هوامش ومتون نظرة مستقبليّة ورؤى متجدّدة

هوامش.. ومتون: نظرة مستقبليّة ورؤى متجدّدة

هوامش.. ومتون: نظرة مستقبليّة ورؤى متجدّدة

 عمان اليوم -

هوامش ومتون نظرة مستقبليّة ورؤى متجدّدة

بقلم : عبدالرزّاق الربيعي

التجدّد سنّة من سنن الكون، وقانون من قوانين الوجود، وبدون التجدّد تتكلّس الأفكار، وتضيق مساحة النشاط، ويستسلم الجسم إلى الخمول، كونه يعتاد المناطق الآمنة، ويألفها، ولا يريد مغادرتها خوفًا من المجهول الذي يشكّل مصدر قلق له، أمّا الحيوي، فأنّه سرعان ما يشعر بالسأم، والرتابة” الهادئون يجلسون في أماكنهم، والمتحركون يغيّرون العالم”حسب المقولة المعروفة، لذا يضيق الحيويّ بمنطقة الراحة، مثلما تضيق الأفعى بجلدها إن لم تنتزعه، كما تحدثنا أقدم ملحمة في التاريخ “ملحمة جلجامش”يبلغ عمرها أكثر من 4 آلاف سنة، عن حلم جلجامش الذي مضى في رحلة طويلة باحثا عن عشبة تجدّد الشباب، وتمنحه الخلود، وهذا يعني أنّ التجدّد هاجس لدى البشريّة، منذ أقدم الأزمنة، وحين حصل على تلك العشبة، سرقتها منه الأفعى خلال نومه، فصارت تبدّل جلدها، وهذا هو التفسير الأسطوري، لكن التفسير العلمي، يقول أنها تغيّر جلدها كلّما يزداد حجمها، وتقوم بذلك لمرات عديدة في السنة الأولى من عمرها، فحين تشعر بأنه صار ضيّقًا على جسمها، ويحدّ من حركتها، تظهر لديها الحاجة إلى تغييره، فتخرج منه بعد أن تحكّه بالصخور، أوالسطوح الخشنة، وحين تخلع جلدها القديم يعود إليها النشاط، وتسعى بكلّ خفّة، لذا، فالتجدّد ينتج عنه شعور بالحيوية، والحركة التي هي قانون الحياة، واستمراريّتها مرهون بها، وقد كان الفيلسوف اليوناني هرقليطس يعتبر التغير، والتبدّل جوهر الكون، وقد صاغ تلك الفكرة في قانون التغير، والتبدل، فهو يرى ” لا يوجد هنالك من شيء دائم سوى التغيير”، ويقول “لا تلوموا حقيقة الأشياء، بل لوموا قصر نظركم إن ظننتم أنكم تبصرون أرضًا ثابتةً في بحر الكون، فالنهر الواحد الجاري لا تنزلون به مرتين، فهناك مياه تسير فيه باستمرار”، وعليه، فالحياة لا تتوقف عند حال واحد، وتوقّف الماء عن الجريان يعني فساده، وتحوّله إلى عفونة، يقول الشاعر:
إني رأيت وقوف الماء يفسده
إن سال طاب وإن لم يجر لم يطب
فحركة الماء، وجريانه، تضمن له أن يظل عذبًا، التغيّر يشترط الحركة، فإن توقّفت تحوّلت إلى حالة فيزيائية مختلفة، حسب قانون الحركة، فلا شيء ساكن في الكون، وقد تواجه الحركة ردّة فعل، كحالة طبيعيّة، فقانون الحركة لدى نيوتن يشير إلى ميل الأجسام للمحافظة على حالتها الحركيّة، وبالوقت نفسه تبدي ممانعة في تغييرها، من حيث إن “الجسم الساكن يبقى ساكنا، والمتحرّك بسرعة ثابتة، وفي خط مستقيم يستمر، ويبقى بالاتجاه والسرعة نفسها إن لم تؤثّر عليه قوة خارجية تجبره على تغيير ذلك” وقد تكون الحركة مندفعة بوتيرة أكبر من القوّة التي اعتاد عليها،
لذا ينبغي أن يجعل الفرد حركته تتناغم مع الجسم المتحرّك بقوّة وإلّا جرفه التيّار، كما يحصل للغوّاصين، الذين يواجهون دوّامات البحر التي هي حركة الماء حول نفسه، ولها أسبابها التي تتعلق بحركة الرياح واحتكاكها بها، والجاذبية، وتعد المحرّك الرئيس للمياه، فينصح الخبراء الغوّاصين إذا واجهتهم دوّامة أن يجعلوا الجسم ينساب مع المياه ، فاذا واجهها، ولم يتناغم مع حركتها المحتدمة ستنهك قواه، ويغرق، كما يحصل للكثيرين!
الجديد لن يبقى جديدا إذا ثبت في مكانه؛ لأنّه سيتحوّل إلى قديم، ذات يوم، ويؤول إلى الأرشيف، ولكي يضمن بقاءه، واستمراريّته، ينبغي أن يعيد إنتاج نفسه، ويطوّر أدواته، وفق متطلّبات الواقع الجديد، فيصبح متجدّدًا، في حالة تحوّل مستمر، ولبلوغ هذه الأهداف، لابدّ من أشخاص غير تقليديين، بل أصحاب مشاريع يمتلكون رؤية مستقبليّة ثاقبة يترجمون مفردات الرؤية المستقبلية “عمان 2040″، إلى واقع ملموس صرنا نراه متجسّدًا على أرض واقع يشهد نهضة متجدّدة.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هوامش ومتون نظرة مستقبليّة ورؤى متجدّدة هوامش ومتون نظرة مستقبليّة ورؤى متجدّدة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab