سباق نحو الرقة

سباق نحو الرقة

سباق نحو الرقة

 عمان اليوم -

سباق نحو الرقة

بقلم : جمال خاشقجي

< أهدرت السعودية وتركيا أكثر من فرصة في سورية، ولو تدخلتا مبكراً قبل سنوات لحسم مسألتها لكان ذلك أقل كلفة مما تدفعانه الآن، لذلك يجب ألا تضيعا فرصة كسب السباق نحو الرقة هذه المرة، فذلك التنظيم المسمى «خلافة» و «دولة إسلامية»، ليس هو بالخلافة ولا بالدولة، وينتظر من يطلق عليه رصاصة رحمة.

لا بد أن إيران وحلفاءها الروس والميليشيات العراقية وذلك النظام البائس في دمشق، الذي يوفر لهم الشرعية لحربهم ضد الثورة السورية، مجتمعون الآن، يناقشون في ما إذا كان من المصلحة المضي نحو الرقة وإعلان «تحريرها»، بما يوفر لهم ذلك من كسب إعلامي، يضيفونه إلى مكسب «تحرير تدمر»، أم أن المصلحة في ترك «داعش» يؤدي دوره المناط به في تبرير وجود الروس والقوات الخاصة الإيرانية وشتى الميليشيات الطائفية المحتشدة هناك، مع تخويف المجتمع الدولي من ذلك التنظيم المخيف وإشغاله بالسؤال: «داعش أولاً أم بشار؟».

وقبل أن يحسموا أمرهم، ليت السعوديين والأتراك وحلفاءهم يمضون نحو الرقة قبلهم، فهم غير معنيين بتوفير تبريرات لهذا أو ذاك، وإنما يجب أن يعنوا فقط بالقضاء على تنظيم إرهابي يهدد أمنهم ويوفر ساحة للتخطيط والتآمر عليهم، و «أمل زائف» لثلة من الحمقى يعتقدون أنه نواة دولة إسلامية تمتد ما امتدت الأبصار والشمس والقمر، فها هم يقتلون أقاربهم رجال الأمن في الدوادمي والخرج، ويفجرون أنفسهم في أنقرة وإسطنبول.

ولكن مشكلة السعودية وتركيا في حليفتهما الكبرى، الولايات المتحدة! فقرارها تائه. لم تعد انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب تشغل رئيسها أوباما، أو تدفعه لاتخاذ قرار شجاع بالتدخل أو على الأقل توفير غطاء أممي لغيره كي يتدخل. إنه مشغول بحماية اتفاق «الخمسة زائد واحد» الذي يعيد إيران إلى المجتمع الدولي، ولعله يصوغ الآن كلمته الوداعية، التي سيقول فيها إن العالم أصبح أكثر أمناً بهذا الاتفاق، وأن انتظروا القوى الإيرانية المعتدلة اللطيفة الظريفة التي ستصعد - بفضل الاتفاق - إلى مفاصل الحكم في طهران وتحول إيران من ثورة تتدخل في شؤون الآخرين وتنشر القتل والدمار في المنطقة باسم مهدي غائب وخرافات لا مكان لها في العلاقات الدولية، إلى دولة معتدلة مسالمة.

السعودية لم تنتظر أوباما في اليمن، فلِمَ تنتظره في سورية؟ والسوريون أدركوا خطأهم عندما ناوروا الأميركيين حول سؤال: «أيهما أولاً، داعش أم النظام؟»، فقالوا لن نقاتل «داعش» إلا أن نقاتل النظام معه. حتى كاتب هذا المقال وقع في ذلك الخطأ الاستراتيجي، فبرر امتناع الثوار عن مقاتلة «داعش» قبل الحصول على تعهد أميركي بدعمهم ضد النظام.

كان حرياً بالثوار، ومعهم السعوديون والأتراك، أن يجروا الأميركيين إلى المستنقع السوري تحت راية محاربة «داعش». لقد أدركت المملكة هذا المدخل عندما أعلنت استعدادها لإرسال قوات برية إلى سورية لمحاربة التنظيم، فرحبت الولايات المتحدة، ولم تلتزم بإرسال قوات برية مثلها، ولا حتى توفير حماية جوية، واكتفت باتفاق وقف العمليات القتالية مع الروس، الذي رحبت به الرياض من باب ما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه.

استقرت حال وقف العمليات القتالية، وعاد التوازن بين الثورة والنظام، وبادر الأخير بالتقدم نحو تدمر وأعاد احتلالها من «تنظيم الدولة» بسلاسة تثير الريبة.

ولعلهم كما سبق يتذاكرون في ما إذا كان من الحكمة المضي نحو الرقة؟ والتفاضل هنا بين الاختيارين سياسي، لا عسكري، فلقد أثبتت عمليات درعا ضد «داعش» الجارية حالياً والتي يقودها تحالف من الثوار (بينهم «النصرة»، ولكن هذه تعقيدات لا بد منها) وتدعمها قوات خاصة أردنية وغرفة عمليات في عمان (مزيد من التفاصيل والتداخلات التي يمكن إنكارها أيضاً)، إن «داعش» قوي بوصفه تنظيماً إرهابياً يقتل الأبرياء والضعفاء غدراً في الدوادمي وإسطنبول وبروكسيل، ولكنه ليس بجيش ولا دولة أمام قوة منظمة.

عمليات درعا قد تفتح غرفة العمليات الجنوبية نفسها لتحرير مساحات أكبر جنوب الرقة، على امتداد حدود الأردن مع العراق، ولكن التحرك الأساسي لا بد أن يكون من اتجاه الشمال، وهنا يوجد تزاحم سياسي، فبعدما رفضت المعارضة الوطنية السورية التعاون مع الأميركيين في خطة «داعش أولاً» أو «داعش فقط» تواصل هؤلاء مع الأحزاب الكردية ذات العلاقات المريبة مع النظام في دمشق وحزب العمال الكردي، الذي تعتبره أنقرة إرهابياً، والذي قام فعلاً بعمليات تفجير في تركيا أخيراً، وقامت واشنطن بدعمهم بالسلاح، وشجعت عشائر عربية على التحالف معهم بدعم من دول عربية إقليمية صديقة للرياض، وشكلوا «قوات سورية الديموقراطية»، التي تقاتل أيضاً القوى السورية الوطنية المتحالفة مع الرياض وأنقرة والدوحة (مزيد من التفاصيل المتعارضة والتداخلات التي تتعدد الآراء في تحديد أسبابها وفك رموزها).

كيف تفعل واشنطن ذلك؟ ولماذا؟ ستزداد الصورة تعقيداً لو علمنا أن «البنتاغون» يدعم أطرافاً في الثورة السورية غير التي تدعمها الخارجية والاستخبارات! وتزداد أكثر لو استعرضنا الخطط الخمسين التي رفضها أوباما لإسقاط بشار، وكشف عنها عميل سابق في الاستخبارات الأميركية!

السعودية وتركيا ليستا في حصة تاريخ لفهم ما يجري بين واشنطن وموسكو والقاهرة، مروراً بالحسكة والقامشلي. ما يجب أن يهمهما هو حماية أمنهما، ومنع مشاريع تقسيم سورية، ليس لأنه ضد مصلحة الشعب السوري فقط، وإنما لكونه لا يخدم مصالحهما أيضاً، ولن يكون ذلك حالياً، وفي ظل اتفاق وقف العمليات القتالية، ومفاوضات جنيف، إلا بدعم المعارضة الوطنية لتحرر الأراضي من «داعش»، إذ سيوفر ذلك دعماً سياسياً للمعارضة في المفاوضات، والأهم من ذلك سيوفر لها سلاحاً كثيراً يمكنها من إلغاء مشروع الأكراد، أو بالأحرى مغامراتهم الانفصالية وغير الواقعية، ويجهزهم للمفاصلة الكبرى مع النظام، فيما إذا أصر رئيس وفد مفاوضي النظام بشار الجعفري على إشغال مفاوضات جنيف بالتاريخ والجغرافيا والآداب، وليس برحيل بشار، كما طالب أول سوري خرج متظاهراً في درعا قبل خمس سنوات، وأقره عليه «جنيف1».

omantoday

GMT 13:53 2021 الأربعاء ,10 آذار/ مارس

المعضلة الأميركية

GMT 06:00 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

سعادة المستشار... يا واش يا واش...

GMT 07:34 2021 الإثنين ,01 آذار/ مارس

صواريخ إيران وقميص خاشقجي

GMT 08:10 2021 الأحد ,28 شباط / فبراير

القصة أقدم من خاشقجي

GMT 08:03 2021 الأحد ,28 شباط / فبراير

تقرير خاشقجي: انطباعات جوفاء بلا قيمة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سباق نحو الرقة سباق نحو الرقة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab