعلات النووية الأميركية في كاليفورنيا، وأثناء مرور سيارتها فوق طريق جبلي كثير المنحنيات، وعلى ارتفاع 400 قدم صدمتها سيارة نقل كبيرة أسقطتها إلى عمق الوادي.

وقفز سائق السيارة واختفى إلى الأبد، وبعد ذلك أظهرت التحقيقات أنه كان يحمل اسمًا مستعارًا، وأن إدارة المفاعل لم تبعث بأحد لاصطحابها، ولم تكشف هوية سيارة النقل التي ظهرت في طريقها ولا من كان فيها.
وفي النهاية تم إدراج الحادث ضد مجهول، في سلسلة اغتيالات دموية راح ضحيتها 146 عالم ذرة من دول العالم الثالث في الفترة من العام 1959 إلى العام 1985،  على رأسها الهند وباكستان وجنوب أفريقيا ومصر دون الكشف أبدًا عن الجناة، لتفقد مصر والأمة عربية واحدة من أفضل العقول في الطاقة الذرية.

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سميرة موسى مس كوري المصرية رحلة شاقة من التفوق إلى الاغتيال سميرة موسى مس كوري المصرية رحلة شاقة من التفوق إلى الاغتيال



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ عمان اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

إطلالات كيت ميدلتون أناقة وجاذبية لا تضاهى
 عمان اليوم - إطلالات كيت ميدلتون أناقة وجاذبية لا تضاهى

GMT 09:55 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الوجهات السياحية لعام 2025 اكتشف مغامرات جديدة حول العالم
 عمان اليوم - أفضل الوجهات السياحية لعام 2025 اكتشف مغامرات جديدة حول العالم

GMT 21:08 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
 عمان اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 20:08 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

تطوير أدوية مضادة للفيروسات باستخدام مستخلصات من الفطر

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab