«ممرات للفقد» 1  2

«ممرات للفقد» (1 - 2)

«ممرات للفقد» (1 - 2)

 عمان اليوم -

«ممرات للفقد» 1  2

«ممرات للفقد» (1 - 2)
عمار علي حسن

لم تضع الكاتبة المصرية هويدا صالح المفتتح الأول لروايتها «ممرات للفقد» هباء، بل جعلت منه مرشداً أميناً لكل من يريد أن يلملم أشتات نصها الذى يبدو مبعثراً إن نظرنا إليه للوهلة الأولى أو قرأناه على عجل، لكنه ينتظم أمام الأعين والأذهان إن أمعنا النظر فيه، وتعاملنا معه على أنه محاولة مختلفة فى الشكل، وإن كان مضمونه متماثلاً إلى حد بعيد مع نصوص سابقة للكاتبة أو روايات لآخرين تناولت مكابداتهم مع أمراض الروح والبدن.

فالمفتتح يبدأ قائلاً: «تلك كانت طريقتها فى التذكر، تقوم بثبيت المشهد، تركب كادراتها المنتقاة بجانب بعضها البعض، تصحو من النوم محملة بكثير من مشاهد أحلامها المبعثرة»، بينما تقول فى جملة من مفتتح ثانٍ غارق فى الشعر: «وحدها تجيد شحذ الذاكرة.. تتجول فيها»، فالعبارتان ترسمان معالم الرواية بأكملها، إذ إننا أمام مشاهد مبعثرة تستعيدها ذاكرة لديها قدرة على أن تتجول بحرية فى الزمان والمكان، وتلتقط أشياء عديدة تكون بمنزلة ممرات متجاورة حيناً، ومتتابعة حيناً، للغربة والألم والقهر.

تبدو الرواية، الصادرة عن الدار العربية للعلوم بالتعاون مع نادى جازان الأدبى فى السعودية، متماهية إلى حد كبير فى بنائها مع خبرة كاتبتها فى رحاب القصة القصيرة والمتوالية السردية، إذ صدرت لها من قبل مجموعة بعنوان «سكر نبات» ومتواليتان هما: «الحجرة 13» و«بيوت تسكنها الأرواح»، بل إن هذا التماهى يمتد إلى المضمون، حيث تعزف الكاتبة على وترها المعتاد حين تجسد حالات للقهر الواقع على النساء، دون أن تسقط فى فخ الأدلجة النسوية، وتراوح بين الذاتى والموضوعى، أو بين خبرتها الشخصية وبين ما سمعته من أخريات وآخرين، وهو ما سبق أن تجلى فى روايتيها «عمرة الدار» و«عشق البنات»، اللتين أخذتا شكلاً مختلفاً عن روايتها الأخيرة.

هنا تتعدد ممرات الفقد التى تلاقيها بطلة الرواية، التى تخاطبنا بلغة شاعرية لا تخلو من مراوغة، فهناك فقد بالرحيل الأبدى، الذى لا مناص منه، تعايشه فى طفولتها حين يرحل والدها، وهناك فقد لأجزاء من جسدها يسبب لها ألماً شديداً، نفسياً وبدنياً، مثل تجربتها مع الختان، وفض بكارتها ليلة عرسها، ثم قطع ثدييها بسبب استشراء السرطان بهما لتصير مكانهما حفرتان سوداوان، وألم الحمل وما صاحبه من أمل فى أن تلد لبنتها أخاً يؤنس وحدتها، لكنه لم يلبث أن انتهى إلى سراب حين مات جنينها مخنوقاً فى شهره السابع بحبله السرى، وترك فى نفسها وجعاً أشد من كل الآلام السابقة، ويصير كابوساً يطاردها أينما حلت، فها هى تقول: «وصرت كل يوم أحلم بوجهه الذى صار أزرق، وملامحه التى كانت تشبه أبى الذى تركنى هو الآخر ورحل قبل سنوات. صرت كل يوم يأتينى وجهه، ويلومنى لأننى سبب اختناقه، أنا التى خنقت صغيرها، ولم تفلح أغانيها أن تجعله طفلاً سعيداً، أنا التى خنقت صغيرها، ولم تدعه حتى يكبر ويصير أخاً لابنتها يشد عزمها».

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى)

omantoday

GMT 05:25 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 05:24 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

«وشاح النيل»

GMT 05:23 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وَمَا الفَقْرُ بِالإِقْلالِ!

GMT 05:22 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الزمن اللولبي

GMT 05:21 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 05:20 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

جنين... اقتتال داخل سجن مغلق

GMT 05:19 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 05:18 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الكونغرس... وإشكالية تثبيت فوز ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ممرات للفقد» 1  2 «ممرات للفقد» 1  2



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab