شرطان للإصلاح الديني المأمول

شرطان للإصلاح الديني المأمول

شرطان للإصلاح الديني المأمول

 عمان اليوم -

شرطان للإصلاح الديني المأمول

عمار علي حسن

لا يمكن أن نسير، ولو خطوات قليلة، نحو التنوير من دون أن نقر بأمرين أساسيين هما:

أ- الإيمان مسألة فردية: وهذا يعنى عدم وجود أى وسيط بين العبد وربه، وألا يحق لأحد أن يحكم على إيمان أحد، أو يتحكم فيه، أو يتدخل من أجل تحديده إلا بتذكير ووعظ لا تتبعه وصاية ولا سيطرة ولا إجبار لإنسان على إعلان الإيمان.

وهذا التصور فضلاً عن أنه يتطابق مع مضمون «النص القرآنى» فإنه يتوافق مع العقل الطبيعى، وأى تصرف عكس هذا يفسد حقيقة الإيمان، ويحول الدين إلى مصدر للشقاء، وينشر النفاق، ويفتح باباً لقلة أن ترتزق أو تحوز مكانة أو تنحت لنفسها دوراً حياتياً عبر استغلال الدين.

إن الله قال لرسوله فى القرآن الكريم: «فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر»، وبذا حدد مهمة النبوة فى الإبلاغ، وليس بفرض الإيمان، لكن ظهرت مع السنين جماعات أو أفراد تريد فرض الإيمان، أو تقوم بجمعنته وربطه بالإكراه، باسم «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر»، مع أن الأمر والنهى يقف عند حدود الإبلاغ أو التذكير والدعوة، وليس إجبار الناس على مسار معين، قد يختلقه بشر أو يخلطونه بما طلبه الوحى، وذلك عبر التفسير والتأويل والروايات التاريخية والقواعد والطقوس التى يضعونها، ثم يطلبون من الناس أن يتبعوهم وإلا خرجوا من دائرة الإيمان.

فى الوقت نفسه يجب «الانتقال من الإيمان الأعمى إلى الإيمان كرهان»، أى الإيمان القائم على الفهم والوعى والاختيار، وليس ذلك الذى يكتسبه الإنسان ممن سبقوه ويتعامل معه باعتباره أمراً مسلماً به، دون تفكير أو تدبر.

ب- العقل يُكمل مسيرة الوحى: فالأطروحات الدينية التقليدية تتعامل مع العقل إما بوصفه خصماً للوحى، أو ساعياً إلى الافتئات والجور عليه، أو تنظر إليه بوصفه قاصراً عن فهم الوحى، أو ليس عليه سوى أن يتبع ما أوحى به كالأعمى، مرة تحت لافتة «لا اجتهاد مع نص صريح» خاصة إن كان هذا النص «قطعى الثبوت وقطعى الدلالة»، ومرة تحت تصور أن الأولين كانوا أكثر فهماً للدين من الآخرين.

وهنا يقول محمد أحمد خلف الله فى كتابة «مفاهيم قرآنية»: «مصدر العلم والمعرفة بالنسبة للإنسان هو الله سبحانه وتعالى بما يوحيه للرسل ويطلب إليهم أن يبلغوه للبشر، والعقل البشرى الذى ينظر ويفكر ويتدبر فى الكون بمن فيه وما فيه.. وإذا كان حديثنا يدور حول الحقيقة العلمية بمعنى الحقيقة الدينية التى أساسها الوحى، فإن ذلك لا يعنى أن الحقيقة العلمية الأخرى التى أساسها العقل البشرى تقع خارج نطاق هذا الحديث الذى يتناول بالدرس والبحث المفاهيم القرآنية».

يبقى الوحى فى نظر «خلف الله» مصدراً أساسياً لمعرفتنا عن الله والكون والخلق وكثير مما يقع حولنا فى الطبيعة، لكن هذا لا يمنع من أن تكون هذا المعرفة متاحة أمام العقل ليفكر فيها، وفى الوقت نفسه لا يوجد ما يمنع العقل من أن يفكر فى أشياء أخرى بعيدة عن هذا، تفرضها التطورات التى تشهدها الحياة الإنسانية.

لكن لا بد من أن تأخذ هذه المسألة خطوات أبعد نحو جعل الإسلام المعاصر يتبنى العقلانية الدينية من زواية قبول مؤسسات وعلوم وقيم العالم المعاصر، والإيمان الجازم بحقوق الإنسان، والتخلص من الشلل النفسى الملازم للسير الأعمى وراء الأسلاف، واتباع طريقتهم فى التفكير والتدين.

omantoday

GMT 05:25 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 05:24 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

«وشاح النيل»

GMT 05:23 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وَمَا الفَقْرُ بِالإِقْلالِ!

GMT 05:22 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الزمن اللولبي

GMT 05:21 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 05:20 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

جنين... اقتتال داخل سجن مغلق

GMT 05:19 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 05:18 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الكونغرس... وإشكالية تثبيت فوز ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شرطان للإصلاح الديني المأمول شرطان للإصلاح الديني المأمول



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab