وزيرة بجلاجل

وزيرة بجلاجل

وزيرة بجلاجل

 عمان اليوم -

وزيرة بجلاجل

إنعام كجه جي
بقلم - إنعام كجه جي

«صدمة». هكذا وصف مثقفون فرنسيون خبر تعيينِ رشيدة داتي وزيرة للثقافة. ولا علاقة للأمر بأنَّها من أصل مغربي. الوزيرة السابقة ريما عبد الملك كانت لبنانية ولم يُصدم بها أحد. ثم إنَّ رشيدة لم تأتِ من فراغ. كانت أولَ عربيةٍ تجلس على كرسي وزير العدل في فرنسا. المنصب الرفيع يجعلها حافظةً لأختام الجمهورية.

مشكلة رشيدة أنَّها مخلوقة عاصفة. على قلقٍ كأنَّ الريحَ تحتَها. تخوض المعاركَ دون درع. تزدري بالدبلوماسية وتواجه خصومَها بعبارات ساخرة مثيرة. قال المعلقون إنَّ تعيينَها في الوزارة غطَّى على مفاجأة اختيار غابرييل عطّال رئيساً للوزراء، وهو فلتة الشوط الأصغر سناً في تاريخ الجمهورية الخامسة. وتساءل كثيرون: ما علاقة رشيدة بالثقافة؟

رسخَ في الأذهان أنَّ المثقف هو القارئ النهم، ذو الاطلاع على مختلف فروع المعرفة. يفهم في الأدبَ وفي السينما وفي الموسيقى ويحفظ مدارس الفنون التشكيلية. وبحسب هذا المفهوم فإنَّ رشيدة شبه فقيرة. شابة ذات طموح غير عاديّ، نشأت في ضاحية شعبية لأب مغربي وأم جزائرية وسط أحدَ عشرَ شقيقاً وشقيقة. اشتغلت في كل الأعمال الصغيرة واجتهدت في دراستها وتمكَّنت من بلوغ معهد القضاة. اعتمدت على فلفل شخصيتها في ربط علاقات دفعت بها إلى فوق. نجحت فيما لم تحلم به مهاجرة قبلها. ضرب الرئيس اليميني ساركوزي بكل الأعراف جانباً وسلَّمها حقيبة العدل. استخدمها واجهة لفرنسا المتنوعة الأعراق والديانات. كسب نقطةً كبرى ضد خصومِه. صارت رشيدة داتي عنواناً للواقعية السحرية في السياسة الفرنسية.

كان ابن خلدون قد لاحظَ أنَّ الثقافة تتراجع في عهود الانحطاط. يكثر أدعياؤها من الذين يهرفون بما لا يعرفون. فالمثقّف، وفق تعريف معجم «لاروس»، هو من يستدعي حصرياً نشاط العقل والتفكير. وهو في اللغة العربية الثَّقِف، أي الشخص الحاذق الفَطِن. فهل تكون رشيدة داتي مثقّفة أو لا؟ هي حالياً رئيسة بلدية الدائرة السابعة من العاصمة. تنافست مع المرشحة الاشتراكية على منصب عمدة باريس ولم تفلح. وبالنسبة لمن كانَ مثلها «مريضاً بالطموح» فإنَّها خسرت معركةً ولم تخسر حرباً. ما زالت عينها على قصر البلدية التاريخي المطلّ على نهر السين. ويقال إنَّها تفاهمت مع الرئيس ماكرون على قبولها حقيبة في وزارته، رغم خلافها معه، مقابل أن يدعمَ حزبه ترشيحها للعمودية. وبهذا فإنَّ رشيدة قد تصبح، بعد سنتين، أول عمدة عربية مسلمة لمدينة النور.

يأمل السينمائيون أن تستخدمَ الوزيرة الجديدة مواهبها القتالية في الحصول على ميزانيات أفضل لقطاعات الثقافة. أن تحلّ مشكلة الفنانين الموسميين. أولئك الذين يظهرون في فيلم ثم يبقون أشهراً دون مورد. وإذا كانت الفنون هي القوة الناعمة فإنَّ رشيدة تملك العضلات المناسبة. امرأة سياسية بالفطرة. خرجت من وسط فقير وذهبت لتصبح وزيرة للعدل مرتدية بدلة من توقيع «ديور». وصفها كارهوها بسارقة الدجاج. أخذوا عليها حبّها للفخامة. تخرج من المستشفى حال ولادة طفلتها وتعود للوزارة بالكعب العالي. بلغت الفاتورة الشهرية لهاتفها النقّال عشرة آلاف يورو. تابعها ديوان الرقابة المالية بسبب فخفخة مصاريف مكتبها. دفعت مبلغاً كبيراً لشركة علاقات عامة مقابل تلميع صورتها. أهدت إلى نظيرتها، وزيرة العدل البريطانية، وشاحاً بثمانية آلاف يورو. اتَّهموها بأنَّها قبضت رشوة بمليون دولار، وهي نائبة في البرلمان الأوروبي، من الصناعي كارلوس غصن ثمناً لاستشارات وهمية.

كل ذلك وهي ترحّب بالمعارك وتصدّ الهجمات. حجتّها الدامغة: العنصرية. لا يمكن لرشيدة داتي أن تمرَّ في أي مكان مرور الكرام. تظهر على الشاشة فيأفل البطل. وزيرة بجلاجل.

omantoday

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

هوامش قمة البحرين

GMT 08:30 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 08:29 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 08:28 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وزيرة بجلاجل وزيرة بجلاجل



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab