الحصيلة الثقيلة

الحصيلة الثقيلة

الحصيلة الثقيلة

 عمان اليوم -

الحصيلة الثقيلة

عمرو الشوبكي
بقلم : عمرو الشوبكي

حصيلة الاحتجاجات التي شهدتها فرنسا الأسبوع الماضى ثقيلة ولافتة وربما غير مسبوقة لأنها جاءت في بلد مترسخ فيه ثقافة الرفض والاحتجاج وعرف أشكالًا وألوانًا من الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية المختلفة.

وقد وصفت صحيفة «اللوموند» الفرنسية (شديدة الرصانة والمهنية) حصيلة هذه الاحتجاجات بأنها «غير مسبوقة» مقارنة بكل الاحتجاجات التي شهدتها فرنسا منذ ثورة الطلاب في ٦٨، فقد أُلقى القبض على حوالى ٤ آلاف شخص وتم حرق ٥ آلاف سيارة عامة وخاصة، وما يقرب من ألف اعتداء على مبانٍ مختلفة، واستُهدف ٢٥٠ قسم شرطة بالحرق أو محاولة الحرق أو التحطيم، وأصيب ٧٠٠ رجل شرطة وتعرض أحدهم للإصابة بطلق نارى، وحرقت ألف حاوية قمامة.

أما نوعية الموقوفين فقد اتضح أن حوالى الثلثين منهم قُصَّر، وأن 90% منهم يحملون الجنسية الفرنسية، كما لم يشارك في هذه الاحتجاجات أي محتجين من تيارات أخرى مثل السترات الصفراء أو تيارات اليسار إنما اقتصرت تقريبًا على شباب الضواحى ذوى الأصول المهاجرة.

صحيح أن هذه الاحتجاجات لها بعد اقتصادى، ولكن الجانب الأكبر يتعلق أساسًا بالتهميش الاجتماعى والثقافى، حيث ترسخ لدى قطاع واسع من الفرنسيين ذوى الأصول المهاجرة قناعة بأن المؤسسات الفرنسية عنصرية، والشرطة تستهدف المهاجرين سواء حملوا الجنسية الفرنسية أو كانوا مقيمين شرعيين، وأن المنظومة الحاكمة دفعتهم للعيش في الضواحى مهمشين يعانون من التمييز والبطالة بسبب لون بشرتهم أو أسمائهم حتى لو كانوا فرنسيين.

كما اعتبر كثير من الفرنسيين أن هؤلاء «الفرنسيين المهاجرين» غير قابلين للاندماج بسبب خلفيتهم الثقافية والدينية وأن الجريمة والعنف متأصلان فيهم، وبقى هناك تيار ثالث يؤمن بالمساواة والعدالة ويرفض العنصرية، ويناضل من أجل دعم دولة القانون.

واعتبر كثيرون أن حادث قتل الفرنسى من أصل جزائرى نائل (17عامًا) على يد أحد رجال الشرطة عمدًا- دليل على عنصرية الشرطة تجاه الفرنسيين من أصول مهاجرة وعربية، وأنها تفرق بينهم وبين الفرنسيين من أصحاب البشرة البيضاء، وهذا ما جعل حصيلة من ماتوا على يد الشرطة بطلقات نارية مميتة في عامين نتيجة «عدم الامتثال» 18 شخصًا، وهو من أعلى الأرقام في أوروبا.

إن النقاش الذي دار في فرنسا طوال الأسبوع الماضى سياسيًّا وإعلاميًّا أوضح أن هناك تيارًا واسعًا من النخب السياسية، خاصة تيارات اليمين المتطرف التي تمثل ثانى أكبر حزب في البرلمان، اختزلت ما جرى في حوادث العنف وتجاهلت تمامًا السبب الرئيسى وراء هذه الحوادث وهو جريمة القتل العمد التي راح ضحيتها شاب صغير.

ويبقى الحل ليس فقط في تطبيق القانون على الجميع ومحاسبة الشرطى المتهم بجريمة القتل العمد ومعه كل من مارس العنف والتخريب، إنما أيضًا البحث في أسباب هذا الشرخ الحادث بين شباب الضواحى من الفرنسيين وقطاع واسع من المجتمع والدولة.

omantoday

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

هوامش قمة البحرين

GMT 08:30 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 08:29 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 08:28 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحصيلة الثقيلة الحصيلة الثقيلة



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 15:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 عمان اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab