التيار المدني 1  3

التيار المدني (1 - 3)

التيار المدني (1 - 3)

 عمان اليوم -

التيار المدني 1  3

عمار علي حسن

لم يولد التيار المدنى المصرى، النازع إلى الحرية والحداثة والاستنارة، فى ركاب ثورة 25 يناير ولا حتى قبلها بعقود قليلة، إنما يضرب جذوراً عميقة فى التربة الاجتماعية لأقدم دولة فى تاريخ الإنسانية، ويسير طيلة حياته فى تعاريج تأخذه صعوداً وهبوطاً، وبروزاً وخفوتاً، وهو يدخل فى دهاليز الدولة، ويلامس أروقة الحكم أو يجلس فيها قليلاً قبل أن يغادرها إلى الظل، سواء فى شكل «استراحة محارب» أم على هيئة «بيات شتوى».

ففى وقت مبكر جداً، تحديداً فى نهاية القرن التاسع عشر، جاد الزمان على الأزهر برجل دين مؤمن بالتجديد والاجتهاد هو الشيخ حسن العطار الذى أخذت صرخته تجد طريقها إلى التحقق النسبى فى ظل دولة محمد على التى أعقبت انهيار السلطة التقليدية المتكلسة ممثلة فى المماليك بعد أن أضعفتها الحملة الفرنسية التى احتلت مصر ثلاث سنوات أطلقت فيها أسئلة تحدٍّ كانت تحتاج إلى استجابة بانت فى جهد رفاعة رافع الطهطاوى وعلى مبارك ومحمد عبده الذى كان أستاذاً لسعد زغلول وقاسم أمين، جنباً إلى جنب مع ما تلقوه وحصلوه من علوم حديثة فى أروقة الجامعة.

وفى الوقت الذى تجسّد فيه هذا التيار تنظيمياً فى حزب «الوفد» وبعض الأحزاب الأخرى التى تمسكت بالليبرالية فى مجالى الفكر والسياسة فإن وجوده ورسوخه تراجع فى المؤسسة الدينية. فمحمد عبده لم يترك خلفه تنظيماً يحمل ويحمى أفكاره، إنما ترك تلاميذ متعاقبين فى تقطع وتفكك كالشيخ المراغى والدكتور مصطفى عبدالرازق.

لكن هذه التجربة تم وأدها كاملة حين صدر قرار حل الأحزاب السياسية عقب حركة الضباط فى يوليو 1952، فلما أعاد السادات التعددية الحزبية بسياسة المنابر الثلاثة (اليمين واليسار والوسط) وُلدت مقيدة ومشوهة وعلى أيدى السلطة وأمام عينها، فاستمرت، حتى بعد أن تحولت إلى أحزاب فى عهد حسنى مبارك، مجرد «ديكور» لنظام جوهره ينطوى على استبداد صارم.

وكل حزب أراد أن يطرح نفسه بديلاً للنظام الحاكم تم تفجيره من الداخل، عبر إذكاء الصراعات والانقسامات، وصولاً إلى التشويه والتهميش. والمثل الصارخ فى هذا المقام هو أن حزب «الوفد الجديد» بدأ عام 1984 بنحو مليون عضو وتآكلت قاعدته لتقل عن خمسين ألف شخص قبيل ثورة 25 يناير.

لكن الثورة جاءت لتخلق فرصة طيبة وتفتح مجالاً واسعاً أمام التيار المدنى كى يستعيد زمام المبادرة، وينتقل من سطور الكتب وضوء الكاميرات والقاعات الباردة، التى تشهد الندوات والمؤتمرات وورش العمل، إلى الشارع، يخالط الناس، ويبحث بينهم عن استعادة مجده الضائع، أو امتلاك المسار الأسرع للأخذ بيد المجتمع نحو التحرر والتقدم.

ولعل الانتخابات المقبلة تكون فرصة أمام هذا التيار ليرسخ وجوده فى الشارع على حساب بقايا نظام مبارك المستبد ووجهه الآخر المتمثل فى جماعة الإخوان التى تقاسمت معه الوظائف وأبرمت الصفقات وتطابقت معه فى الكثير من التصورات السياسية والاقتصادية.

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى).

omantoday

GMT 05:25 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 05:24 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

«وشاح النيل»

GMT 05:23 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وَمَا الفَقْرُ بِالإِقْلالِ!

GMT 05:22 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الزمن اللولبي

GMT 05:21 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 05:20 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

جنين... اقتتال داخل سجن مغلق

GMT 05:19 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 05:18 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الكونغرس... وإشكالية تثبيت فوز ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التيار المدني 1  3 التيار المدني 1  3



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab