13 قرناً من مساعدة مصر للحجاز 2

13 قرناً من مساعدة مصر للحجاز (2)

13 قرناً من مساعدة مصر للحجاز (2)

 عمان اليوم -

13 قرناً من مساعدة مصر للحجاز 2

بقلم : عمار علي حسن

عقب احتلال العثمانيين مصر فى عام 1517، بعد أن هزموا المماليك فى معركة الريدانية، وضعوا نصب أعينهم ضرورة الاستيلاء على الحجاز حتى يتسنى لسلطانهم أن يصبح فى نظر المسلمين «حامى الحرمين الشريفين»، وهى مسألة كانت حيوية للعثمانيين «السُّنة» فى مواجهة سلطان دولة الصفويين الشيعية، بالإضافة إلى حرص العثمانيين على أن يقطعوا الطريق على البرتغاليين الذين كانوا آنذاك يجوبون البحار بحثاً عن مناطق نفوذ «مستعمرات» فلا يتمكنون من تهديد المقدسات الإسلامية.

ومنذ البداية، أوصى السلطان العثمانى سليم الأول بارتباط أشراف مكة بوزراء مصر، وأقر تبعية الحجاز واليمن لمصر إدارياً، إذ جاء فى القانون العثمانى أن الفرمانات التى تصدر فى مصر تسرى على هاتين المنطقتين، وحتى الحملات العسكرية التى كانت تخرج منهما كان لا بد أن تخرج من مصر أولاً. وكان لولاة مصر الدور الرئيسى فى تعيين وعزل أشراف مكة، وفى المقابل كان منوطاً بهم الدفاع عن الأراضى الحجازية ضد أى عدوان خارجى، والحفاظ على الشرعية عبر الانتصار لبعض شرفاء مكة على حساب آخرين أثناء رحلة الصراع الطويلة والمتتابعة التى دارت رحاها بينهم، واستوجبت من مصر أن تجرد أكثر من حملة عسكرية إلى الحجاز، ومنها حملة عوض بك (1116هـ/ 1704م)، وحملة أحمد بك المسلمانى (1134هـ/ 1722م) وحملة على بك الكبير (1184هـ/ 1769م). وقد ذهب الأخير إلى ما هو أبعد من حفظ الأمن فى الحجاز لصالح العثمانيين، إذ كان يطمح إلى أن يجعل تلك البلاد جزءاً من دولة مصرية مستقلة عن الباب العالى.

وإلى جانب الحجاز، اهتم المماليك بجدة، لكونها ثغراً مهماً فى طريق التجارة، وكانوا يعينون بها حاكماً عاماً، يُطلَق عليه «نائب جدة»، يرسل حصيلة ما يغله الثغر من مال إلى الخزينة المصرية. ومع تعاظم أهمية جدة، بنى السلطان المملوكى قنصوة الغورى فى مطلع القرن السادس عشر الميلادى استحكامات دفاعية عنها، كانت عبارة عن سور طويل وقلعة حصينة. وشيّدت مصر أيضاً قلعة مماثلة بالمدينة المنورة، أمدتها بنحو مائتى جندى. وقد وصلت العلاقة بين الجانبين من المتانة إلى حد أن الحجازيين شاركوا المماليك فى قتال الحملة الفرنسية التى احتلت مصر فى عام 1798، ومن الطرافة إلى حد أن كانت مصر منفى للمتمردين الحجازيين، وكانت الحجاز منفى للخارجين على السلطة بمصر، فى العهدين المملوكى والعثمانى.

فلما وصل محمد على إلى حكم مصر فى عام 1805، وجد نفسه مكلفاً من قِبل السلطان العثمانى مصطفى الرابع بأن يزحف بجيش إلى أرض الحجاز، فيؤدب من تمردوا فيها على السلطان، ويعيدها كاملة مستقرة إلى حوزته. وإذا كان محمد على قد اعتذر فى بادئ الأمر متعللاً بالظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها مصر آنذاك بعد انخفاض منسوب النيل، واستيلاء المماليك على إقليم الصعيد إلى جانب أطماع الدول الأوروبية فى مصر متمثلة فى حملة فريزر الإنجليزية التى نزلت إلى مياه الإسكندرية فى عام 1807، فإنه لم يلبث أن أطاع الأوامر السلطانية فى التاسع عشر من رجب 1226هـ/ 1811، فجرد حملة بقيادة أحمد طوسون تتألف من ثمانية آلاف جندى، زحفوا إلى أرض الحجاز، فوجدوا هناك قوات «السلفيين» على أهبة الاستعداد، بقيادة عبدالله بن سعود وسعود بن مضيان، فتفوقت عليهم، وفر طوسون إلى ينبع.

لكن الإمداد الذى وصل إلى طوسون بقيادة أحمد بن نابرت فى عام 1812 مكنه من الاستيلاء على وادى الصفراء والمدينة وجدة ومكة والعبيلا، بمساعدة من الشريف غالب بن مساعد، الذى استماله محمد على بالمال والجاه، إلا أن هذه القوات واجهت صعوبة فى الانتصار على السلفيين حين وصلت إلى نجد نظراً لوعورة التضاريس.

واضطُر محمد على إلى الذهاب بنفسه لقيادة الجند، فوصل إلى جدة فى عام 1813، ورسم خطة جديدة للحرب، مكّنته من الاستيلاء على عسير ومناطق أخرى. وبعد ثلاث سنوات، تم تجريد حملة أخرى بقيادة إبراهيم باشا، تمكنت من الاستيلاء على الدرعية مركز السلفيين، فسقطت الدولة السعودية الأولى، لفترة مؤقتة، وعمت البلاد الفوضى. ومع تعزز نفوذ محمد على فى مواجهة السلطان العثمانى، راح يفكر جدياً فى أن يمد حكمه إلى الحجاز، لحسابه وليس لحساب السلطان. إلا أن بريطانيا فطنت لمراميه، فأخذت تقطع الطريق عليه بتعزيز وجودها العسكرى والسياسى فى ساحل الخليج العربى، مستفيدة من ظهور مقاومة سعودية ضد محمد على، قويت شوكتها تحت قيادة الإمام فيصل، لكن القوات المصرية لم تلبث أن تغلبت عليها، وقضت على حكم فيصل.

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى)

omantoday

GMT 00:43 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

ظلال الجميزة.. «قصة قصيرة»

GMT 00:05 2018 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

آفة أن يُحارَب الفساد باليسار ويُعان باليمين

GMT 06:32 2018 الجمعة ,11 أيار / مايو

الكتابة تحت حد السيف

GMT 05:12 2017 الجمعة ,15 أيلول / سبتمبر

سيادة «القومندان» عارف أبوالعُرِّيف

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

13 قرناً من مساعدة مصر للحجاز 2 13 قرناً من مساعدة مصر للحجاز 2



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab