سلطة تُدمَّر الدولة

سلطة تُدمَّر الدولة!

سلطة تُدمَّر الدولة!

 عمان اليوم -

سلطة تُدمَّر الدولة

د. وحيد عبدالمجيد

السلطة السياسية هى أحد مكونات الدولة، ولكنها ليست أهم هذه المكونات. فالأرض أو الإقليم أكثر أهمية. ولا يمكن أن توجد دولة دون أرض وحدود.

 أما الشعب فهو المكون الأكثر أهمية للدولة فى العصر الحديث، أو للدولة الحديثة. فبدون شعب، لا توجد دولة. والشعب هو الذى يأتى بالسلطة فى الدولة الحديثة التى تقوم على مبدأ سيادة الشعب.

ولذلك فعندما تُختزل الدولة فى السلطة وأجهزتها، لابد أن يكون هناك خطأ فى كلتيهما .. أى فى الدولة، وفى السلطة. ففى هذه الحالة، نكون إزاء دولة وفق معطيات يُفترض أنها انتهت فى العصر الحديث. فقد استمد عصرنا وصفه بأنه حديث من تغيرات جوهرية فى مقدمتها التمييز بين الدولة والسلطة، وامتلاك الشعب للمرة الأولى فى التاريخ الحق فى اختيار من يحكمه وتغييره، فصار هو مصدر هذه السلطة وصاحب السيادة فى الدولة.

ولا تكون الدولة دولة فى هذا العصر إلا حين يختار الشعب بحرية كاملة السلطة التى تخدمه من خلال أجهزة تعمل من أجله دون أن تتسلط عليه أو تقهره أو تصادر أياً من حقوقه. وهذا هو مضمون العقد الاجتماعى الضمنى الذى يحدد العلاقة بين الشعب ـ السيد الذى يملك السيادة والسلطة ـ الخادمة التى تعمل فى خدمة الناس.

وفى غياب هذا العقد، تكف الدولة عن أن تكون دولة، وتتجاوز السلطة وظيفتها. وكلما ازداد هذا التجاوز، تمددت السلطة وابتلعت الدولة. وعندئذ يبدأ التدهور الذى قد يصل إلى حد انهيار الدولة مادياً، بعد أن تضمحل معنوياً فى ظل تمدد السلطة وتغولها وإلغائها الشعب الذى يتحول فى هذه الحالة إلى جماعات ينكفئ كل منها على انتمائه الضيق الدينى أو المذهبى الطائفى أو العرقى.

ويعنى ذلك تحول السلطة من مؤسسات مكلفة بالعمل من أجل الشعب وسعياً للارتقاء بالدولة إلى أجهزة تلغى ذلك الشعب وتدَّمر مقومات هذه الدولة.وربما تصبح السلطة مستعدة حينئذ لأن تذهب إلى آخر مدى فى تدمير الدولة حتى إذا تطلب ذلك قتل الشعب كما يحدث فى سوريا، التى تدخل هذه الأيام العام الخامس لثورتها التى تمكنت السلطة من تحويلها إلى حرب أهلية لكى تستمر فوق أنهار من الدماء.

وتمثل حالة بالغة الدلالة على المدى الذى قد يبلغه تدمير السلطة التى تتجاوز حدودها للدولة. وإذا كان صحيحاً القول إن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، فصحيح أيضا السلطة المطلقة دمار شامل وخراب مطلق.

 

omantoday

GMT 18:35 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

كيف ستكون علاقتنا مع ترمب؟

GMT 18:34 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

في ذكرى صاحب المزرعة

GMT 18:34 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

بين التسلط بالامتداد أو التسلط والانفراد

GMT 18:33 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

مناخر الفضول وحصائد «فيسبوك»

GMT 18:32 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

ترمب والداء الأوروبي الغربي

GMT 18:31 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لبنان... امتحان التشكيل

GMT 18:30 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

القراءة والكتابة أولاً

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلطة تُدمَّر الدولة سلطة تُدمَّر الدولة



إطلالات ياسمين صبري وأسرار أناقتها التي تُلهم النساء في الوطن العربي

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:08 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

تطوير أدوية مضادة للفيروسات باستخدام مستخلصات من الفطر

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab