قائد ذو خيال سياسي

قائد ذو خيال سياسي

قائد ذو خيال سياسي

 عمان اليوم -

قائد ذو خيال سياسي

عمار علي حسن

بوسع القائد الملهم، ذى البصيرة، وعميق الاطلاع على وقائع التاريخ وأحداثه، أن يمتلك خيالاً سياسياً خلاقاً، يساعده على إدارة المواقف والأزمات، صغرت أو كبرت، ويمنحه قدرة فائقة على المساهمة فى تخطيط السياسات المحلية والدولية.

وتتفاوت نسبة مشاركة القائد الملهم فى صياغة القرارات واتخاذها من حال إلى آخر، وهنا يمكن أن نفرق بين مستويات ثلاثة:

1- حين يكون القائد محتكراً للقرار أو يسيطر على الجزء الأكبر منه.

2- حين يعمل القائد مع مؤسسات قوية وراسخة وواعية تسهم فى صناعة القرار.

3- حين تتسنى للقائد متابعة حركة الشارع وخطابه بدقة ووعى.

ففى الحالة الأولى تظهر الفروق الكبيرة فى التأثير على القرار بين قائد ذى بصيرة وآخر يفتقدها أو لا يتحصل إلا على نزر يسير منها. ولذا يعرف التاريخ قادة تقدموا بأممهم، حتى فى ظل نظام سياسى مستبد أو شمولى، وآخرين تخلفوا بها إلى حد جارح وبارح، لا سيما إن كانوا ضيقى الأفق ومحدودى الاطلاع وضيقى الصدور ويتسمون ببلادة المشاعر.

وفى الحالة الثانية تتضاعف فاعلية القرار، ويصبح أكثر إحكاماً وأكثر سلاسة فى التطبيق أو التنفيذ، لأن خيال القائد صار قيمة مضافة إلى التقديرات المدروسة التى صنعتها المؤسسات. أما الحالة الثالثة فهى غاية فى الأهمية إذ إن قياس نبض الناس أو الوقوف على نتاج «العقل الجمعى» لهم، يساعد القائد فى صناعة السياسة التى تتجاوب معها الجماهير، وتمتثل لها، وتتكاتف وراءها، وتسهم عن طيب خاطر فى تطبيقها، خاصة إن كانت هناك مصنوعة بعناية، عبر مؤسسات ذات خبرة إلى جانب إلهام القائد.

وقد أعطى ونستون تشرشل، الذى يراه البريطانيون أعظم زعيم بل أعظم رجل مر فى تاريخ بلادهم، مثلا ناصعاً على مدى أن يكون القائد السياسى يتمتع بقدرة هائلة على توظيف الخيال فى خدمة سياساته، لا سيما أن «تشرشل» كان فناناً مزدوج الموهبة، فهو رسام وأديب، كتب مذكراته بلغة سردية فياضة جعلت الهيئة القائمة على جائزة «نوبل» تمنحها إياه فى الآداب.

ولعل بعض المقولات التى أطلقها «تشرشل»، تبين، إن حللناها على نحو دقيق، مدى حضور الخيال فى رأسه وهو يفكر فى الحياة السياسية سواء فى أوقات سكونها واضطرابها على حد سواء.

فها هو يقول:

«التاريخ سيكون لطيفاً معى، فأنا أنوى كتابته».

«إن السياسى الجيد هو ذاك الذى يمتلك القدرة على التنبؤ، والقدرة ذاتها على تبرير لماذا لم تتحقق نبوءته».

«إمبراطوريات المستقبل هى إمبراطوريات العقل».

«سر الحقيقة ليس أن نفعل ما نحب، بل أن نحب ما نفعل».

«الوطن شجرة طيبة لا تنمو إلا فى تربة التضحيات وتسقى بالعرق والدم».

«الذكى من لا يرتكب كل الأخطاء بنفسه، بل يترك الفرصة لغيره».

إن هذه المقولات المنتقاة من أقوال «تشرشل» الغزيرة تعطى مؤشراً جيداً على حضور خياله كقائد سياسى، كان مولعاً إلى حد بعيد بقراءة التاريخ بإمعان شديد، لتدبر عبره وعظاته، وبالتالى امتلك قدرة فائقة على تخيل ما سيأتى، فكلما كانت تعترضه مشكلات معقدة، قد يشعر غيره أنها بلا حلول، يستدعى معرفته التاريخية، ويطرح اقتراحات غير تقليدية، جعلته قائداً عظيماً ليس فى تاريخ بلاده فحسب، بل فى تاريخ العالم بأسره.

omantoday

GMT 05:25 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 05:24 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

«وشاح النيل»

GMT 05:23 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وَمَا الفَقْرُ بِالإِقْلالِ!

GMT 05:22 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الزمن اللولبي

GMT 05:21 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 05:20 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

جنين... اقتتال داخل سجن مغلق

GMT 05:19 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 05:18 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الكونغرس... وإشكالية تثبيت فوز ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قائد ذو خيال سياسي قائد ذو خيال سياسي



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab