بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
ربما يبدو للوهلة الأولى أن النتائج الأولية للانتخابات التشريعية فى جزيرة جرينلاند فى 11 مارس الحالى تُقَرِب الرئيس الأمريكى ترامب من شرائها. فقد تصدرت قضية الاستقلال عن الدنمارك المشهد الانتخابى الذى يهتم به العالم للمرة الأولى فى تاريخ الجزيرة بسبب سعى ترامب إلى امتلاكها. كما يعتقد بعض المراقبين أن حصول الحزب الديمقراطى وحزب ناليراك القومى على المركزين الأول والثانى حتى الآن قد يجعل الحكومة القادمة أكثر استعدادًا للشروع فى إجراءات السعى إلى الاستقلال. ومن شأن حصول الجزيرة على استقلالها أن يجعل شعبها هو الذى يقرر مصيرها، وهل تبقى مستقلة أو تُضم إلى الولايات المتحدة.
غير أن الوضع أكثر تعقيدًا من ذلك. لا يختلف موقف الحزب الديمقراطى الحاصل على المركز الأول كثيرًا من حزبى أتاكاتيجيت وسيوموت اللذين يتكون الائتلاف الحكومى الراهن منهما. الخط العام فى مواقف الأحزاب الثلاثة هو الانفصال التدريجى عن الدنمارك. والأرجح أنه لن يكون فى إمكان حزب ناليراك أن يفرض موقفه الداعى إلى الشروع فورًا فى مفاوضات مع حكومة الدنمارك بشأن إجراء استفتاء حول تقرير مصير الجزيرة، إذا شارك فى الائتلاف الجديد مع الحزب الديمقراطى الذى يستطيع التفاوض مع أى حزب آخر بدلاً منه لتأمين الأغلبية فى البرلمان. ولا تستطيع الحكومة الجديدة أيضًا البدء فى إجراء مفاوضات بشأن الاستقلال إلا بعد التأكد من أن قطع الدعم المالى السنوى الذى تقدمه الدنمارك لن يؤدى إلى انهيار الاقتصاد الضعيف الذى يعتمد بالأساس على السياحة وصيد الأسماك رغم توافر معادن ثمينة غير مستغلة.
ويعنى هذا أن الانتخابات لم تُقَرِب ترامب من شراء الجزيرة خلال فترة رئاسته الحالية. ويُعَزِز هذا الاستنتاج أن معظم السياسيين فى جرينلاند يشعرون باستياء من طريقة ترامب فى الحديث عن بلدهم، ويعتبرونها غير لائقة، ولا يقبلون التعامل مع شعبهم كما لو أنه سلعة تُباع وتُشترى. وهم يرون أن هذه الطريقة يعوزها الاحترام واللياقة. ولذا فإن كان ثمة احتمال لشراء الولايات المتحدة الجزيرة فالأرجح، وربما الأكيد، أن هذا لن يحدث فى عهد ترامب.