باب النظرة يفضي إلى البوح والشعر
آخر تحديث GMT19:17:04
 عمان اليوم -

"باب النظرة" يفضي إلى البوح والشعر

 عمان اليوم -

 عمان اليوم - "باب النظرة" يفضي إلى البوح والشعر

أبوظبي ـ العرب اليوم

كثيرةٌ هي المسافات التي تخطّاها الشاعر الإماراتي أحمد العسم في مجموعته الشعرية "باب النظرة"، باحثاً عما هو أصيل في ذواتنا وفي ذاته قبل كلّ شيء، ليجد كل الأصالة وقد باتت متعبة من زحمة الآن وهنا، فببساطة أرواحنا تنفذ منها الطمأنينة يوماً بعد يوم، لأننا وببساطة صرنا فاقدين للذة الحياة البسيطة. في هذه المجموعة الشعرية، الشعر المقروء، شعرٌ حديث، واللغة الشعرية عربية فصيحة، لكنها لطيفة خالية من التعقيدات اللغوية، تقترب من القارئ في عاميته ليفهم كل معانيها ويدركها، خاصةً وأنّها تلامس شيئاً ما بداخله. فمن الإمارات إلى كل بقعة في الوطن العربي، تنتشر الكلمات بالتزامن مع التطوّر الحيوي والمعيشي الذي بات إفرازاً طبيعياً من منتجات اليوم. 24 قصيدة تتراوح بين الطويلة والمتوسطة والقصيرة، شملها "باب النظرة"، وتنوّعت بموضوعاتها التي طغى عليها طابع الحنين والوجع أحياناً، والحب والأمل أحياناً أخرى. وكان العنوان قد جاء من قصيدة "باب النظرة" الموجودة داخل المجموعة، والتي كتب شاعرنا في بدايتها: هذا الصباحُ الذي أطلّ بلهفتِهِ من فمكِ لم يلتفت إلى حزني الممدّدِ على الشجرةِ المملوءةِ بالندى ارتبطت قصائد العسم في الديوان، بالأماكن، فمعظم قصائده لم تخلُ من الإشارة إلى مكانٍ أو أكثر، وأحياناً تكون الإشارة متخفية ما بين الكلمات ولا تعرض بكلمة واحدة واضحة، ويبدو تعلّق الديوان بالأماكن جلياً من خلال عنوانه الذي يوحي أصلاً بمكانٍ ما، أو على الأقل بمدخلٍ إلى مكانٍ ما. ففي قصيدته "منفى الألم" أشار في الحقيقة إلى المنفى كمكان، إلا أنه يماهي ما بينه وبين جسده لنعرف أنّها آلام الحياة: جسدي منفى الألمِ وحاضنُ غيابه في هذه الزاوية من الوقتِ لا أملكُ من أمري شيئاً ولا يُذعنُ للخافتِ صوتُ الحياة بينما في قصيدة عنوانها "قدم في العاصمة"، المكان يتجلّى بصفته الحقيقية والواضحة، وهنا يقول أحمد العسم: "في كل مرة أكتب فيها الشعر، تأخذني الحروف والكلمات نحو أماكن أحبّها كثيراً، حيث تسهم هذه الأماكن بإعطائي الإيحاءات والحالات والصور الشّعريّة، ويتكرر هذا حسب الحالة التي أكون فيها"، يقول: في سَيح البريراتِ وعند ظُرفكَ الأليمِ تقفُ شجرةُ سمرٍ تفتحُ صُرّتكَ المشحونةَ بالشجبِ والتنديدِ بعض الأماكن في "باب النظرة"، تمتزج بالثقافة الإماراتية المحلية، قد لا يعرفها إلا من ينتمي لهذه البيئة، إلا أنّ المعنى لا يتوقف عند معرفة الأماكن فقط، إنه أعمق بكثير وقد ينطبق على حالات كثيرة دون التشبث بالمعنى الحرفي لكل مكان. فضلاً عن أنّ بعض الأماكن المذكورة في قصائد الديوان تحيل إلى الثقافة الإنسانية كلها، وترتبط بمخيلة كل إنسان. ميزة أخرى من قصائد الديوان، تتجسّد بكونها طويلة بالنسبة إلى قصائد غيره ممن يكتبون الشعر الحديث، ونكتشف من هذا الطول أنّ أحمد العسم يمتلك نفساً شعرياً مستمراً أعطاه القدرة على كتابة قصيدة شعرية واحدة تمتد على صفحات، دون الحاجة إلى تقطيعها وفصلها إلى مقاطع. وقد جعلت هذه الاستمرارية كل قصيدة أشبه بقصة قصيرة، حيث اعتمد فيها شاعرنا على أدوات القصة من البداية إلى النهاية، والأساس كان وجود الحكاية التي يريد أن يحكيها العسم لنا. صارت "العزلة" الإنسانية والاجتماعية مصير كل الشعراء والكتاب والفنانين في مجتمعاتنا، خاصةً في مجتمعات الدول الخليجية التي تغزوها الحضارة التكنولوجيا والخدماتية، ففي هذه البلدان، يأخذ الشاعر زاوية منفصلة عن كل الأماكن، ويحاول أن يرسم واقعه كما يراه بالكلمات والحروف. وأمّا أحمد العسم، فللتفاصيل في هذا الزمان معنىً آخر بالنسبة له، أو أنّه يعبّر عنها بطريقة مختلفة تأخذنا عنوةً إلى محاولة الفهم والاقتراب من المعنى، ففي قصيدته "عيون كبيرة للوسواس"، يبلغ المعنى حداً يجب التفكير فيه كثيراً عندما قال: لا تضمّ يدك وتبحلق في السفرِ البلادُ على العظمِ وفي قلبِ النخلةِ فأسٌ لتعود الغربة وتتضح لنا وله بشكلها الأبشع، إنها غربة داخل الوطن وداخل غرفنا الخاصّة، وهو ما يشير إليه العسم في قصيدته "غربة الغرف" بغض النظر عن الأسباب التي تحيل إلى الشعور بالغربة عند شخص وآخر. وقد تحدّث العسم عن غرفه الخاصّة به فقال: "مررت بتجربة مؤلمة جداً، دفعتني إلى كتابة مثل هذه القصائد، والشاعر بطبيعته لا يصرّح بألمه، إنما يحاول تحويله إلى الشعر. وأما الغرف التي أذكرها فهي غرف المستشفيات التي اضطررت إلى التنقل فيما بينها، من الإنعاش إلى الجراحة إلى.... وقد كنت وقتها في حالة عزلة تامة". ويضيف: "لكن ورغم كل الألم والوحدة التي حاصرتني في غرف المستشفيات، إلا أنّ هذه الغرف قد حرّضتني على الحياة بقوة"، يقول: في الليل تسعل الغربةُ تحت سريري الغربةُ بيئةٌ طاردةٌ في هذه الغرفةِ ومفزعةٌ أحياناً وإلى جانب "باب النظرة" أصدر الشاعر أحمد العسم أكثر من مجموعة شعرية، منها: "يحدث هذا فقط"، "ورد عمري" ومجموعة مشتركة بعنوان "مشهد في رئتي"، كما أنّه رئيس الهيئة الإدارية لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات، فرع رأس الخيمة منذ العام 2000، وقد نشر أعماله في المجلات والجرائد والدوريات داخل الإمارات وخارجها.

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باب النظرة يفضي إلى البوح والشعر باب النظرة يفضي إلى البوح والشعر



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 18:42 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 عمان اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025

GMT 13:53 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
 عمان اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 13:39 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
 عمان اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab