أيدفع السيسي ثمن براءة مبارك

أيدفع السيسي ثمن براءة مبارك؟

أيدفع السيسي ثمن براءة مبارك؟

 عمان اليوم -

أيدفع السيسي ثمن براءة مبارك

عمار علي حسن

ما إن نطق القاضى بالحكم الذى برّأ الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك من الاتهامات المنسوبة إليه، وكذلك إلى نجليه ووزير داخليته ومساعديه، حتى كتب أحد الشباب على موقع التواصل الاجتماعى: «يسقط حكم السيسى مبارك»، وهى مسألة يرى آخر أنها «خلط للأوراق»، أو موقف متسرع يريد للسلطة التنفيذية أن تتدخل فى أعمال القضاء لتخفف الوطأة عنها، وتتجنب أى انتقاد.

أما مبارك وأركان سلطته فيبدو أنهم لا ينشغلون بما يقع على عاتق السلطة الحالية فى مصر من أعباء جرّاء هذا الحكم، بقدر ما يسعون إلى استغلاله فى توطيد مكانتهم الاجتماعية وتوسيع مكانهم السياسى فى الفترة المقبلة، بعد أربع سنوات تقريباً من ثورة رفعت شعار: «الشعب يريد إسقاط النظام» حاول الإخوان سرقتها، ففتحوا باباً لتعاطف البعض مع مبارك، أو الاستعداد للصمت حيال تبرئته.

لقد حكم القاضى بما تبقى له من أدلة، فكثير من الأدلة قد طُمس أو حُجب، وبما عنده من نصوص قانونية تم سنُّها فى عهد مبارك، لكن الأصل المتفق عليه أغلب الناس فى مصر أنه «لا تعقيب على الحكم»، لكن يمكن مناقشة آثاره الآنية والآتية، وهذا هو بيت القصيد. فمبارك كشخص لم يعد يشكل معضلة أمام المستقبل، أما سياساته المحلية والدولية وطريقته فى الإدارة والثقافة السياسية وغابة التشريعات القانونية التى رسّخها وتركها فهى التى تشكل العقبة أمام الأجيال المقبلة، يزيد على هذا ما خلّفه من آثار سلبية جسيمة فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية والكارثة الأكبر التى ألقاها فى وجه مصر وهى «جماعة الإخوان» والتنظيمات التى تقف بجانبها، حيث استمرأ مبارك إبرام صفقات وتفاهمات معها ليوظفها كفزاعة فى وجه الداخل والخارج ليهنأ بحكم طويل، ويستخدمها أيضاً فى التضييق على التيار المدنى الذى لم يكن يروق له توريث الحكم، وكان يطالب بتداول السلطة، والتعددية السياسية الحقيقية، وصيانة الحقوق والحريات العامة، ومحاربة الفساد.

لندع مبارك لربه، ولننتبه إلى «المباركية» كطريقة فى التفكير والتدبير، أشار إليها القاضيان اللذان نظرا القضية وحكم الأول على مبارك بالمؤبد وبرّأه الثانى، فكلاهما أراد أن يقول صراحة إن حكم مبارك كان فاشلاً وإن الثورة عليه كانت مبررة، لكن الحكم يحتاج إلى أدلة ويلتزم بنص القانون. أما ما لم ينظره القضاء وهو محاكمة عهد بأكلمه فمن الضرورى أن يقف الرئيس عبدالفتاح السيسى أمام ما قاله القاضيان، ففيه تنبيه إلى أن تبرئة مبارك لا تعنى أن سياساته كانت ناجحة وأن الشعب كان راضياً عنها، بل على العكس تماماً وإلا ما قامت الثورة. رواسب مبارك ورجاله سيحاولون فى الفترة المقبلة بشكل أقوى أن يلتفوا أو يصطفوا مع السيسى ليس حباً فيه إنما دفاعاً عن مصالحهم، وسيستغلون هذا الحكم فى تقوية موقفهم، فيما يستغله الإخوان فى الدعاية ضد السلطة الحالية وترسيخ ما يقولونه عنها من أنها «امتداد لنظام مبارك» مع أنهم هم الوجه الآخر له، وهم من رفض إقامة محاكمات ثورية لمبارك منذ البداية وحين كان البرلمان معهم رفضوا إقامة «العدالة الانتقالية» وتلكأوا فى إصدار قانون العزل السياسى ولم يحسنوا إصداره فألغته المحكمة الدستورية العليا، بل سعوا إلى التصالح من الباطن مع رجال أعمال بتقاسم الثروة، وساسة زمن مبارك بتوظيف بعض خبرتهم وبقايا مكانتهم الاجتماعية لصالح الجماعة.

لهذا سيكون السيسى فى حاجة ماسة إلى إجراءات ومواقف تفارق بينه وبين نظام مبارك برجاله وأسلوبه، وأن يفتح ذراعيه للشباب حتى لا يستميلهم الإخوان، وإلى الشعب حتى لا يقف على الحياد فى المعركة ضد الإرهاب الأسود، أو لا يتسرب إليه شعور بغياب العدالة، والتفريط فى حقوق شهداء الثورة.

كما سيكون على السيسى أن يتدخل لوقف الحملة الإعلامية الضروس ضد ثورة يناير والتى استهدفت تمهيد الأجواء لتقبل الناس الحكم إن صدر بتبرئة مبارك لكنها إن استمرت ستشكل عبئاً شديداً على السلطة الحالية، ومن الضرورى فى كل الأحوال تحديد موعد قاطع للانتخابات البرلمانية، وعدم اعتماد السلطة على وجوه النظام القديم فى أن يكونوا برلمانييها المقبلين.

فى كل الأحوال، مطلوب السير فى طريق مختلف عن ذلك الذى سلكه مبارك.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيدفع السيسي ثمن براءة مبارك أيدفع السيسي ثمن براءة مبارك



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:32 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج القوس

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 04:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab