أفاقت ولم تصحُ

أفاقت ولم تصحُ

أفاقت ولم تصحُ

 عمان اليوم -

أفاقت ولم تصحُ

بقلم : سمير عطا الله

لا أذكر كم مرة سافرت إلى نيويورك منذ 1973. ربما أربعون. أو ثلاثون. أكثر قليلاً أو أدنى قليلاً. كانت ردة فعلي الأولى مثل الأخيرة: فلاح للمرة الأولى في المدينة. بدت أوروبا، التي تركتها خلف المتوسط، قرية قديمة.
وصرت كلما جئت المدينة أقطعها ماشياً. من الشرق إلى الغرب. الجادات والمتفرعات. عند النهر وحول «السنترال بارك». ولم تفارقني دهشة الأرياف أمام روعة المدينة. وكان صديق يقول لي، غداً تعتاد ويصبح كل شيء رتيباً. وما حصل. بقيت أتمشى فيها صبحاً وعصراً كأنني في مسابقة مشائين، أو كأنما المشي الطويل من شروط تأشيرة الدخول.
بشر. بشر. رائحون، غادون، مسرعون. بالملايين منهم. وفي هذا المعنى ليست نيويورك أكبر المدن (9 ملايين). القاهرة ضعفها ثلاث مرات. نيومكسيكو أربعة. هونغ كونغ أقل منها بمليون نسمة. لكن ما من مدينة أخرى هي أغنى مدينة في العالم، أو أكبر دار نشر في العالم، أو أهم الجامعات في العالم، أو، خصوصاً، حياة من الحركة 24 ساعة في اليوم. وربما أكثر، بموجب قانون النسبية. لذلك، يطبق فيها معيار البيع والشراء على أساس أنها مدينتان: واحدة في الليل وواحدة في النهار. أما المعيار الثالث فهو أن نيويورك لا تُهزم مثل سائر مدن أميركا. لا يطالها التقشف، ولا التضخم، ولا الركود. ومسارحها محجوزة لعامين. قفير يسكن الناطحات ويخرج منها مثل الجيوش الذاهبة إلى الحرب، أو العائدة منها. لكي توقف سيارتك في مرائب المدينة تدفع 20 دولاراً في الساعة. وكل المدينة مرائب.
عندما تصل إلى نيويورك من أوروبا، يتغير برنامج نومك بسبب فارق الوقت. الفارق سبع ساعات ما بين الأطلسي في القارة القديمة وبينه في العالم الجديد. لا مشكلة في الأمر. هذا يعني أنك سوف تستفيق مبكراً وتجول في المدينة قبل أن تقتحمها الضوضاء وتسرع فيها دورة الأرض. وتبدو مدهشة في غفوتها أيضاً. ثم تتمتع بمشهدها، وهي تقوم رويداً رويداً إلى عالمها المذهل.
هناك أغنية شاعرية للفرنسي جاك ديترونك عنوانها «باريس تستيقظ»، وتبدأ: «إنها الخامسة صباحاً، وها هي باريس تفيق». يصف ديترونك مدينة تفيق إلى المقاهي والحياة والتسكع. تفيق نيويورك إلى العمل والسعي وسباق الحياة. هذا العام لم أذهب إلى نيويورك. لكن بلغني، بكل حزن، أنها مدينة خالية، جاداتها جرداء، حدائقها عفراء، لياليها سكون، ونهاراتها خوف. وقيل يا مولاي، إن فيروساً ضئيلاً فتك بحركة الليل والنهار، فأذلها. بما لا يليق.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفاقت ولم تصحُ أفاقت ولم تصحُ



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 19:51 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 04:59 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:18 2025 الأحد ,13 إبريل / نيسان

قيمة التداول العقاري في عُمان تتراجع 64%

GMT 23:59 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 07:08 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر بطيء الوتيرة وربما مخيب للأمل

GMT 04:06 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الأضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 21:10 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 20:52 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 05:08 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

برج الثور عليك أن تعمل بدقة وجدية لتحمي نفسك

GMT 15:48 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday

Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh, Beirut- Lebanon.

Beirut Beirut Lebanon