وباء مدينتين

وباء مدينتين

وباء مدينتين

 عمان اليوم -

وباء مدينتين

بقلم : سمير عطا الله

حتماً إنّها مجرّد مصادفة في صدور كتاب «فلورنسا تحت الحصار» للمؤلّف جون هندرسون عن جامعة ييلّ، وبين مأساة «كورونا» التي تلفّ العالم لفّة بعد أخرى، يوماً بعد آخر. يصف هندرسون كيف امتدّ وباء الطاعون في إيطاليا خريف 1629؛ إذ حمله المرتزقة الألمان المتقدّمون في جبال بييمونتي. كلّما تقدّموا تقدّم الوباء معهم وانتشر. ودبّ الذعر في فلورنسا من اقترابه إلى المدينة، فكتبت دائرة الصحة إلى زملائها في ميلانو وفيرونا والبندقية، تستفسر الأحوال لاتخاذ الإجراءات الوقائية. وجاءها الردّ من مدينة بالما بأنّ السكّان «أصبحوا في حالة يحسدون معها الموتى». وعلمت المؤسسة أيضاً، أنّ المسؤولين في بوبونيا، منعوا أي كلام حول الطاعون خوفاً من استدعاء الموت بلفظ اسمه. وساد الاقتناع بأنّ الوباء ينتشر في الهواء الملوّث من أنفاس المرضى والمصابين، أو عبر الملابس والأخشاب. فأصدرت وكالة الصحّة أمراً بمنع التجارة، لكنّ شيئاً لم يمنع الطاعون من التقدّم. ومع حلول شهر أغسطس (آب)، راح الموت يحصد أهالي فلورنسا. وأمر مطران المدينة بقرع جميع الأجراس والتضرّع في الكنائس والساحات. وانتشرت الإشاعات مثل الوباء أيضاً. ومنها أنّ طبيباً من صقلّية هو الذي زرع الجرثومة في مياه الأجران التي توضع أمام الكنائس. وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول)، كان عدد الموتى قد جاوز الألف فأقامت الوكالة محجراً صحّياً على تلال فلورنسا. وبعد شهر كان العدد قد وصل إلى ألفين ومائة.
وفي عام 1631، صدر الأمر بالحجر على معظم السكّان ومنعهم من مغادرة بيوتهم. وفي كتاب «الطاعون في فلورنسا»، يصف جيوفاني بالدينوتشي المشهد في المدينة وكأنّه يصوّر مدينة ووهان الصينية هذه الأيّام: «كان محزناً أن ترى الشوارع والكنائس خالية تماماً من أي إنسان. وأصبح ممنوعاً على الناس أي مظهر من أشكال الصداقة. وهاجمت أمّ، أمام المحكمة ابنتيها لأنّهما خرجتا لزيارة الجيران وشهدتهما الشرطة بالجرم المشهود».
يروي المدوّنون في تلك الأيام أنّ تبادل الكلام بين الجيران والمحجور عليهم أصبح هو أيضاً يؤدّي إلى السجن. وكالعادة، أُنحي باللائمة على الفقراء في انتشار الوباء. وأصبحت ممارسة الرحمة والشفقة صعبة. فقد ذهبت امرأة لمساعدة شقيقتها المريضة في بلدة أخرى، ولمّا عادت تبيّن أنّها أصيبت هي أيضاً، فانتشر الموت في العائلة مودياً بسبع ضحايا. التواصل ممنوع بين الأهالي والجيران في ووهان اليوم.
وأدّى الوباء في القرن السابع عشر إلى ارتفاع الأسعار في أوروبا وانهيار بعض الاقتصادات والتجارات، كما يحدث في الصين اليوم. وعمّت المجاعة وصارت الناس تأكل ما يمكن أن تصل إليه من خضراوات وغيرها، وبلغ الأمر بوكالة الصحة أن حظرت ممارسة الجنس؛ لأنّ ارتفاع الحرارة في الجسم يضعفه ويعرّضه للعدوى. وكان عقاب المرأة التي تُضبط بتلك الفعلة أن توضع على حمار، ظهرها إلى الأمام، يصفّق لها المؤنّبون في الشارع. إذا توافر وجودهم هناك.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وباء مدينتين وباء مدينتين



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 19:51 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 04:59 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:18 2025 الأحد ,13 إبريل / نيسان

قيمة التداول العقاري في عُمان تتراجع 64%

GMT 23:59 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 07:08 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر بطيء الوتيرة وربما مخيب للأمل

GMT 04:06 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الأضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 21:10 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 20:52 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 05:08 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

برج الثور عليك أن تعمل بدقة وجدية لتحمي نفسك

GMT 15:48 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday

Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh, Beirut- Lebanon.

Beirut Beirut Lebanon