فرنسا “المتشددة” تسير على نهج امريكا وتتراجع عن رحيل الاسد

فرنسا “المتشددة” تسير على نهج امريكا وتتراجع عن رحيل الاسد

فرنسا “المتشددة” تسير على نهج امريكا وتتراجع عن رحيل الاسد

 عمان اليوم -

فرنسا “المتشددة” تسير على نهج امريكا وتتراجع عن رحيل الاسد

عبد الباري عطوان

استوقفني اليوم في احد شوارع مدينة لندن رجل مسن، غلب الشيب على شعر رأسه، نحيل الجسم، اسمر البشرة، وقال لي دون مقدمات “يا عطوان احملك رسالة لكل العرب اقول لهم فيها: كنتم طوال السنوات الثلاثين الماضية تسخرون من الصومال، وتضربون المثل في حالة الفوضى الدموية التي يعيشها، والاقتتال الداخلي بين ابنائه.. ويذهب كتابكم الى استعمال تعبيرات مثل “الصوملة” في مقالاتهم.. اليس احوال الصومال افضل الآن من غالبية دولكم.. اين العراق.. اين سورية.. اين اليمن.. اين ليبيا.. ومن هي الدولة التالية”؟
تذكرت كلمات هذا الرجل الطيب البسيط التي تنضح صدقا، وانا اتابع الوضع المتدهور في سورية خصوصا، والتحولات المفاجئة في مواقف الدول الغربية وحلفائها العرب التي خدعت الشعب السوري وضللته، وسلحت ثورته، ووعدته باطاحة النظام، ثم تخلت عنه وسلمت الملف السوري برمته لروسيا.
***
بعد ان تخلت الادارة الامريكية عن شرط تنحي الرئيس السوري بشار الاسد واسقاط النظام “غير الشرعي”، واستصدرت قرارات عن اجتماعات وزراء خارجية “اصدقاء” سورية بتتويج الائتلاف الوطني المعارض ممثلا وحيدا، ها هي فرنسا، الدولة الاكثر تشددا في العداء للرئيس السوري، تعلن، وعلى لسان وزير خارجيتها لوران فابيوس، ان تنحي الرئيس الاسد لا يمكن ان يبقى مطلبا مطلقا لا يقبل التغيير، والا فان الاوضاع في سورية سوف تؤول الى ما يعانيه العراق بعد انهيار مؤسسات الجيش والدولة فيه”، ونقلت عنه صحيفة “الفيغارو” الفرنسية قوله “ان فرنسا لن تطالب برحيل الرئيس الاسد كشرط مسبق لمحادثات السلام”.
السبب الرئيسي لهذا الانقلاب في المواقف الغربية هو صعود “الدولة الاسلامية” وتعاظم قوتها وخطرها، وتحشيد معظم، ان لم يكن كل، القوى الاقليمية والدولية للتصدي لها، ومحاولة القضاء عليها، ويلتقي الاعداء قبل الاصدقاء على هذا الهدف، مثل السعودية وايران، وامريكا وروسيا.
طبعا هناك اسباب اخرى، ابرزها صمود النظام والجيش السوري ما يقرب من خمس سنوات، ووجود حاضنة سورية لهما، علاوة على الدعم الروسي الايراني غير المحدود.
لا نعرف ما اذا كان هذا الانقلاب في مواقف فرنسا وامريكا وباقي الدول الغربية تجاه النظام السوري وضرورة استمراره، في المستقبل المنظور على الاقل، سينعكس على مواقف الدول العربية والاسلامية التي تقف في المعسكر نفسه، ونقصد بذلك تركيا والمملكة العربية السعودية وقطر، وهي الدول التي تبنت المعارضة السورية منذ اليوم الاول، وامدتها بالمال والسلاح والمقاتلين، وسخرت امبراطورياتها الاعلامية الجبارة في خدمتها، وجمدت عضوية سورية في الجامعة العربية، واغلقت سفاراتها، فهل تتراجع هذه الدول العربية في الايام والاسابيع المقبلة اسوة بحلفائها الغربيين، ومن سيقدم لها السلم للنزول عن الشجرة العالية التي تسلقتها؟ واذا تحلت بالعناد، وهذا مستبعد في اعتقادنا، فما هي خياراتها الاخرى؟.
قبل اسابيع معدودة كان الرئيس رجب طيب اردوغان يتحدث عن مناطق عازلة، وحظر جوي، داخل الاراضي السورية، وكان السيد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي يؤكد بكل ثقة ان الرئيس الاسد سيسقط سواء من خلال الحل السياسي او استخدام القوة، لانه لا مكان له في مستقبل سورية، فهل هذه المطالب ما زالت مطروحة بعد هذا الانقلاب الغربي؟
***
الرئيس اردوغان كان (الاربعاء) في موسكو يقف جنبا الى جنب مع الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس الفلسطيني محمود عباس اثناء حفل افتتاح مسجد موسكو المركزي الكبير، ويعلن للصحافيين “ان العلاقات التركية الروسية بلغت خلال السنوات العشر الاخيرة مستويات متقدمة، وان حجم التبادل التجاري لا يزال يحافظ على نموه خلال هذه الفترة، وبلغ خلال العام الماضي 31 مليار دولار”، وقال “اننا نهدف الى رفع هذا الحجم الى 100 مليار دولار عام 2020 وآمل ان نحقق هذا الهدف”.
تحقيق هذا الهدف لا يمكن ان يتم الا في ظل تفاهم روسي تركي في سورية، ويبدو ان هذا التفاهم قد تحقق في المباحثات الرسمية بين الجانبين، والنتائج ستظهر قريبا جدا.
اين العرب وسط هذه التحولات والانقلابات؟ اين المعارضة السورية؟ بل اين الشعب السوري واحياؤه وشهداؤه ومهجروه وجرحاه من كل الطوائف؟

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرنسا “المتشددة” تسير على نهج امريكا وتتراجع عن رحيل الاسد فرنسا “المتشددة” تسير على نهج امريكا وتتراجع عن رحيل الاسد



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab