ياباني يسافر مع حورية

ياباني يسافر مع حورية

ياباني يسافر مع حورية

 عمان اليوم -

ياباني يسافر مع حورية

إنعام كجه جي
بقلم : إنعام كجه جي

تستوقفني تلك المنازل التي يطلقون عليها أسماء نساء. تتسلق أغصان الياسمين وحمرة الجهنمية واجهاتها، تخفي ما وراء شبابيكها من عناقات وأسرار. هناك دائماً نخلة وحيدة في حديقة الدار، أهي حقيقية أم طلعت من خيال عراقي؟ أما الستائر البيض الشفافة المطرزة، فتحضر لاستكمال المشهد. هذه «فيللا بالوما» في موناكو. لعل ابنة بيكاسو سكنت هنا؛ تلك التي شابهت أباها في النظرة الحادة لا في الموهبة. لم تترك توقيعاتها على لوحات، بل على قوارير عطر.
أخذت بلدية موناكو هذا العقار الفريد، وجعلت منه متحفاً للفن الحديث. يقولون لك إن بالوما بيكاسو لم تمر من هنا، وإن اسم المنزل هو من اختيار مالكته السابقة بياتريس سابينا. تزوجت الثري البريطاني روبرت هادسون عام 1938. تركت منزلها القديم، واشترى لها زوجها الجديد هذه الفيللا الواقعة في أفخم بقاع الإمارة المترفة. بعد وفاتها، تنقل المبنى من مالك لمالك. تضرر كثيراً خلال الحرب العالمية الثانية. في آخر المطاف صار متحفاً.
يأتي السياح الموسرون إلى مونت كارلو ليقامروا على طاولات الروليت. يمرون على مصارفها للاطمئنان على ودائعهم السرية. ويقصدها الحالمون بحثاً عن شبح غريس كيلي. نجمة أميركية تخلت عن أمجاد هوليوود بأمر الحب. صارت أميرة لكن عمرها انقصف في حادث سيارة. تركت للحالمين التبحر في مغامرات ابنتها الجميلة كارولين.
لا بد من شيء من الثقافة لتزكية المليارات القابعة في موناكو. وها هي «فيللا بالوما» تعلن عن معرض لشيمابوكو. من يكون الهاتف الداعي؟ إنه فنان ياباني اختار لمعرضه اسماً مثيراً: «أسافر مع حورية طولها 165 متراً». كيف سبحت حوريته من شرق آسيا إلى مياه المتوسط؟ لم يكن حاضراً ليسمع السؤال. حرمه «كورونا» من حفل الافتتاح. تأجلت المناسبة عدة مرات على أمل أن... ولم ينقشع الفيروس. وعلى طريقة بعض القمم العربية، افتتح المعرض بمن حضر.
شيمابوكو يحب السفر والطواف بسواحل العالم. يجمع الأصداف وقطع الخشب والخزف والحصى التي يلفظها البحر. ينحتها كما يشاء أو يرسم عليها ويمنحها حياة ثانية. إن الترحال هاجس يسكن الأرواح الباحثة عن فضاءات مختلفة، عن لقاءات مع بشر يتكلمون لغات غريبة، وحكايات تغني الميول الفنية والأدبية. لذلك فإن شيمابوكو لا يكتفي بالتشكيل، بل يكتب ويصور ويسجل أفلاماً قصيرة. ينظم أعماله على طريقة شعراء الملاحم القديمة. يرسم الشواطئ في النهارات المشمسة، ويقتنص السويعات الرائقة المفعمة بالرموز. لا ينسى الليالي المقمرة حين تستيقظ حوريات البحر؛ كائنات خرافية نصفها امرأة ونصفها سمكة.
في كيوشو، ثالث أكبر جزر اليابان، تتداول عجائز أسطورة عن سمكة طولها 165 متراً. سمع الفنان الحكاية، واشترى حبلاً بالطول نفسه. دار بالحبل في كل أسفاره البحرية والبرية. لفه حول خاصرة الكرة الأرضية. أقام سنوات في سان فرانسيسكو، ثم في برلين، وعاد ليستقر في حضن العائلة في جزيرة أوكيناوا. يقولون إن الفنون جنون، أو بالعكس. لكن شيمابوكو أقنع نفسه بأن هذا الحبل الواصل إلى موناكو يقرب ما بين الماضي والحاضر، يلضم أحلام البشر أجمعين. وقد يكون من غير المجدي مجادلة فنان. إنه مؤمن بأن حبله الطويل سيأتي إليه بالحورية. لماذا لا نصدّق أصحاب الرؤى العذبة المعذبة؟ أراها تعوم الآن في طريقها إليه.

 

omantoday

GMT 14:53 2021 الأربعاء ,19 أيار / مايو

أخبار عن مجموعة الدول السبع وروسيا وأفغانستان

GMT 07:50 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

ابنة الزمّار وحسناء الزمان

GMT 07:49 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

القضايا من دون معانيها

GMT 07:43 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

موكب جميل يواجه ثقافة الإلغاء!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ياباني يسافر مع حورية ياباني يسافر مع حورية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab