الرياض تحتضن دمشق
أخر الأخبار

الرياض تحتضن دمشق

الرياض تحتضن دمشق

 عمان اليوم -

الرياض تحتضن دمشق

بقلم : أمل عبد العزيز الهزاني

وسائل الإعلام نقلت صور استقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للرئيس السوري الجديد أحمد الشرع. كان استقبالاً دافئاً، يعكس رسالة مؤداها أن السعودية تعترف وتتفق وتؤيد وتدعم سوريا في هذه المرحلة الحرجة التي يقودها أحمد الشرع.

والكل يسأل: ماذا يريد كل طرف من الآخر؟ ولماذا اختار الرئيس السوري الجديد الرياض لتكون قبلته الأولى؟

قبل أي تفصيل، السعودية لديها ميزة قد تكون ندرت خلال عقدين من الزمن هبت فيهما رياح الصراعات في المنطقة، كانت فيها كل دولة تذود عن مصالحها، وبعضها أدخلنا في دوامة من الصراعات الدموية المروعة. الرياض ببساطة لا تملك أجندات آيديولوجية ولا سياسية تجاه سوريا. تاهت هذه الميزة من دول كثيرة نتيجة الصراعات والاستقطابات والسلاح المتفلّت، وانكشفت أجندات قومية ودينية ومذهبية أشاعت جواً من الضباب تجاه المواقف التي اتخذتها بعض الدول، بما فيها أوروبا والولايات المتحدة وروسيا تجاه سوريا. الرئيس الشرع يدرك أن الرياض تملك نفس أهدافه؛ أن تمر سوريا في هذه المرحلة بسلام، بأقل الأضرار، وبأكبر التحولات الصحيحة. الذي يؤكد طرحي، أن السعودية تاريخياً كانت مع السوريين منذ الانتداب الفرنسي، كانت داعمة سياسياً ومالياً للكتلة الوطنية السورية التي أرادت التحرر من الاستعمار. وكان الملك عبد العزيز، رحمه الله، ومنذ ذلك الحين، يؤكد ألا أطماع له في سوريا، وأن سوريا للسوريين وحدهم، وكان يوصيهم بالتلاحم والتضامن.

بعد الاستقلال ظلت يد السعودية على كتف سوريا، في مراحل تاريخية مملوءة بالأحداث والحروب والصراعات السياسية. تشكل كيان «الجمهورية العربية المتحدة» جامعاً مصر وسوريا، من جانب الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر وبدافع من حزب البعث السوري، وهي الوحدة التي لم يُرَ فيها سوى مزيد من التشرذم العربي، مع وجود حلف بغداد الذي برر عبد الناصر تأسيس الدولة الجديدة لمواجهته. السعودية احتفظت بموقفها الجيد مع طرفي الحكم في الدولة الجديدة؛ الرئيس عبد الناصر وشكري القوتلي، حتى تهاوت الوحدة بعد ثلاث سنوات فقط بانقلاب، وبعد أن حل عبد الناصر الأحزاب السياسية السورية وبدأ حركة التأميم. استمرت العلاقة السعودية - السورية تقاوم المزيد من الأمواج المرتفعة من النزاعات، وتدخلت الرياض، نهايات السبعينات ممثلة بالملك عبد الله بن عبد العزيز، الأمير حينها، لوقف حرب وشيكة بين البعثيين؛ العراق وسوريا، حين اتهم صدام حسين، الرئيس حافظ الأسد بالقيام بمؤامرة تطيح حكمَ العراق. وعندما ثارت الحرب العراقية - الإيرانية ووقف حافظ الأسد إلى جانب إيران، لم تتخذ السعودية موقفاً معادياً للأسد، كانت ديمومة العلاقة مع سوريا مهمة بالنسبة للسعوديين حتى في أحلك الظروف.

فعلياً، لم تتغير هذه القاعدة إلا مع بشار الأسد، الذي أوغل بعيداً في العداء المباشر للمملكة بكل السبل، وكان ذاك السيل من أنواع المخدرات تجاه السعودية، إذ أقيم خط تصنيع كامل للمخدرات لاستهداف المملكة وإغراقها في هذا الوحل، بسبب موقفها المناهض لسياسته الفاشية ضد السوريين. ويا للدهشة، أن السعودية في آخر سنة لبشار الأسد، حاولت رأب الصدع معه، بإعادة العلاقات، وفتح السفارات، مع اشتراطات من ضمنها إخراج الأجانب من سوريا، ودعوة اللاجئين السوريين للعودة، ووقف ضخ المخدرات تجاه المملكة. وافق الأسد، وأعطى وعوده، وفُتحت السفارة السعودية في دمشق في سبتمبر (أيلول) 2024، واستقبلته الرياض في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه، بصفته رئيساً لسوريا في القمة العربية والإسلامية غير العادية التي عُقدت في الرياض.

شعرة معاوية التي ظلت تحكم العلاقة بين السعودية وسوريا لم تنقطع، لأن السعودية لم ترد لها ذلك.

هذا الموجز التاريخي هو أحد أهم الأسباب التي جعلت من الرياض الخيار الأول لزيارة أحمد الشرع؛ السعودية لا تملك أجندات، ولا تطمح للسيادة على أراضي الغير، أو معتقداتهم، أو تأسيس أحزاب وفصائل، أو الدفع بهذا الاتجاه. أعلى اهتمامات المملكة في هذه المرحلة من عمر الدولة السورية الجديدة هو الأمن، الأمن سبب ونتيجة، سبب للاستقرار والرخاء، ونتيجة لهما. والحقيقة أنه العامل الأصعب، لأن سوريا لم تخلُ حتى اليوم من المرتزقة، وفلول النظام القديم، وبقايا الفصائل المسلحة سواء السنية أو الشيعية، وكل هؤلاء سيشكلون تحدياً أمنياً للرئيس الجديد. كلما كانت سوريا آمنة، ارتفعت فرص التغيير الإيجابي والجنوح تجاه الحياة الطبيعية، حتى مع كل العراقيل الاقتصادية التي تأتي في آخر قائمة ما يقلق السعودية. الرئيس أحمد الشرع، فطين، حاد الذكاء، مدرك لواقع المرحلة وتوازن القوى، والسعودية بالنسبة إليه قوة سياسية بأبعاد متعددة؛ دبلوماسيتها العالية مع الدول الغربية التي يحتاج إلى اعتراف منها بشرعيته أولاً، ثم رفع العقوبات عن بلده، ودبلوماسيتها كذلك من خلال منع تدخل بعض الدول الطامحة لأن يكون لها تأثير في المستقبل السوري أو تغيير موازين القوى الحزبية في الداخل.

حفاوة استقبال الأمير محمد بن سلمان للرئيس أحمد الشرع وجّهت رسالة واضحة بأن سوريا الوليدة في مرحلتها الحرجة هذه، هي محط عناية ورعاية واهتمام من حكومة المملكة.

سيعود البناء إلى سوريا، ستعود الكهرباء والغاز ومواد البناء وكل ما تقوم عليه الحياة، لكن إذا، وإذا فقط، استطاع الشرع أولاً معالجة ما يهدد سيادة بلاده.

 

omantoday

GMT 21:44 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

فاطمة دائماً

GMT 21:43 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

الخوف في كل مكان... وإيران تفاوض أميركا

GMT 21:42 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

طارق وأوراق وطوارق اليمن

GMT 21:40 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

عالم ترمب... مزيج من الخيال والواقع

GMT 21:37 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

ألعاب التعريفات النارية لترمب ناجحة

GMT 21:36 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

المرشد والمفاوضات والدراغونوف

GMT 19:05 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

الغياب عن مسقط

GMT 19:03 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

مناورة أم تحول حقيقي؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرياض تحتضن دمشق الرياض تحتضن دمشق



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 04:32 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 05:08 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

برج الثور عليك أن تعمل بدقة وجدية لتحمي نفسك

GMT 04:59 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab