متى تتوقف حروب إسرائيل

متى تتوقف حروب إسرائيل؟

متى تتوقف حروب إسرائيل؟

 عمان اليوم -

متى تتوقف حروب إسرائيل

بقلم:عمرو الشوبكي

لم ينتهِ العدوان الإسرائيلي على غزة واستمر في استهداف المدنيين والنازحين في كل مناطق القطاع، وخلّف حتى الآن نحو 42 ألف قتيل، معظمهم من النساء والأطفال، وعاد واستهدف مدنيين ومقاتلين تابعين لـ«حزب الله»، واخترقت إسرائيل أجهزة الحزب على مدار يومين، وخلّفت نحو 4 آلاف مصاب ونحو 40 قتيلاً، ثم عادت في اليوم التالي واستهدفت إبراهيم عقيل قائد فرقة الرضوان، وقتلت معه 15 قيادياً وعنصراً من الحزب، ومعهم نحو 30 مدنياً بينهم أطفال، وبدت أنها مستعدة أكثر من أي وقت مضى لتوسيع دائرة حروبها من دون رادع أو حساب.

إن السؤال المحوري الذي سيطرح بعد عام من عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 حول أسباب «التوحش الإسرائيلي»، والخروج عن المألوف في حروب ما بعد الحرب العالمية الثانية، بما فيها الحروب العربية - الإسرائيلية، هل تتحمل 7 أكتوبر بمفردها أو أساساً مسؤولية المشاهد التي نراها كل يوم؟ أم أن بنية الدولة العبرية احتاجت 7 أكتوبر لكي تنفذ مشروعها الذي كانت تسير فيه، ولكن بصورة أكثر وحشية، فقضمت أراضي الضفة الغربية، وقطعت أواصر المدن والبلدات الفلسطينية، ولم تكتفِ بنشر جيشها، إنما «بدرت» المستوطنين في كل أراضي الضفة حتى وصلوا إلى نحو 800 ألف مستوطن بعد أن كانوا 100 ألف عشية التوقيع على اتفاق أوسلو في 1993.

والحقيقة أن المشروع الإسرائيلي لم يكن يسير في اتجاه قبول مبدأ التسوية وحل الدولتين، ولم تكن رصاصات الإرهابي اليهودي إيغال عامير في نوفمبر (تشرين الثاني) 1995 التي قتلت إسحاق رابين أثناء مؤتمر لدعم السلام إلا صورة من الرفض الكامن داخل قطاع واسع من المجتمع الإسرائيلي لحل الدولتين.

علينا أن ننظر إلى تعامل غالبية النخب الإسرائيلية لحل الدولتين منذ حكومة شارون وحتى نتنياهو، وكيف أنها رفضت مسألة التسوية السلمية، ولم تحترم ما وقّعت عليه حتى أصبح الاستيطان في الضفة سياسة ممنهجة ومدعومة بدرجات مختلفة من كل الحكومات الإسرائيلية، وأن «التقية» التي تمارسها بعض التيارات الدينية في بلادنا هي نفسها التي مارسها التيار المهيمن داخل النخب الإسرائيلية، وأبطن عكس ما وقّع عليه من اتفاقيات.

صحيح أن إسرائيل عدّت 7 أكتوبر فرصة لتغيير القناع، فبدلاً من السير ببطء نحو هدف ضم الأراضي الفلسطينية، وإجهاض حل الدولتين من دون الحاجة بالضرورة لهذا العدد نفسه من الضحايا في عام، عادت وعدّت 7 أكتوبر فرصة لتخرج الوحش الكاسر من أعماقها، فتنتقم من الأطفال والنساء، وترتكب جرائم إبادة جماعية غير معتادة في حروب ما بعد الحرب العالمية الثانية؛ لتحقيق الهدف نفسه بطريقة أكثر دموية، وهو إجهاض حل الدولتين، وضم الضفة الغربية لإسرائيل، وعدم التخلي عن محاولات تهجير سكان غزة.

لا يمكن القول إن عملية 7 أكتوبر أجهضت الحل السلمي، إنما يمكن القول إنها جاءت في جانب منها نتيجة إجهاض هذا الحل السلمي، صحيح أنه لا يمكن قبول كل جوانبها، ومنها استهداف المدنيين والعسكريين تحت حجة أن هذا ما تفعله إسرائيل، والحقيقة أن «حماس» كانت في حاجة أكثر من غيرها ألا تستهدف المدنيين، وتقوم بعملية عسكرية في مواجهة عسكريين؛ لأن هذا ربما كان سيفتح الباب أمام قطاعات من الرأي العام في العالم، وبعض النخب السياسية الأوروبية أن تقول: «إنها حرب»، ولكن مجرد استهداف المدنيين من قبل تنظيم مصنف عالمياً إرهابياً أعطى فرصة لإسرائيل أن تقول إن ما تقوم به هو حرب على الإرهاب.

حروب إسرائيل لم تتوقف؛ لأنها استثمرت بالحد الأقصى في ثغرات «حماس» و«حزب الله» ومشكلاتهما الهيكلية، فالأولى مصنفة بجناحيها السياسي والعسكري منظمة إرهابية، والثاني مصنف بجناحه العسكري بأنه تنظيم إرهابي، كما أن كلاً منهما منفصل عن العالم، وليست له علاقة إلا بحلفائه في الإقليم وروسيا، وعجزت «حماس» لأسباب كثيرة أن تكون شبيهة بتنظيمات التحرر الوطني التي امتلكت إلى جانب الجناح العسكري جناحاً سياسياً كان جزءاً من «الصراع العالمي» حول قضية التحرر الوطني، ومشتبكاً سياسياً معها حتى داخل الدول الاستعمارية.

مشكلات «حماس» سهّلت مهمة إسرائيل في أن تصور الأمر وكأنها دولة وديعة مسالمة تحترم قرارات الشرعية الدولية، وجعلت الضفة الغربية، حيث السلطة المعتدلة واحة للسلام ونواة للدولة الفلسطينية، والحقيقة أن ما جرى على مدار 30 عاماً كان تفريغ الحل السلمي من مضمونه بموقفٍ عقائدي وسياسي، من قِبل النخب المسيطرة في إسرائيل، ومعادٍ للتسوية السلمية وحل الدولتين.

لن توقف إسرائيل حروبها إلا إذا تغيّرت المعادلات العربية والإقليمية والدولية بصورة تدفعها إلى ذلك، وحتى يحدث هذا التغير فإنها ستستمر في حروبها بصور مختلفة؛ لأنها لا ترغب فقط في الانتقام مما جرى في 7 أكتوبر، إنما أيضاً لأنها تريد أن تطبق بوحشية أكبر ما خططت له منذ عقود.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى تتوقف حروب إسرائيل متى تتوقف حروب إسرائيل



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab