صراع الأفكار

صراع الأفكار

صراع الأفكار

 عمان اليوم -

صراع الأفكار

عمرو الشوبكي

يمكنك أن تعرف واقع أى مجتمع من المجتمعات ودرجة تقدمه أو حرصه على التقدم بطبيعة الأفكار التى تقدم له، وكيف أن صراعات الأفكار وخلافات الرؤى والبرامج هى عنوان التقدم وليس الصوت الواحد أو الصوت الرافض.

إذا كنت مقيماً أو متابعاً أو حتى سائحاً فى أحد بلاد خلق الله الواسعة، وتابعت ما يُكتب فى الصحف ووسائل الإعلام وما يقوله السياسيون حكاماً ومعارضين ستجد أن هناك صراعاً حول قضايا وأفكار كثيرة: هل سنرفع الضرائب أم ننقصها؟ ما هو مفهوم الخدمة العامة وحدودها؟ هل سنرفع مصاريف الجامعات أم نخفضها؟ هل سنتوسع فى استخدام الدراجات ووسائل المواصلات الصديقة للبيئة أم نؤجلها؟ ماذا سنفعل مع المهاجرين الأجانب؟ هل لدينا مشكلة مع الإسلام أم مع بعض المسلمين؟ هى كلها أسئلة يعج بها أى مجتمع متقدم، وهى نقاشات لن تجدها فى أوروبا وأمريكا فقط، إنما فى الهند وماليزيا وتركيا وإندونيسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا وهى كلها بلاد ليست أوروبية (باستثناء تركيا التى يمكن اعتبارها جزئياً أوروبية) ولا غربية الثقافة ولكنها بلاد تحترم نفسها، وتحاول أن تؤسس طريقاً لتقدمها، ولذا اعتبرت أن بها صراعاً حول قضايا وأفكار واجتهادات سياسية واقتصادية متنوعة ولا تعيش على السجالات الرخيصة والشتائم المهينة وفواصل الردح التى باتت حدثاً يومياً فى كثير من قنواتنا الفضائية.

هل غاب النقاش العام عن مصر، وغاب أى اشتباك حول الأفكار والرؤى السياسية والبرامج الاقتصادية حتى بات البلد مجرفاً لهذا الحد؟ حين يقول البعض إن 90% من ودائع مشروع عظيم وعملاق مثل قناة السويس جاءت من ودائع البنوك، هل هذا صحيح أم خطأ، ضار أم مفيد؟ لا إجابة لأنه لا أحد يناقش، ولا أحد يهتم أن يناقش. هل إلغاء النشاط الحزبى فى الجامعات يعنى إلغاء الأسر السياسية؟ وما هى الحدود الفاصلة بين النشاط السياسى السلمى المطلوب والنشاط الحزبى التحريضى المرفوض؟ وهل مواجهة الإخوان فى الجامعات ستكون بالأمن أم بالسياسة أم بالاثنين؟ أى فى حال إذا مارسوا عنفاً أو شغباً فستكون المواجهة بالأمن، وفى حال طرحوا رؤى سياسية ولو خاطئة فبالسياسة؟ ما هى طبيعة المجلس الأعلى للإعلام الذى سيكون من مهمته وضع القواعد المهنية لعمل الإعلام؟ كيف سنحافظ على استقلاله؟ وما هو شكل علاقته بالدولة وسلطتها التنفيذية والتشريعية؟

هل نحن فى حاجة إلى إصلاح وتحديث المنظومة القضائية؟ وما هى الأفكار التى يجب أن نطرحها لتحقيق هذا الهدف؟ وهل سيكون ذلك عن طريق مؤتمر جديد للعدالة أم ماذا؟

هل هناك نقاش عام حول السياسات العامة: أولويات التعليم، الصحة، الخدمات المواصلات، أم فقط نقرأ فى الصحف افتتاح الوزير محطة قطارات بعد تجديدها أو شراء حافلات جديدة وغيرها من «افتتح السيد المسؤول» من جسر حتى سلة القمامة.

لا يوجد صراع أفكار حول أولويات هذه السياسة لأنه من الأصل لا يوجد نقاش عام حول قضية واحدة تخص حاضر أو مستقبل هذا البلد، إنما ثرثرة واتهامات وتخوين وجمل وشعارات كبيرة أقرب لهتافات النظم الشمولية المنقرضة، ولكن لا نقاش جاداً فى الإعلام ولا فى الصحافة حول قضايا وليس مجرد عرض للنميمة اليومية والسجالات والاتهامات المتبادلة.

لن تتقدم مصر خطوة واحدة للأمام إلا إذا تعود المجتمع وشرائحه الأكثر تعلماً على أن عنوان التقدم هو صراع بين أفكار وبدائل متعددة تقدم بشكل مبسط للرأى العام وليس هستيريا التحريض والسباب التى كرّهت الناس فى السياسة والمشاركة فى الشأن العام.

 

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صراع الأفكار صراع الأفكار



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:32 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج القوس

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 04:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab