كلنا مغاربة العالم

كلنا مغاربة العالم

كلنا مغاربة العالم

 عمان اليوم -

كلنا مغاربة العالم

بقلم : المريزق المصطفى

مرة أخرى يعود الملك محمد السادس في خطابه السامي الأخير بمناسبة ثورة الملك و الشعب للحديث عن مغاربة العالم، مجددا اهتمامه بما يقرب 5‚4 مليون مهاجر مغربي خارج الوطن.

ويأتي هذا الاهتمام، كاستمرارية للمواقف التاريخية التي عبر عنها الملك، في مناسبات عديدة، والتي تخص حقوق وكرامة المهاجرين و حمايتهم من العنصرية و التطرف و العنف، في زمن عالم متحول ومتوحش يأكل كل من لا يقوى على المنافسة الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية.

و لعل ما يثير انتباه كل المتتبعين لقضايا الهجرة و المهاجرين، هو الخطاب المزدوج الذي يتغنى بحقوق المهاجرين و بدورهم هنا و هناك، في حين يثبت الواقع السطو على حقوقهم الدستورية تحت مبررات تافهة لا تقنع أي كان.

ومن دون النبش في الماضي بحثا عن أمجاد و صمود نضالات المهاجرين من أجل الكرامة هناك ودولة الحق والقانون هنا، أو البحث في مسارات القلق الانتقالي وتواريخه، وما صاحبها من قراءات فكرية ومقاربات علمية لمسألة الهوية والتراث والحضور والغياب والوجود والخوف، تظل حقوق المواطنة في مهب الريح ومرتكنة في الظل.

إن هذا الزمان المتوقف، والمجهول المصير والاحتمالات، أصبح مغامرة ومخاطرة غير محسوبة العواقب، تندر بأزمة أخلاقية وحقوقية بين مؤسسات الدولة وبين مغاربة العالم والرأي العام المساند لهم ولحقوقهم.

فمنذ أزيد من عقد ونصف، ومغاربة العالم ينتظرون الاعتراف الكامل بمواطنتهم، وفي كل مناسبة تصير الوعود والالتزامات أكذوبة وتمويه، وتتحول مطالبهم إلى مزايدات سياسوية وحقوقية، يحركها وعي سطحي، وغريزة أمنية بالية، وسمفونية مبحوحة تذكرنا بألغام وحجج اليمين المتطرف

إن هذه اللحظة المفصلية من عمرنا الوطني، لا يمكن أن نسكت فيها عن مطالب القوى الديمقراطية المدافعة عن مغاربة العالم، ولا يمكن الاستمرار في التعامل مع "المهاجر المغربي" ك"أجنبي، غريب ومجهول و مخيف"، يجب التعامل معه بحذر و البحث عن كيفية فهمه و التعرف عليه. فكم من دراسات أنجزت حول مغاربة العالم؟ وكم كلفت هذه الدراسات خزينة الدولة؟ وما هي تداعيات هذه الدراسات؟ وكم من مؤتمرات أقيمت هنا وهناك؟ وماذا كانت النتيجة؟

لقد قطعت مسيرة الهجرة المغربية مسافات تاريخية وحضارية وثقافية ومدنية لتغيير سمات العلاقات الإنسانية مع جغرافية وبشرية الاستقبال من دون أن تنسى الحنين إلى قساوة الوطن ومرارته وغربته، في زمن عجز فيه التلاقح الثقافي و الحضاري و المعاهدات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الديبلوماسية عن إلحاق مغاربة العالم بالركب الديمقراطي و بهيآت المناصفة ومؤسسات المجتمع المدني وبأفكار حقوق الإنسان المنتشرة منذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1984

حق مغاربة العالم في المشاركة السياسية و في باقي الحقوق، لا يمكن تأجيله مهما كانت الأسباب، ولا يمكن تسيسه كيفما كانت المبررات، ولا يمكن تجزئته على أقساط
إن إسهامات مغاربة العالم، إسهام الممكن والمستحيل، في مجتمعات ذات تقاليد عريقة في المواطنة و الديمقراطية، إنها تشكل اليوم مرجعا أساسيا في خبرة تنظيم و تدبير التنظيمات والمؤسسات الجهوية، كما تعتبر رافدا من روافد المد الديمقراطي الأصيل في بلادنا. و من هنا يعتبر إشراك مغاربة العالم في حلم بناء المغرب الحداثي الديمقراطي، مسألة ضرورية لتقوية الروابط مع الوطن و مع المشترك الذي يجمعنا نساء و شبابا و رجالا، للإسهام في كل الأوراش الاقتصادية و الاجتماعية، لقطع الطريق على التطرف والعنف والإرهاب، وبناء مؤسسات قوية تحافظ على المكتسبات وتطورها وتخلق بدائل جديدة، أساسها التنمية المستدامة و العدالة المجالية القائمة على التضامن و العقلنة و التواصل و التعاون و القرب

إن تمكين مغاربة العالم من المواطنة الكاملة، شرط ضروري لبناء مغرب الغد، كما أن تفعيل حق المشاركة السياسية في الانتخابات التشريعية المقبلة و ضمان حق التصويت حق من حقوق الإنسان، من أجل الوفاء للمعاهدة الدولية لحماية العمال المهاجرين و أسرهم و التي صادق عليها المغرب مع رفع كل التحفظات حولها

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلنا مغاربة العالم كلنا مغاربة العالم



GMT 19:34 2016 الخميس ,30 حزيران / يونيو

المريزق يكتب: حول ما نريد

أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

إطلالات كيت ميدلتون أناقة وجاذبية لا تضاهى
 عمان اليوم - إطلالات كيت ميدلتون أناقة وجاذبية لا تضاهى

GMT 09:55 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الوجهات السياحية لعام 2025 اكتشف مغامرات جديدة حول العالم
 عمان اليوم - أفضل الوجهات السياحية لعام 2025 اكتشف مغامرات جديدة حول العالم

GMT 09:25 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024
 عمان اليوم - اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024
 عمان اليوم - كريم عبد العزيز يتحدث عن الرقم واحد وهذا ما قاله عن هنا الزاهد

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab