مسيحيو الموصل

مسيحيو الموصل

مسيحيو الموصل

 عمان اليوم -

مسيحيو الموصل

عمرو الشوبكي

ما جرى لمسيحيى الموصل هو جزء من مأساة أكبر اسمها مسيحيو العراق، وهى جزء من مأساة أكبر اسمها مأساة العراق نتائجها ستكون وخيمة على كل العالم العربى بعد أن جرى تفريغ هذا البلد مما يقرب من نصف سكانه عقب الغزو الأمريكى للعراق.
صحيح هناك ثمن أكبر دفعه مسيحيو الموصل لكونهم مسيحيين، ولكن المؤكد أن كل الشعب العراقى دفع ثمنا باهظا وغير مسبوق فى تاريخ الأمم عقب الاحتلال الأمريكى للعراق، ومحاولة إدارة بوش السابقة فرض نموذج كارثى قائم على فرض الديمقراطية بالقوة، فكانت نتيجته واحدة من كبرى تجارب الفشل فى التاريخ الإنسانى كله وليس العربى.
مسيحيو العراق كان عددهم قبل 2003 (تاريخ الغزو الأمريكى للعراق) مليونا وربع المليون مواطن، وبعد الغزو وبعد أن اندلعت المواجهات الطائفية بين الميليشيات التكفيرية السنية والطائفية الشيعية هرب ما يقرب من مليون مسيحى من بلادهم بعد أن رفضوا حمل السلاح ودفعوا ثمن سلميتهم وإيمانهم بوطنهم.
ما يجرى فى العراق هو كارثة مكتملة الأركان، يتحمل مسؤوليتها الأولى الغزو الأمريكى، حين هدم الأخير الدولة العراقية وفكك الجيش وبنى نظاما سياسيا جديدا قائما على المحاصصة الطائفية، فتحول البلد الذى عُرف بتسامحه الدينى والمذهبى إلى تربة خصبة للحرب الطائفية، وتحولت الحرب الأمريكية على الإرهاب إلى أحد مصادر انتشار الإرهاب فى داخل العراق وخارجه.
إن ما يجرى فى العراق الآن عقب اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش) لثلاث محافظات عراقية، بما فيها مدينة الموصل، هو نتاج كارثتين كبيرتين: الأولى هى سقوط نظام صدام حسين بفعل احتلال أجنبى وليس ثورة داخلية، وأن هذا الغزو الأمريكى ارتكب جريمة كبرى حين قضى على الدولة العراقية وفكك مؤسساتها، وفى القلب منها الجيش العراقى.
هل كان يمكن أن يتصور أحد فى العالم العربى قبل ربع قرن لا أكثر أن يأتى تنظيم إرهابى من خارج الحدود ويجد حاضنة شعبية (سنية) ولو بقدر ساعدها وجود نظام سياسى طائفى يقوده المالكى، ويطالب سكان واحدة من كبريات المدن العربية والعراقية- أى الموصل- بالتحول إلى الإسلام أو دفع الجزية، فيضطرون إلى ترك منازلهم وممتلكاتهم ويهجرون مدينتهم بعد أن شاهدوا جرائم الذبح التى مارسها التنظيم بحق المسيحيين فى سوريا وبحق الشيعة والعلويين.
الكارثة أن من يواجه داعش ليست دولة ولا جيشا وطنيا، إنما قوات المالكى الحكومية ودولة محاصصة طائفية جلبت الميليشيات الطائفية الشيعية مكان أجهزة الأمن، ومارست جرائم طائفية بحق السنة لا تختلف كثيرا عن جرائم تنظيم داعش بحق الشيعة.
التضامن مع مسيحيى الموصل لا يجب أن يأتى فقط من مسيحيين على طريقة التضامن التى عرفناها فى مصر مع مسلمى البوسنة، إنما هى قضية سياسية وإنسانية تخص كل من له ضمير حى (بنى آدم يعنى) يرى آلاف البشر يهجرون من مدينتهم بفعل تهديدات إرهابية وبسبب دولة فاشلة. هنا التضامن الإنسانى والدعم المادى والمعنوى هو واجب على كل مصرى بصرف النظر عن ديانته، أما الدعم السياسى فسيكون برفض هذا النموذج، الذى طبق فى العراق وفضحه، والعمل على عدم تكراره فى أى مكان آخر.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسيحيو الموصل مسيحيو الموصل



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab