الاستحالة العقلية

الاستحالة العقلية!

الاستحالة العقلية!

 عمان اليوم -

الاستحالة العقلية

د. وحيد عبدالمجيد

ما الذى يمكن أن تقوله لأحد أتباع حاشية الرئيس الأسبق حسنى مبارك أو المستفيدين منها عندما يؤكد أن الرئيس عبد الفتاح السيسى تسلم البلد «خربانة»ويسعى لانتشالها من الخراب، ثم يبدأ فى وصلة ردح ضد ثورة 25 يناير التى لم يهدف المصريون من خلالها إلا إلى وضع حد لهذا الخراب عبر تحقيق الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية؟


وكيف يستقيم الإيمان بأن مصر أصبحت «خربانة»، والاعتقاد فى الوقت نفسه أن النظام الذى صنع كل هذا الخراب لم يكن يستحق الثورة عليه بل التصفيق له؟

وأى عقل طبيعى هذا الذى يستخلص من الوضع الراهن أنه خراب تراكم على مدى عقود، ويعتقد فى الوقت نفسه أن السياسات التى اتُبعت خلال هذه العقود كانت صحيحة مادام أن الثورة ضد من صنعوا هذه السياسات ونفذوها لم تكن إلا مؤامرة؟

وكيف نفهم هذا النوع من العقل الذى لا يعى تناقضه بل يصر عليه ويعتبره حقيقة مطلقة؟ الجواب عن هذا السؤال نجده فى التفسير الذى يربط تدنى الوعى العام بالمفهوم الخلدونى الخاص بـ «الاستحالة العقلية» . فعندما يتدنى الوعى فى المجتمع إلى حد معين، أو يهبط تحت نقطة معينة، ينتفى الشعور بهذه الاستحالة. وعندئذ يصبح ممكناً الجمع بين نقيضين، أو أى عدد من النقائض والدفاع عنها كلها بالقوة نفسها وبالحماس عينه. فلا يدرك المرء ما يصح وما لا يصح فى لحظات تاريخية معينة، وبشان قضايا محددة، إلا إذا امتلك قدرة على التمييز وكان عقله قادراً على الفرز والتقييم المنطقى.

وحين لا يتوافر ذلك، يصبح المستحيل ممكناً، وقد يصير الممكن مستحيلاً. وفى هذه الحالة يمكن أن تؤدى سياسات صحيحة صنعها رئيس وسلطته إلى تخريب البلد الذى تُطبق فيه، وأن نجد من يدافعون عن هذا الرئيس ويزعمون أنه ضحية مؤامرة ويدينون فى الوقت نفسه تلك السياسات التى صنعها هو ولكن دون أن يصرحوا بذلك.

وليست مصر فى وضعها الراهن فريدة فى هذا المجال. فكم من بلاد مرت بظروف بلغ فيها تدنى الوعى المبلغ الذى ينتفى معه المعنى المتضمن فى مفهوم الاستحالة العقلية. فنجد من لا يدركون أن ما يظنونه صحيحاً إنما هو مستحيل عقلياً، ولا يعون أن ما يقولونه مستحيل عقلياً.

أما أهم ما لا يفهمه هؤلاء فهو أن حالتهم هذه تفيد أنهم ضحايا سياسات الرئيس الأسبق الذى يملأون الدنيا صراخاً للدفاع عنه وتشويه الثورة التى أسقطته.

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستحالة العقلية الاستحالة العقلية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab