«اعتقال ترامب» والتوازنات السياسية

«اعتقال ترامب» والتوازنات السياسية

«اعتقال ترامب» والتوازنات السياسية

 عمان اليوم -

«اعتقال ترامب» والتوازنات السياسية

بقلم : عبدالله بن بجاد العتيبي

دونالد ترامب الرئيس السابق للولايات المتحدة الأميركية، والمرشح القوي عن الحزب «الجمهوري» للانتخابات القادمة، هو بحق مالئ الدنيا وشاغل الناس داخل أميركا وخارجها بدرجة أقل، ولكن لأن أميركا هي أقوى دول العالم بلا منازع ولأنها تمثل نموذجاً حضارياً مبهراً فهي دائماً تحت نظر العالم بأسره.
مثيراً كعادته، خرج ترامب مصرحاً بأنه سيتم اعتقاله وحدد اليوم والتاريخ الذي سيجري فيه الاعتقال وهو يوم الثلاثاء، وتوالت ردود الأفعال تجاه التصريح، وقصة ترامب الشخصية والسياسية كانت وما زالت وستظل مكان استقطاب للرأي العالم الأميركي والدولي، فهو مثير في كل تصرفاته وقراراته وتوجهاته، وهو وقف بقوة وحزم وصراحة تجاه بعض الانحيازات الأيديولوجية غير المسبوقة في التاريخ السياسي الأميركي ورفضها ورفض مخرجاتها وقراراتها واستراتيجياتها، وانتخبه الشعب الأميركي بناء على ذلك.
بغض النظر عن طبيعة الجدالات والصراعات الداخلية الأميركية، إلا أن شدة الاستقطاب والصراع داخل أميركا لم تبدأ مع ترامب، بل كان ترامب ردة فعلٍ عليها، واستدعى ظهوره السياسي السريع وغير المتوقع زيادة في الاستقطاب والتنافر، والأخبار المتداولة حول اعتقاله ستكون حلقة مثيرة في هذا الصراع المحموم والمشحون سياسياً ستعقبها حلقات أخرى، ولكن هذه الحلقة وهي اعتقال رئيس سابقٍ لأميركا لو حدثت بالفعل ستكون لها تبعاتٌ كبرى مستقبلاً.
تبدو هذه اللحظة التاريخية وكأنها لحظة الذهاب بالأمور إلى مداها الأقصى، وهذا النموذج داخل أهم دولة في العالم هو مثالٌ واحدٌ، والمثال الآخر والأوسع هو حدة الاستقطاب الدولي الذي وصل مداه الأقصى في الحرب الروسية الأوكرانية والموقف منها، بحيث لم يعد النظام الدولي والمؤسسات الدولية بمنأى عن هذا الصراع المحتدم، والإصرار على تصعيد هذا الصراع والذهاب به إلى أقصاه بات فعلياً يهدد النظام الدولي ويهدد لغة التوازنات السياسية والدولية التي سادت لسبعة عقود من الزمن.
ما هو البديل عن التوازنات السياسية والدولية؟ البديل هو الصراع، والمزيد من الصراعات حيث لا أحد يكسب والخاسر الأكبر هو البشرية والتطور الإنساني المذهل الذي وصل له البشر، والسؤال الملحّ هو كيف يمكن استعادة التوازن ليصبح حكماً في الصراعات الداخلية والدولية مجدداً؟ كيف يمكن تطوير أفكارٍ وفلسفاتٍ جديدةٍ ونشر مبادئ أساسية ومتفقٍ عليها واعتماد أنظمة دولية وإقليمية ومحلية لحل النزاعات وضبط الصراعات وتجنب الاستقطابات الحادة والحفاظ على التوازنات؟
النظام الدولي في الأساس بني واعتمد لإنهاء الحروب وتقليل حدة الصراعات بين البشر دولا وأمماً ومجتمعاتٍ، ونعم، لم تنته الحروب ولكن تعلم البشر أن بعض الحروب يمكن أن تكون «باردة»، وأن تستمر لعقودٍ من الزمن، وأن الحروب الساخنة يمكن أن تكون لها أنظمة وقواعد ومبادئ، وما يجري اليوم على المستوى الدولي وعلى المستوى الإقليمي في بعض المناطق يشير إلى أن العالم فعلياً بحاجة لمراجعة ودراسات وتحليل وتأملٍ يفضي لحلول واسعة وغير مسبوقة تدفع باتجاه مستقبل أفضل للبشرية.
الصراعات جزء من طبيعة البشر، لم تنته ولن تنتهي على الإطلاق، وكلما انتصر العقل البشري خفف من تلك الصراعات وسيطر عليها، ولكنها بطبيعتها تفتش دائماً عن مخارج لتعبر عن نفسها، والواجب ألا تهدأ العقول عن التفتيش عن مخارج واقعية وعقلانية تستوعب الصراعات بالتوازنات حتى لا تذهب إلى مداها الأقصى.
السلاح النووي نموذج لما يمكن أن تصل إليه طبيعة الصراعات بين البشر، ولأنه مبيدٌ ومفنٍ للبشرية اضطر البشر لجعله سلاح «ردع» متبادل، وتعلم البشر تسمية وزارات الحرب بـ«وزارات الدفاع» وتعلّم البشر أهمية السلام في بناء البشرية والتنمية والازدهار. أخيراً، فاعتقال ترامب وبعض تجليات الحرب الروسية الأوكرانية تدفع باتجاه التفتيش عن العقلانية والواقعية مجدداً.

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«اعتقال ترامب» والتوازنات السياسية «اعتقال ترامب» والتوازنات السياسية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab