رؤية مواطن 2030 البحث عن موقف «سيارة»

رؤية مواطن 2030.. البحث عن موقف «سيارة»

رؤية مواطن 2030.. البحث عن موقف «سيارة»

 عمان اليوم -

رؤية مواطن 2030 البحث عن موقف «سيارة»

بقلم : جمال خاشقجي

تلحق فوضى مواقف السيارات بفوضى الأرصفة بالمدينة السعودية، والتي عرضتها بمقالة أمس كأحد مطالب المواطن الباحث عن حياة أفضل، فلا يمكن إصلاح الثانية من دون معالجة الأولى، فهذه تفضي إلى تلك، ولكلتيهما علاقة بفوضى السكن والمتاجر، إذ انهارت منظومة رخص البناء التي تلزم صاحبها بتوفير موقف سيارة أو أكثر لكل شقة، ومواقف لكذا متر مربع لكل متجر، فـ«الفيلا» التي التزم صاحبها بارتداد معين كي تستوعب سيارتين على الأقل، تحولت إلى عمارة بها ما لا يقل عن ست شقق، فلم تعد هناك مساحة لـ12 سيارة لسكانها، «زاد الطين بلة» أن سمحت البلدية بتحويل شقق الدور الأرضي إلى متاجر ومطاعم، وعمارة مجاورة إلى مكاتب، فاختنقت الأحياء الداخلية بالسيارات الواقفة على جانبي الشارع.

الشيء نفسه يحصل في الشوارع التجارية فضاقت سعتها بعدما احتلتها السيارات التي تقف عامودياً وأفقياً وكيفما تيسر وعلى جنب! لا أحد يلزم أحداً بشيء اسمه «نظام مواقف السيارات»، أزمة تشوه المدينة وحركة السير، فتضيع فائدة مئات الملايين التي أنفقت على بناء الكباري والأنفاق، إذ تنزل من جسر شيد لتخفيف زحمة السير، فتجد نفسك في عنق زجاجة لأن عند مخرجه ورش ومتاجر اجتمعت فيه عشرات السيارات، اضطر أصحابها إلى «الدبل باركنج»، فيختصم الناس في عنق الزجاجة ذاك، فتتحول المسارات الأربعة على الكوبري السريع إلى مسار واحد ضيق في مخرجه فتتوقف السيارات على الكوبري، فتضيع فائدته، وجدوى الملايين التي أنفقت لتشييده.

ثمة محاولة خجولة لإعادة الاعتبار لنظام مواقف السيارات، تنفذها الآن أمانة مدينة جدة بحي عريق من أحياء عروس البحر، تحول بفعل الإهمال والتحولات الديموغرافية إلى ما يشبه العشوائيات، شرعت الأمانة بتطبيق نظام للمواقف، يشمل غرامات وسحب سيارات، ما أثار غضب السكان، ولكن أمام إصرار الأمانة استسلموا للأمر الواقع.

يجب أن تتوسع هذه التجربة الرائدة ولا تنهار أمام حملة انتقادات واتهام أنها مجرد عملية «جباية»، سيتعود عليها الناس وتصبح جزءاً من طبيعة الأشياء، السعودي يحترم نظام مواقف السيارات عندما يسافر للخارج، وسيفعل ذلك في وطنه، ولكن لا بد من توفير بيئة مدنية عمرانية متسقة لذلك.

إجراءات حازمة كهذه ستؤدي إلى إجبار عشرات المتاجر على الرحيل إلى أسواق تجارية توفر مواقف لزبائنهم، ملاك تلك العقارات سيشكون، ولكن سيجدون حلاً، سيرحل السكان عن العمارات الشاهقة التي لا توفّر مواقف سيارات إلى أخرى توفّرها، ما الضير في ذلك؟

لن تتعطل الحياة وتهجر تلك العمائر، سيتذمر أصحابها في البداية، ويبحثون عمن يتوسط لهم في الأمانة، بل سيذهبون شاكين لأمير المنطقة، ثم إذا ما أصرت الدولة على إصلاحاتها، ستنفرج بفضل مهارة الرأسمالي وحنكته، وببعض من التخطيط من مهندس بارع بالبلدية عن حلول رائعة ترضي من غضب، وتحسن بيئة الحياة للجميع، هكذا سنة الحياة، إذا ما سمحت بالفوضى فستحكمك، وإن منعتها ستحكمها.

إذا أردنا أن تكون مدننا متطورة مثل المدن الأوروبية والأميركية فلا بد أن نتصرف مثلهم، وأن نلتزم بالقوانين التي تجعلنا نهاجر إليها كل صيف بما في ذلك كبار المسؤولين ورؤساء البلديات. كلهم يعرفون أن العقار الذي اشتروه في لندن وباريس، يتضمن تحديد موقف سيارة له، ولو أراد موقفاً آخر فسيدفع ثمنه، فلم لا نطبق أنظمتهم ونحسّن مدننا فنعجب بها مثلما نعجب بمدنهم عندما نزورها صيفاً وشتاءً؟

omantoday

GMT 13:53 2021 الأربعاء ,10 آذار/ مارس

المعضلة الأميركية

GMT 06:00 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

سعادة المستشار... يا واش يا واش...

GMT 07:34 2021 الإثنين ,01 آذار/ مارس

صواريخ إيران وقميص خاشقجي

GMT 08:10 2021 الأحد ,28 شباط / فبراير

القصة أقدم من خاشقجي

GMT 08:03 2021 الأحد ,28 شباط / فبراير

تقرير خاشقجي: انطباعات جوفاء بلا قيمة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رؤية مواطن 2030 البحث عن موقف «سيارة» رؤية مواطن 2030 البحث عن موقف «سيارة»



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab