روجيه غارودي يصف السياسة الأميركية بأنها شركة إنتاج همّها الربح
آخر تحديث GMT10:14:45
 عمان اليوم -

روجيه غارودي يصف السياسة الأميركية بأنها شركة إنتاج همّها الربح

 عمان اليوم -

 عمان اليوم - روجيه غارودي يصف السياسة الأميركية بأنها شركة إنتاج همّها الربح

المفكر الفرنسي روجيه غارودي
واشنطن ـ العرب اليوم

وصف المفكر الفرنسي روجيه غارودي الولايات المتحدة الأميركية بأنها: شركة للإنتاج يجمعها بصفة أساسية هدف واحد: الربح والمال، تعتبر كل هوية شخصية، ثقافية، فكرية أو دينية، شيئًا خاصًا، فرديًا للغاية، لا يتداخل مع سير النظام.

 ويمنحنا هذا التعريف المختصر المفيد القدرة على توقع خطوات أميركا كدولة لا تعمل إلا وفق معيار الربح المادي، يمكن بسهولة أن تتخلى عن وعودها وتنقض اتفاقياتها الدولية لو تعارض الأمر مع هذا المعيار وبغض النظر عن نتائج ذلك على الجميع حتى حلفائها، بدا هذا واضحًا للغاية في اجتماع الدول السبع الصناعية الكبرى في كندا حديثًا.

وأعرب دونالد تاسك، رئيس المجلس الأوروبي، عن هذه الإشكالية حين حذر من أن موقف ترامب بشأن حرية التجارة واتفاقية المناخ والملف النووي الإيراني يشكل خطرًا حقيقيًا، وأكد على أن النظام الدولي المرتكز على حكم القانون يواجه مخاطر، والأغرب هو أن الذي يشكل هذا الخطر ليس المشتبه فيهم المعتادون لكن مهندس (هذا النظام) وداعمه الرئيسي وهو أميركا.

ونجد الرئيس الأميركي الأسبق بوش الأب علق على قمة ماستريخت في أوائل التسعينيات، التي مهدت لتأسيس الاتحاد الأوروبي، قائلًا: تعطي أوروبا الأكثر وحدة للولايات المتحدة شريكًا أكثر فاعلية، قادرًا على تحمل أكبر المسؤوليات، وحذر بوش المجتمعين حينذاك من اتخاذ أي سياسات حمائية، ما حذر منه بوش سابقًا ينفذه ترامب حاليًا بإجراءات حمائية ضد أوروبا واليابان والصين وكندا والمكسيك، فما كان في التسعينيات في مصلحة أميركا العظمى أصبح الآن ضدها!! الدول الصناعية الكبرى لم تصمت على الانقلاب الأميركي بل هددت بإجراءات مماثلة.

ترامب يريد إيقاف الإغراق الصيني لأسواق بلاده، في حين أن أميركا تحتكر، على سبيل المثال، تجارة الصويا وتصدر ملايين الأطنان من الكُسب كعلف للحيوانات يعتمد غذاء أوروبا من اللحوم على ذلك، وحتى يبقى الحال على ما هو عليه نجحت في غلق مصنعين في فرنسا وإيطاليا لمنع الإنتاج الصناعي للبروتين باستخدام عملية صناعية خاصة بتكرير البترول ابتكرها عالم فرنسي.

تحاول أميركا أن تتملص من كل تعهداتها السابقة وكذلك النظام العالمي الذي أرست قواعده لأنه لم يعد في صالحها بعد بزوغ الصين كقوة اقتصادية ومنافستها بقوة على قمة الاقتصاد العالمي، انتخاب ترامب وتصدره المشهد ليس صدفة، فهو أداة الدولة العميقة لإحداث هذا الانقلاب، ولم يكن باستطاعة أي رئيس أميركي آخر أن يقوم بدور المهرج كما يفعل ترامب، فليس هناك عاقل يمكن أن يقبل القيام بهذا الدور، لكنه دور يلائم شخصية ترامب الاستعراضية ووعوده أثناء حملته الانتخابية، وعادة وعود الحملات الانتخابية لا تنفذ إلا في حالة كونها معبرة عن اتجاه الدولة والمؤسسات الأميركية وتكتلات أصحاب المصالح بها، وأنا أعتقد أن بعد انتهاء ترامب من مهمته سيتم الاستغناء عنه.

 استخدمت أميركا ببراعة خدعة الخنازير المعروفة، وبعد أن يتم لها ما تريد ستزيح ترامب عن المشهد العالمي، وهناك اتهامات جاهزة تجيز إقالته وحينذاك سيتنفس العالم الصعداء دون أن ينتبه أن الأمور باقية على ما هي عليه، وستروج آلة الإعلام الأميركية العملاقة لصورة أميركا زعيمة العالم الحر ومنقذة الديمقراطية.

النظام العالمي التي أسسته أميركا بعد الحرب العالمية الثانية وأجبرت العالم كله على الانصياع له يترنح بسببها، ويذكرني هذا برواية فرانكشتين، النظام العالمي لم يعد صالحًا، ليس لأن أميركا قررت ذلك، لكن لأنه نظام فاسد وغير عادل، لم يضع في حسابه دول العالم الثالث التي تكافح من أجل تنمية حقيقية يتم إجهاضها على يد المؤسسات المالية الدولية التي أسستها أميركا لتنفيذ سياستها وإحكام سيطرتها وهيمنتها على العالم. نحن في مفترق طرق، مصر مثل باقي دول العالم، الكل يبحث عن بديل لنظام أوشك على الانهيار، لكن هذه المرة يجب أن يكون لدول العالم جميعا وكذلك شعوبها رأى وموقف، على العالم كله أن يتحد من أجل الوصول إلى نظام عالمي ذي وجه إنساني، يقوم على المشاركة وليس المغالبة والتسلط.

المشكلة الحقيقية هي في التوافق على المفاهيم التي يجب أن تسود المستقبل والنظام الاقتصادي الأكثر نفعاً لعموم البشر حول العالم، ووضع معايير لأولويات الحياة في عالم تتسارع فيه وتيرة الاستهلاك إلى حد الإبادة.

 

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روجيه غارودي يصف السياسة الأميركية بأنها شركة إنتاج همّها الربح روجيه غارودي يصف السياسة الأميركية بأنها شركة إنتاج همّها الربح



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 09:25 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:56 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج السرطان

GMT 17:07 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 09:54 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الحوت

GMT 21:12 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 05:12 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

القمر في منزلك الثامن يدفعك لتحقق مكاسب وفوائد

GMT 04:25 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab