مرشحو الأحزاب

مرشحو الأحزاب

مرشحو الأحزاب

 عمان اليوم -

مرشحو الأحزاب

عمار علي حسن

يعد مفهوم النخبة فى الرؤية والخبرة العربية مفهوماً له تاريخ أو جذور غير مباشرة. فالخلافة الإسلامية نُسبت إلى أسر حاكمة، فقيل «بنى أمية» و«بنى العباس» وبعدهم «بنى عثمان» وتحدث القرآن الكريم عن تغير موازين القوة والمعاناة فى الدنيا من جماعة إلى أخرى: «إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ» (آل عمران: 140)، كما تحدث عن تغير توزيع الثروة، ورفض تكدس الأموال فى يد فئة قليلة من الناس إلا بإعطاء الفقراء المستحقين: «مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَىْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ» (الحشر: 7).

ورغم أن الآيتين قد تتصلان مباشرة بقضية توزيع القوة والثروة بين النخب المتعاقبة، فإن استعمالهما فى الخطابات الفقهية والحركية على مدار قرون ذهب إلى هذه الناحية، حيث تم استدعاء الآيتين أو الاستشهاد بهما فى مواقف ومواضع تخص تلك القضية.

وتجسد مفهوم النخبة بمعناه السياسى المباشر فى تجربة «أهل الحل والعقد» الذين يشملون أهل الاختيار، وأهل الشورى وأهل الاجتهاد، إذ لعبوا دوراً كبيراً فى صناعة القرار أو تبريره، وكانت لهم مكانتهم الاجتماعية البارزة. واقترب «ابن خلدون» فى مقدمته الشهيرة من الأمر فى طرحه لمفهوم «العصبية» التى تقوم على علاقات المصاهرة والقرابة من ناحية، والتحالفات الاجتماعية التى تستند إلى المصالح من ناحية ثانية.

وأخذ الدكتور السيد عمر فى كتابه «الدور السياسى للصفوة فى صدر الإسلام» المفهوم إلى منطقة أكثر اتساعاً. وبعد أن رأى أنه لا يوجد نص صريح فى الآيات القرآنية وفى الأحاديث النبوية يحدد هؤلاء بصورة مفصلة أو حتى إشارة عامة مجملة، راح يراجع ما جرت عليه السنة العملية فى عصر الرسول (عليه الصلاة والسلام)، وما جرى عليه العمل من بعده إبان عهد الخلفاء الراشدين، وكذلك ما ذكره كبار المفسرين وعلماء الفقه الإسلامى، ليحدد لنا من هم الذين يمثلون «الصفوة» فى صدر الإسلام الأول، مستعرضاً وقائع تاريخية ليثبت من خلالها أن «أهل الحل والعقد» يضمون عناصر أو فئات مختلفة تكونت بطريقة طبيعية تدريجية، وتولدت غالبيتها من قلب أحداث تاريخية مختلفة، ويحددها فى أربع فئات، الأولى: السابقون الأولون إلى اعتناق الإسلام بمكة. والثانية: الممتازون بخدماتهم وتضحياتهم وبصيرتهم وفراستهم. والثالثة: الذين قاموا بأعمال جليلة فى الشئون العسكرية والسياسية ودعوة الناس إلى الدين. والرابعة: الذين نالوا شهرة عظيمة بين الناس من حيث علمهم بالقرآن، والفهم والتفقه فى الدين.

وفضل إيليا حريق استخدام مفهوم «السراة» بديلاً لمفهوم «النخبة»، لأن الثانى محمل بقيم وسياقات غربية، وأنه حين تمت ترجمة مصطلح أو كلمة «Elite» إلى اللغة العربية بـ«نخبة» فقد انحرف المدلول وحمولاته ولبس لبوس الثقافة العربية التى تضع هالة من الخصال الحميدة والتصورات والأفعال الحميدة حول كلمة «نخبة» التى تحال إلى الاصطفاء والانتقاء والامتياز والخيرية وحسن الخلق. واستند «حريق» فى طرحه هذا الذى حوته دراسته «السراتية والتحول السياسى والاجتماعى فى المجتمع العربى الحديث» إلى ما جاء فى قصيدة لشاعر جاهلى هو صلاة بن عمرو بن مالك:

«لا يصلح الناس فوضى لا سَراة لهم ** ولا سَراة لهم إذا جُهَّالُهم سادوا»

رغم كل هذا تعرض مصطلح «النخبة» لتشويه مقصود فى الحياة السياسية التى أعقبت انطلاق «الربيع العربى»، لا سيما فى مصر على أيدى أتباع «الإخوان» و«السلفيين»، وكان هدفهما بناء جدار عازل بين «قادة الرأى» والجماهير الغفيرة، حتى يسهل عليهم توجيهها بالطريقة التى تحلو لهم وتحقق مصالحهم. وكان التشويه عميقاً وجارحاً إلى درجة أن كلمة نخبة صارت مصطلحا سيئ السمعة فى أذهان العوام. لكن هذا الأمر انطوى على شىء إيجابى، يتمثل فى اعتراف غير مباشر من «النخبة الحاكمة» آنذاك بأن «النخبة المضادة» أو «النخبة الثقافية» لها تأثير كبير على الجمهور، الأمر الذى فرض على من يحكمون استخدام كل أساليب الدعاية السياسية فى مواجهة قادة الرأى.

omantoday

GMT 05:48 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

المُنقضي والمُرتجَى

GMT 05:46 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

«طوفان الأقصى» و«ردع العدوان»: إغلاق النقاش وفتحه...

GMT 05:44 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

عام ليس ككل الأعوام

GMT 05:42 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 05:38 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

البحث عن المشروع العربي!

GMT 05:36 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

2025... العالم بين التوقعات والتنبؤات

GMT 05:30 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النقاش مستمر

GMT 05:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لا نملك إلا الأمل في عام 2025

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرشحو الأحزاب مرشحو الأحزاب



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

إطلالات كيت ميدلتون أناقة وجاذبية لا تضاهى
 عمان اليوم - إطلالات كيت ميدلتون أناقة وجاذبية لا تضاهى

GMT 09:55 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الوجهات السياحية لعام 2025 اكتشف مغامرات جديدة حول العالم
 عمان اليوم - أفضل الوجهات السياحية لعام 2025 اكتشف مغامرات جديدة حول العالم

GMT 09:25 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024
 عمان اليوم - اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab