«ابتهال سالم» التي غادرتنا

«ابتهال سالم» التي غادرتنا

«ابتهال سالم» التي غادرتنا

 عمان اليوم -

«ابتهال سالم» التي غادرتنا

عمار علي حسن

ماتت الأستاذة ابتهال سالم، أطيب من قابلت من بين الأدباء. لم تكن ابتسامة الرضا تفارق وجهها، ولم تُضبط يوماً تتحدث عن غيرها بسوء، ولم تحقد على أحد، وكانت إن تكلمت عن عمل أدبى، رواية أو قصة أو مسرحية، فى ندوة أو ملتقى، لا تبصر فيه إلا كل حسن، ولا تدلى برأيها إلا فى أدب جم، دون قدح أو تجريح. وقد رأيتها غير مرة تحدب على أديبات وأدباء شبان، وتأخذ بأيديهم على قدر ما وسعها، وكان هذا أنبل وأجمل ما فيها.

عرفت الأستاذة ابتهال فى مطلع تسعينات القرن العشرين على الورق، حين كنت أقرأ لها قصصاً متناثرة فى بعض الصحف والمجلات والدوريات الأدبية، إلى أن وقعت فى يدى مجموعتها «النورس»، التى صدرت ضمن سلسلة «إشراقات أدبية»، ثم تابعت أعمالها القصصية مثل «يوم عادى جداً» و«نخب اكتمال القمر»، وبعدها رواياتها «السماء لا تمطر أحبة» و«صندوق صغير فى القلب» و«نوافذ زرقاء»، وكذلك ما قدمته للأطفال مثل «المقص العجيب» و«الكمبيوتر الحزين» و«عصفور أنا» و«سر القطة الغامضة»، علاوة على ترجماتها مثل «حواديت شعبية من بلاد مختلفة»، و«انطلق»، و«مختارات من الشعر الفرنسى». وقدمت العديد من الأوراق البحثية حول «الزواج العرفى بين الشباب»، و«دور المرأة المثقفة فى الرواية العربية»، و«أدب الطفل فى الألفية الجديدة»، و«الترجمة والعلاقة بالآخر»، و«أهمية الترجمة للطفل» وغيرها، كما كتبت مقالات فى العديد من الصحف.

أعمال عديدة بين القصص والروايات والترجمات والكتابة للأطفال والأوراق البحثية والمقالات والمحاضرات، لا يجعل من «ابتهال» مختلفة عن غيرها من الأديبات والأدباء، فهناك من كتب مثل هذا العدد، أو ضعفه، أو ثلاثة أمثاله فى العدد، أو يزيد، لكن ما ميز ابتهال سالم أكثر أنها كانت متسقة مع ما تكتب، متعاطفة مع شخوص قصصها وأبطال رواياتها والقيم التى أرادت أن ترسخها فى عقول ونفوس ووجدان صغارنا، وهذا والله ليس بالقليل أبداً.

وظنى أن دراسة «ابتهال» لعلم النفس فى كلية الآداب، جامعة عين شمس، أمدها بمعرفة عميقة عن نفوس الناس، فى ائتلافها واختلافها، وفى سلامتها ومرضها، ففهمت كيف تتعامل مع مَن حولها بحب وامتنان، وأن تعذر كل من يقترب منها وتقترب منه، فإن لم تجد له عذراً أوجدته، وكانت حريصة على أن تصلح بين المتخاصمين، وتقرب بين المتباعدين، ولا تزاحم أحداً على شىء، فكسبت احترام الجميع وحبهم، وتعامل الكل معها دوماً على أنها الأخت المخلصة، والأم الرؤوم، والصديقة الطيبة الودودة الوفية.

وقد رأيتها فى ندوات عدة تتصدى بجسارة لبعض من يحاولون تصفية حسابات، أو تدبير مكائد فارغة وعابرة، أو إثارة أحقاد سوداء صغيرة، أو الانصياع لغيرة تدفع إلى سوء، فتدافع عن الكاتب والكتابة معاً، فى صراحة تامة، وسلامة عامة. وقد عرفت من أدباء شبان أنها كانت تهاتفهم إن أعجبتها نصوصهم، وتشد على أيديهم، وتخبرهم برأيها فى أعمالهم، بينما هى لا تتحدث عن نفسها كثيراً، وإن قدمت نفسها، يكون هذا فى تواضع شديد، وأدب جم، وتطامن عجيب.

عاشت ابتهال سالم فى سلام، ومضت فى سلام، فاللهم اغفر لها، واجعل فضلك عليها يسبق عدلك فيها، ورحمتك قبل الاثنين، وأرها فى رحابك ما يُذهب عن روحها أى مشقة، ويغبطها إلى أبد الآبدين.

omantoday

GMT 05:48 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

المُنقضي والمُرتجَى

GMT 05:46 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

«طوفان الأقصى» و«ردع العدوان»: إغلاق النقاش وفتحه...

GMT 05:44 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

عام ليس ككل الأعوام

GMT 05:42 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 05:38 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

البحث عن المشروع العربي!

GMT 05:36 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

2025... العالم بين التوقعات والتنبؤات

GMT 05:30 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النقاش مستمر

GMT 05:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لا نملك إلا الأمل في عام 2025

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ابتهال سالم» التي غادرتنا «ابتهال سالم» التي غادرتنا



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

إطلالات كيت ميدلتون أناقة وجاذبية لا تضاهى
 عمان اليوم - إطلالات كيت ميدلتون أناقة وجاذبية لا تضاهى

GMT 09:55 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الوجهات السياحية لعام 2025 اكتشف مغامرات جديدة حول العالم
 عمان اليوم - أفضل الوجهات السياحية لعام 2025 اكتشف مغامرات جديدة حول العالم

GMT 09:25 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024
 عمان اليوم - اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab