اقتراح علمي لمكافحة الإرهاب والصراع

اقتراح علمي لمكافحة الإرهاب والصراع

اقتراح علمي لمكافحة الإرهاب والصراع

 عمان اليوم -

اقتراح علمي لمكافحة الإرهاب والصراع

بقلم: د. جون هاغلين

كل الدول اليوم معرضة إلى خطر الاعتداء. فالمناهج الدفاعية والاستراتيجيات العسكرية التقليدية في عجز متزايد إزاء حماية دولها ضد أي هجوم إرهابي.‬ نرى تحالفات عسكرية تتشكل لمحاربة الارهاب وبالاخص في منطقة الشرق الاوسط. لكن هل ستكون هذه التحالفات قادرة على منع وقوع هجمات ارهابية في المستقبل ‬ووقف الصراعات الراهنة وايجاد سلام دائم؟‬‬‬‬‬‬‬‬

للأسف، الخيارات المتوفرة لدى القادة السياسيين والعسكريين لمكافحة الارهاب والحد من الصراعات ضعيفة.فالعقوبات الاقتصادية والضغوط الدبلوماسية غير فعّالة للقضاء على الارهاب. والردود العسكريةتزيد من العدوانية وتشعل فتيل الثأر والانتقام لدى الشعوب وتؤدي إلى المزيد من العنف والارهاب - وهذه نتيجة حتمية لمحاولة تحقيق السلام من خلال استخدام العنف. إذن، كيف يمكن الوصول إلى حل لهذه التهديدات الخطيرة والمعقّدة؟

لحسن الحظ هناك حل أفضل – وهو نهج مُبتكر لخلق السلام ذو سجل علمي حافل.

مصادرالأزمات
تشير الابحاث إلىأن الحروب والصراعات الاجتماعية تغذيها التوترات المجتمعية الحادة –أي تصاعد التوترات السياسية والعرقية والدينية بين الفصائل المتناحرة التي مالم يتم معالجتها، ستقود حتماً إلى العنف الاجتماعي. كما تشير الابحاث إلىأنه يمكن نزع فتيل هذه التوترات المجتمعية الحادة بشكل فعّال، من خلال استخدام تقنيات متقدمة وقوية تسمى بتقنيات الوعي، بحيث تتدرب عليها مجموعة صغيرة من السكان ضمن الجيش أو المدارس والجامعات، وتمارسها بشكل دائم لتحد من التوترات وتعزز السلام.


على المستوى الفردي، أظهرت الابحاث المنشورة أن هناك بعض الوسائل القوية للحد من التوتر، تعمل على تحييد الضغوط والتوترات الشديدة، بما في ذلك توترات ما بعد الصدمة (PTS) في خلال أيام عديدة.وهذه الاساليب تركّزعلى تهدئة النشاط المفرط في اللوزة المخية amygdala ("مركزالخوف" في الدماغ) واستعادة التوازن لعمل الدماغ لدى الجنود، وقدامى المحاربين وضحايا العنف في المناطق التي مزقتها الحروب.

على نطاق المجتمع، تم اختبار هذا النهج ميدانياً، واظهرت الابحاث أنه يمكن استعادة الهدوء وكبح العنف الاجتماعي من خلال استخدام تقنيات مشابهة من قبل مجموعات صغيرة في المجتمع. وجرىاختبار ذلك على نطاق واسع في منطقة الشرق الأوسط وجميع انحاء العالم. وجاءت النتائج لتشير إلى انخفاض مطرد في معدل العمليات الارهابية، والحرب والعدوانية والعنف الاجتماعي لدى السكان المتضررين. وقد تم تكرار هذه النتائج في أكثر من خمسين دراسة نشرت في المجلات العلمية والاكاديمية الرائدة، وحصلت على تأييد ودعم كبار العلماء والمفكرين. إن فعالية هذا النهج من الناحية العلمية لاشك فيها.

تاريخياً، تحقيق السلام المجتمعي في دولة أو منطقة تمزّقها التوترات السياسية والدينية عميقة الجذور والمتعطشة للانتقام الدموي، أمر صعب من دون معالجة الاسباب الفيزيولوجية الكامنة وراء العنف الاجتماعي: أي التوتر المجتمعي الحاد والواسع الانتشار.عندما يتم ابطال مفعول هذه التوترات إلى حد كبير، فإن تحقيق السلام المجتمعي والحفاظ عليه يصبح سهلاً نسبياً. إذ تشهد المناهج التقليدية المتبعة لحل النزاعاتجراء ذلكنجاحاً مفاجئاً.

هناك الكثير من الابحاث المنشورة حول الصراعات في منطقة الشرق الاوسط، والتي تؤكد امكانية الحد من العنف والحرب والوصول بسرعة إلى تحقيق التسويات عبر التفاوض، إذا ماتم خفض من حدة التوترات المجتمعية. وهذا يمكن أن يتحقق بسهولة مع تعاونكم في خلق وتدريب مجموعة صغيرة على هذه التقنيات في منطقة الشرق الاوسط أو في أي منطقة تعاني من الصراع.

تقنيات فعّالة
جرى التحقق التجريبي الأول لهذا النهج الجديد والمبتكر في أثناء الحرب اللبنانية 1982. حيث اشارت دراسة يومية لتجمع من خبراء ايجاد السلام فيالعام 1983 أنه في الأيام التي كان عدد المشاركين في التجمع مرتفعاً، تراجع معدل الوفيات المرتبطة بالحرب بنسبة  72%(P ˂10-7). بالاضافة إلى ذلك، اظهرت الدراسة نفسها انخفاضاً بشكل كبير في معدل الجريمة، وحوادث المرور، والحرائق وغيرها من المؤشرات الاجتماعية. وقد تم التحكم احصائياً بالاسباب المحتملة الأخرى (Journal of Conflict Resolution 32: 776-812,1988‬ )‬‬‬‬

جرى تكرار هذه النتائج في سبع تجمعات متتالية على مدى عامين في ذروة حرب لبنان، بحيث جاءت النتائج كالتالي:
•    انخفضت الوفيات المرتبطة بالحرب بنسبة 71% (‬P ˂10-10)
•    انخفضت الإصابات المرتبطة بالحرب بنسبة 68% (‬ (P ˂10-6
•    انخفض مستوى المعارك والصراعات الأخرى بنسبة 48% (‬(P ˂10-8
•    زاد التعاون بين الخصوم بنسبة 66% (‬(P ˂10-6

إن امكانية أن تستند هذه النتائج مجتمعة إلى احتمال عامل الصدفة هو أقل من جزء واحد في10-19، وهذا يجعل تأثير هذه التجمعات للحد من التوترات المجتمعية والصراع الظاهرة الأكثر رسوخاً في تاريخ العلوم الاجتماعية.
Journal of Social Behavior and Personality 17 (1): 285-338, 2005‬‬‬‬

بالاضافة إلى ذلك، اجريت دراسة بأثر رجعي من خلال تحليل معلومات جمعت من قبل موسسة راند Rand Corporation، وهي مؤسسة بحثية مستقلة، حول التأثير العالمي على الارهاب لثلاثة تجمعات كبيرة لخبراء ايجادالسلام (الولايات المتحدة 84-1983؛ هولندا 85-1984؛ الولايات المتحدة 1985) . كشفت المعلومات عن انخفاض   بمعدل 72% في الارهاب في جميع أنحاء العالم خلال انعقاد هذه التجمعات الثلاث معاً، بالمقارنة مع الاسابيع الأخرى خلال مدة عامين. وعندما اقترب عدد المشاركين إلى 8000 أو تجاوزه، حصل نتيجة ذلك تأثير عالمي للسلام.‬استبعدت الدراسة امكانية أن يعود الانخفاض في معدل الارهاب إلى دورات أو اتجاهات أو الى انحرافات في البيانات، أو الى التغيرات الموسمية (Journal of Offender Rehabilitation 36 (1-4): 283-302, 2003)‬‬‬‬‬‬‬‬

التطبيق العالمي
إن الحل اليوم للصراعات الإقليمية والعالمية أصبح مُثبت علمياً ومتوفر. ويجب العمل على تطبيقه فوراً - وذلك من خلال انشاء تجمع دائم من 16000 خبير لايجاد السلام ولخلق تأثير قوي من التماسك يكفي للحد من تراكم التوترات الاجتماعية على مستوى العالم.إن كلفة تدريب واستمرارية هذا التجمع يكاد لا يذكر بالمقارنة مع كلفة الحرب. فالصراع في سوريا يكلفّ وحده الدول الخارجية لا يقل عن 10 ملايين دولار في اليوم أو 3.6 مليار في السنة. في المقابل لا تتعدى كلفة انشاء هذا التجمع من 16000 خبير لايجاد السلام والحفاظ عليه كلفة قاذفة قنابل واحدة.

إن اتحاد العلماء العالمي من أجل السلام (GUSP) مستعد لتقديم مايلزم من التدريب على هذه التقنيات لتعزيز السلام إلى مجموعة معينة في الجيش، أوإلى الطلاب في الجامعات الكبيرة، أو إلى الموظفين في شركات كبيرة في أي بلد أو منطقة يمزقها الصراع. التقنيات والتي تشمل برنامج التأمل التجاوزي وبرامج الوعي التجاوزي المتقدمة ذات الصلة هي تقنيات منهجية، سهلة التعلم، وعلمية وخالية من المحتوى الديني أوالفلسفي، ونتائجها الفعّالة مباشرة وفورية. ويجري حالياًاستخدامها لمعالجة الاضطرابات النفسية الناتجة عن الصدمات من جراء العنف في الحروب ( PTS) من قبل عدد متزايد من الجيوش. كما ادرجت في التدريب العسكري، وهي تستخدم على نطاق واسع في المدارس والشركات في جميع انحاء العالم.

أين اثرياء العالم؟
إذا تقاعست الحكومات عن تنفيذ هذا الحل العلمي، فنحن ندعو الاثرياء إلى تحمل المسؤولية للقيام بذلك.تقع على الاثرياء مسؤولية الوالدين: فهم لا يخضعون إلى أهواء والضغوط السياسية الانتخابية - ولديهم الموارد والقدرة على حماية وتعزيز المجتمع بأسره.
لقد حان الوقت لانشاء صندوق هبة Endowment Fund للسلام العالمي الدائم استجابة للضرورات العالمية الطارئة. وسوف يتم استخدام الدخل من هذا الصندوق لغرض واحد فقط - التدريب والحفاظ على قوة دائمة من 16000 من المهنيين لايجاد السلام من أجل تحييد التوتر المجتمعي، وبالتالي خلق تأثير فوري وواضح من الوئام والسلام والإيجابية في العالم بأسره.
ندعو كل محب للسلام، وأيضاً المواطنين الميسوريين بشكل جماعي أو حتى فردي – إلى تغذية هذا الصندوق وتحقيق السلام العالمي الدائم على أساس عملي وواضح من أجل مصلحتهم ومصلحة الجميع.

لا شيء يمكن خسارته
إن احتمال انهاء العنف المأساوي في جميع انحاء العالم بطريقة سريعة من خلال نهج مُثبت علمياً،قد يثير الجدل والدهشة عند العديد، إذ يكاد يكون شيئاً لا يصدق. لحسن الحظ، الاسلوب العلمي لديه معايير تجريبية صارمة لتقييم حقيقة أو زيف أي فرضية. يمكننا أن نقول بكل ثقة إن هذا النهج قد خضع إلى أدق المعايير العلمية الحديثة وتم التحقق بشكل قاطع من صحة فعاليته.

ليس هناك شيء يمكن خسارته لدى تطبيق هذا النهج، بل على العكس هناك الكثير من الفوائد والتأثيرات الايجابية.
إن تكاليف التدريب والمتابعة لا تكاد تذكر بالمقارنة مع تكلفة غزوة عسكرية، إذ يمكن تدريب عدد كاف من القوات العسكرية أو رجال الشرطة أو عمال المصانع، أو الموظفين في المؤسسات العامة والخاصة، أو الطلاب في جامعة أو أكثر –ويكون لذلك تأثير ملحوظ وملموس من السلام على الفور.

لمعالجة الأزمة الراهنة في منطقة الشرق الأوسط، كل ما هو مطلوب هو أن تعّين الحكومة أو القادة العسكريون في أي بلد في المنطقة مجموعات محددة من المشاركين، (تقريباً الجذر التربيعي لواحد في المائة من السكان المحليين) ويتم تدريبهم على هذه التقنيات لتعزيز السلام، وسوف يقوم اتحاد العلماء العالمي من أجل السلام (GUSP) بتنظيم التدريبات اللازمة.

أما النتائج المتوقعة عند التطبيق، فهي التالية:
•    انخفاض ملحوظ ويمكن اثباته في العنف الاجتماعي والانشطة الارهابية في غضون 60 يوماً؛
•    تنامي علاقات متناغمة بين جميع الاطراف في البلاد أو المنطقة؛
•    ومع استعادة الأمن والنظام، تبدأ الاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية في التحّسن داخل البلاد أو المنطقة.
•    هذا فضلاً عن أثر جانبي اضافي، يظهر في تحسن في الجهوزية الصحية والمرونة لجميع المشاركين في المشروع.

 

 

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اقتراح علمي لمكافحة الإرهاب والصراع اقتراح علمي لمكافحة الإرهاب والصراع



GMT 13:25 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

التكنولوجيا الحديثة والمجتمع

GMT 05:47 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:28 2017 الخميس ,03 آب / أغسطس

قانون للتواصل الاجتماعي

GMT 13:20 2016 الإثنين ,13 حزيران / يونيو

المشاركات على مواقع التواصل الاجتماعي

GMT 16:26 2016 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

اوكسجين الفكر

GMT 12:00 2014 الخميس ,15 أيار / مايو

سُحِقت الإنسانيّة.. فمات الإنسان

GMT 11:59 2014 الخميس ,15 أيار / مايو

حلاوة روح السبكي..والذين معه

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab