بقلم :سوسن الشاعر
النظام القطري مقبل على مرحلة جديدة يراكم فيها خطأ جديداً على جبل أخطائه السابقة، معتقداً أنه كسب نقطة في صالحه بعد الانتخابات الأميركية. وعلى هذا الأساس سيسعى للتصعيد والقيام بأعمال يعتقد أنها «ستجبر» دول التحالف على رفع المقاطعة عنه؛ فقام يوم 25 نوفمبر (تشرين الثاني) باعتراض زوارق أمنية بحرينية في البحر، إذ أعلنت وزارة الداخلية البحرينية أنه «في تمام الساعة 13:00 ظهراً بتاريخ 25/ 11/ 2020 وأثناء قيام زورقين تابعين لخفر السواحل المشاركين في (تمرين المانع البحري) في شمال فشت الديبل، الذي يحق لهما القيام فيه بالمطاردة الحثيثة، قامت ثلاث دوريات تابعة لأمن السواحل والحدود القطرية باستيقاف الزورقين البحرينيين أثناء عودتهما بعد انتهاء مهمتهما».
وأكدت الداخلية البحرينية أن ما حدث «يُعد تصرفاً يتعارض مع الاتفاقية الأمنية الخليجية لدول مجلس التعاون، ومع الاتفاقيات والمعاهدات المختصة بقانون البحر الدولي».
بعد أن يئس النظام القطري من نجاحه في وقف قرار المقاطعة، بعد أن استنفد كل حيله المتنوعة، ومنها رفع قضايا في المحاكم الدولية ولدى المنظمات الدولية، وكلها باءت بالفشل، ثم بعد فشله في الطلب من الإدارة الأميركية الضغط على التحالف الرباعي ولم ينجح، ثم حاول إحداث الشرخ بين الدول الأربع وضرب الإسفين بينها بأخبار مفبركة واختلاق روايات وتصيد في الماء العكر، ثم محاولته استمالة بعض الأعضاء؛ فأعطى أمراً لقناة «الجزيرة» بالتوقف عن مهاجمة هذا العضو في التحالف، ثم يحلو له أن يبدّل العضو المستهدف ما بين فترة وفترة، وبعد أن دفع المليارات للإعلام الأميركي للضغط على دول التحالف، ثم فشل بعد هذا كله، ويرى أن قضيته لم تعد ذات أهمية عند أحد من الدول الأربع، والكل مشغول عنها؛ سواء دول التحالف أو المجتمع الدولي، عاد كالطفل الفاسد المدلل يضرب برجله الأرض من أجل أن يستعيد لعبته!!
بالنسبة للأعمال العسكرية ضد البحرين، لم تكن الأولى؛ فالبحرين اعتادت مثل هذا التصرف منذ أكثر من عشرين عاماً، حين أنزل النظام القطري قواته العسكرية على إحدى القطع الأرضية لأرخبيل البحرين، نهاية الثمانينات، وصبرت البحرين وتغاضت، حتى عندما احتفظ النظام القطري بزعماء دول مجلس التعاون كالرهائن في غُرَفهم بالفندق في اجتماع القمة الذي عُقِد من أجل تحرير الكويت، وأصرّ حمد بن خليفة حينها على عدم مناقشة قضية الكويت قبل مناقشة قضية حوار، حينها تنازلت البحرين وقبلت من أجل عيون الكويت، بل وقبلت الذهاب للتحكيم الدولي فيما هو ملكها من أجل سلامة الكويت.
فعل النظام القطري حينها ما في وسعه لكسب القضية من طرق مشروعة وغير مشروعة حتى اكتُشِفت حادثة الوثائق المزورة الشهيرة، وذلك فعل لم يسبقه أحد فيه.
ثم حتى بعد هذا التنازل، ظلت قطر تعترض الزوارق البحرينية وتحتجز البحارة البحرينيين حتى بلغ عددهم عام 2017 خمسين بحاراً بحرينياً، عموماً نكث العهود والتعهدات فعل قطري ليس جديداً، وإفشال الوساطات أيضاً ليس بالجديد.
تلك الاعتداءات سبب يدعو لاستمرار المقاطعة ناهيك من الأسباب الرئيسية التي قادت دول التحالف الرباعي لمقاطعة قطر، وجميعها اعتداءات على أمننا وسلامة مواطنينا، بل اعتداءات على الأمن القومي العربي برمته، إلا أنها مصرّة إلى الآن على لعب دور الضحية.
ثم يأتي أخيراً وليس آخراً التصعيد الذي أقدمت عليه قناة «الجزيرة»، الأسبوع الماضي، ضد المملكة العربية السعودية، كمؤشر على إقدام هذا النظام على تصعيد متعمد سنشهده في الأيام المقبلة.
خلاصة القول: بعد كل هذه التجارب أثبت النظام القطري أنه لا يمكنه حتى لو أراد الانشغال بتنمية دولته والتغاضي عن الدول الأربع التي تقاطعه، ولا يستطيع حتى لو أحب أن يُسكِت إعلامه عن مهاجمتهم والانشغال بالترويج لدولته والاحتفاظ بأمواله لشعبه وعدم صرفها إلا في الداخل فقط.. لا يستطيع أن يتجاهل قرار المقاطعة وإدارة ظهره للقرار، هذا النظام وجوده من قبوله بالقيام بالمهمة التي أوكلت له حين انقلب على أبيه؛ فله دور ومهمة ومسؤولية أشار إليها باراك أوباما في كتابه «أرض الموعد». صحيح أنه لا يعي معنى هذا الدور ولا يدركه ولا يفهم أبعاده، كما قال أوباما، لكنه مستعد لتحمل تكاليفه؛ فالشيء الوحيد الذي يفهمه ويجيد التحدث به هو: «كم السعر؟».