كارثة التهجير

كارثة التهجير

كارثة التهجير

 عمان اليوم -

كارثة التهجير

عمرو الشوبكي

حين يصل التطرف والجهل وعدم الاتزان بالبعض إلى أن يطالب بتهجير أهالى سيناء، أو بتهجير مدن بأكملها، يقدر عدد سكانها بأكثر من ربع مليون نسمة من أجل مواجهة الإرهاب، ينسى أو يتناسى أنه يقدم أكبر خدمة للإرهاب.

والمؤكد أن هذا النوع من الحلول سمعناه فقط من متطرفين يهود حين طالبوا بتهجير عرب 48 من إسرائيل، واتهموهم بالخيانة والعمالة، ورغم عنصرية الدولة العبرية وعدم اندماج معظم العرب فى مؤسساتها، إلا أنه لم يجرؤ أحد على تنفيذ جزئى أو كلى لهذه الخطوة رغم حالة الحرب المعلنة على الشعب الفلسطينى فى داخل إسرائيل وخارجها.

والمؤكد أن محاربة الإرهاب فى مصر، وتحديداً فى سيناء، قد تستلزم إخلاء بناية أو حى أو إقامة منطقة عازلة على الحدود، وهى كلها إجراءات استثنائية، لها علاقة بمسرح العمليات، أما مجرد التفكير فى تهجير محافظة أو أجزاء منها فهو جريمة مكتملة الأركان لأنها ببساطة ستفشل فى مواجهة الإرهاب، وستعنى عملياً فشلاً كاملاً للدولة المصرية فى حربها ضد الإرهاب.

والحقيقة أن الاعتراف بأن هناك بيئة حاضنة للإرهاب فى سيناء لا يعنى اعتبار أهلها إرهابيين، فالبيئة الحاضنة فى الحالة المصرية هى بيئة جزئية وليست شاملة، وهى مرتبطة بجملة من الظروف الاجتماعية والسياسية والثقافية التى لم يحاول أهل الحكم منذ عهد مبارك وحتى الآن حلها ولو بشكل تدريجى.

لم تفكر نخبة العاصمة المصرية حين ذهبت إلى أرض سيناء المحررة أن تبنى أولاً مدناً «سيناوية» لبدو سيناء، تكون هى الأصل الذى تبنى حوله المنتجعات السياحية، كما لم يأت بخلدها أن هناك سكاناً «أصليين» فى تلك المنطقة، لم يستفد معظمهم من عائد السياحة، ولم يبذل أى جهد لتأهيلهم ليكونوا دعامة لكل المشاريع التى نشأت أو ستنشأ فى تلك المنطقة، ولم تحاول الحكومة فى أى مرحلة أن تطبق سياسة إدماجية تجاه بدو سيناء ليصبحوا عنصر ثراء للثقافة والمجتمع المصرى.

والمؤكد أن بداية الشرخ الذى حدث بين الدولة وأهالى سيناء ترجع إلى أكتوبر 2004، عقب اعتداء طابا الإرهابى، وقيام أجهزة نظام مبارك بتوسيع دائرة الاشتباه حتى شملت ما يقرب من 4000 معتقل، تعرض بعضهم لاعتداءات وانتهاكات صارخة.

ومنذ ذلك التاريخ، غابت السياسة تماما، ودخل الأمن، وأصبح فى يده تقريبا كل ملفات سيناء ومصر، وتعرض جزء كبير من أهالى سيناء للملاحقة والاعتقال، وشعروا بالتهميش والغبن فى ظل سياسات إقصائية لم تتغير حتى الآن.

وجاء دخول الإرهابيين إلى سيناء، ودخول مصر فى حرب ضد الإرهاب، فوجدوا بيئة حاضنة من البشر والجبال ساعدت على تغلغلهم وقدرتهم على التحرك والإيذاء.

فى كل بلاد العالم التى دحرت الإرهاب، بما فيها مصر فى الثمانينيات، بدأنا بالسؤال الكبير: هل هناك بيئة حاضنة للإرهاب؟ وكيف يمكن تجفيف منابعه الفكرية والمادية؟.. هذا السؤال أجيب عنه فى حربنا الأولى ضد الجماعات الجهادية فى الثمانينيات والتسعينيات بأن قيل إنه لا توجد فى كل مصر بيئة حاضنة للإرهاب، ثم بعد ذلك تم تجفيف المنابع الفكرية للإرهاب ولعب الأزهر أعظم أدواره فى ذلك الوقت، وتحاور علماؤه مع الجهاديين فى داخل السجون وخارجها، وكانت الهزيمة الأولى للإرهاب، أما الآن فنحن نبحث عن شماعة تبرر تعثرنا فى مواجهة الإرهاب وعدم إجابتنا عن الأسئلة الصحيحة: نعم، توجد بيئة حاضنة ولو جزئية للإرهاب فى سيناء، ومواجهتها لن تكون بالحلول العسكرية (التى هى حتمية مع الإرهابيين)، ونعم لا يوجد أى جهد فكرى أو سياسى من أى نوع لتجفيف منابع الإرهاب، إنما فقط اعتبار أهل سيناء كبش فداء لإخفاقاتنا.

omantoday

GMT 05:48 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

المُنقضي والمُرتجَى

GMT 05:46 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

«طوفان الأقصى» و«ردع العدوان»: إغلاق النقاش وفتحه...

GMT 05:44 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

عام ليس ككل الأعوام

GMT 05:42 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 05:38 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

البحث عن المشروع العربي!

GMT 05:36 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

2025... العالم بين التوقعات والتنبؤات

GMT 05:30 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النقاش مستمر

GMT 05:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لا نملك إلا الأمل في عام 2025

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كارثة التهجير كارثة التهجير



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

إطلالات كيت ميدلتون أناقة وجاذبية لا تضاهى
 عمان اليوم - إطلالات كيت ميدلتون أناقة وجاذبية لا تضاهى

GMT 09:55 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الوجهات السياحية لعام 2025 اكتشف مغامرات جديدة حول العالم
 عمان اليوم - أفضل الوجهات السياحية لعام 2025 اكتشف مغامرات جديدة حول العالم

GMT 09:25 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024
 عمان اليوم - اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab