«سطلانة» وأخواتها

«سطلانة» وأخواتها!

«سطلانة» وأخواتها!

 عمان اليوم -

«سطلانة» وأخواتها

بقلم: طارق الشناوي

قبل نحو أسبوعين احتلت أغنية «سطلانة» المقدمة في فضاء «السوشيال ميديا»، عبرت الحدود، صارت تتردد في العديد من الدول العربية، بأكثر من طريقة، الأغنية بالمناسبة محاطة بإطار شرعي قانوني، ولا يمكن اتهامها بالإسفاف.

انطلقت ضمن أحداث فيلم «بعد الشر»، الذي عرض قبل نحو شهرين، وحصل على موافقة الرقابة على المصنفات الفنية، ولم يُثر وقتها «الإسكتش»، أي ردود أفعال غاضبة، شارك في أدائها مع بطل الفيلم علي ربيع، كل من المطربين الشعبيين عبد الباسط حمودة ومحمود الليثي وحمدي باتشان وحسن الخلعي، رأيت محاولات لتفسير سر النجاح، تعودنا على مثلها، كلما فوجئنا بظاهرة فنية لم نستطع العثور على أسباب موضوعية مباشرة، نبدأ في التحليل السياسي والاجتماعي والاقتصادي والنفسي.

في عقد الستينات مثلاً انتشرت أغنيات المطربة ليلى نظمي، التي درست الفن الشعبي أكاديمياً وحصلت على درجة «الدكتوراه»، اشتهرت لها أغنيات مثل «أمة نعيمة» و«ما أخدش العجوز أنا» و«ادلع يا عريس» وغيرها. شركة «صوت القاهرة» التابعة للدولة، التي توزع أغنيات أم كلثوم، كان قد تسرب منها تقرير نهاية الستينات يشير إلى أن أغنية ليلى نظمي «ما أشربش الشاي... أشرب أزوزة أنا» حققت أرقاماً في التوزيع أكثر من «سيدة الغناء» أم كلثوم في «اسأل روحك»، وتلقت ليلى العديد من الضربات تحت الحزام بسبب هذا التقرير، رغم صدقه، ومع الزمن اعتزلت الغناء، بل والتواجد الإعلامي، وبدأنا نقرأ عن الدلالة السياسية التي تحملها «أزوزة ليلى نظمي».

مؤخراً قال المطرب حمدي باتشان، الذي اشتهرت له أغنية «الأساتوك» في نهاية الثمانينات أنه باع أكثر من محمد عبد الوهاب، الذي طرح في التوقيت نفسه بصوته أغنية «من غير ليه».

البعض بدأ يتشكك في صدق المعلومة، رغم أنها حقيقية، وكاتب هذا العمود شاهد عليها، «باتشان» لم يشتهر له قبل نحو 35 عاماً سوى تلك الأغنية وأيضاً إعلان ترويجي لأحد مساحيق الغسيل (سافو)، وبعدها اختفى تماماً، ليعود مجدداً إلى البؤرة بعد هذا الانتشار المدوي لأغنية «سطلانة»، عندما انتزع فريق النادي الأهلي كأس الأمم الأفريقية من نادي الوداد المغربي وبعدها احتلت المقدمة للأغاني الأكثر تداولاً.

كثيراً ما نفاجأ برقم يتصدر قائمة مبيعات الأشرطة أو الأفلام والكتب، ونعجز عن التحليل المباشر، نحاول أن نعثر على سبب، حتى ولو كان عابراً وغير منطقي، مثلما حدث مع المطرب الشهير أحمد عدوية، بعد أن ألقى في الساحة الغنائية بقنبلة عنقودية اسمها «السح الدح إمبوه»، انتشرت في لحظات في الوطن العربي، وقالوا إنها واحدة من توابع هزيمة 67، دفعت الناس لترديد أي كلمات عبثية، لأنهم لا يستطيعون انتقاد جمال عبد الناصر مباشرة، بعدها غنى عدوية «حبة فوق وحبة تحت» قالوا إنه ينتقد سياسة الانفتاح الاقتصادي، التي انتهجها أنور السادات، ثم «زحمة يا دنيا... مولد وصاحبه غايب» وجاء التفسير أنه يقصد الهجوم على حسني مبارك في بداية عهده باعتباره «صاحب المولد»، وتمت مصادرة الأغنية رسمياً.

شعبان عبد الرحيم أيضاً توقفنا أمام نجاحه بإطلالة سياسية عندما غنى «باكره إسرائيل... وبحب عمرو موسى»، للمرة الأولى يتم الغناء لشخصية أخرى غير الرئيس، وبعدها تردد أنه لم يتم التجديد لعمرو موسى وزيراً للخارجية بسبب «شعبولا»، عمرو موسى في مذكراته استبعد تلك الحكاية.

كاتبنا الكبير نجيب محفوظ كانت له قراءة مغايرة لأغنية أحمد عدوية الشعبية «سيب وأنا أسيب» على اعتبار أنها تقدم رؤية سياسية تطالب إسرائيل بأن تتحلى بالمرونة في المفاوضات وتسيب شوية للفلسطينيين، وهم على الجانب الآخر - الفلسطينيون - يتنازلون شوية، وهي كما ترى رؤية يكذبها الواقع، إسرائيل تزداد شراسة في مواجهة الفلسطينيين، تسعى حتى لمصادرة الأكسجين من هواء فلسطين.

لا تجهدوا أنفسكم في البحث عن أسباب لقراءة أخرى خارج النص، من «السح الدح إمبوه» إلى «سطلانة»، سيظل هناك لغز للنجاح، وكلما اعتقدنا أننا أمسكنا بالحقيقة، نكتشف أننا نقبض بأيدينا على الهواء!

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«سطلانة» وأخواتها «سطلانة» وأخواتها



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab