بشير الديك الكتابة على نار هادئة

بشير الديك.. الكتابة على نار هادئة!!

بشير الديك.. الكتابة على نار هادئة!!

 عمان اليوم -

بشير الديك الكتابة على نار هادئة

بقلم: طارق الشناوي

قبل أن يرحل كان كثير من الإعلاميين يتوقعون الرحيل، وبعضهم أعد الصفحات استعدادا لهذا اليوم، وهناك من سارع بالنشر، ذاكرا أعماله الفنية وكأنه يتعجل الخبر الحزين، اعتذرت لعدد من الزملاء عن عدم المشاركة فى التعليق، كنت أعلم قطعا أنه يغادر جهاز التنفس الصناعى، ساعات ثم يعود إلى جهاز التنفس الصناعى فى الساعات التالية، فى الأيام الأخيرة عانى بشير من سوء التعامل بالمستشفى، وهو ما أعلنته أكثر من مرة ابنته الوحيدة.

بدأ رحلة الكتابة الدرامية نهاية السبعينيات، بعد أن قدمه الكاتب مصطفى محرم إلى المخرج أشرف فهمى، قصة سينمائية (مع سبق الإصرار)، تلك كانت نقطة فارقة ومحورية ليعرف كل مفردات الصنعة، السيناريو به جانب حرفى يجب أولا استيعابه، وهو ما تمكن منه بشير فى أسابيع قلائل، ومصطفى محرم يعرف بالضبط سر هذه الصنعة، ثم بدأت شركات الإنتاج والمخرجون فى التهافت عليه، بعد أن لامس الحوار الذى يكتبه مشاعر الجمهور، ثم بات يكتب منفردا السيناريو والحوار.

أضعف حلقة فى الفيلم المصرى كانت، ولاتزال، هى السيناريو، ولهذا بمجرد أنهم استشعروا وميض كاتب موهوب انهالت عليه التعاقدات.

بشير وجد نفسه سينمائيا وفكريا مع محمد خان، وسينمائيا ووجدانيا مع عاطف الطيب، وسوف نتوقف عند هذا الفارق الدقيق فى مقال قادم.

الثلاثة خان وعاطف وبشير تقريبا فى نفس المرحلة العمرية، إلا أن بشير ربطته صداقة مع عاطف، حتى إن زوجة عاطف الراحلة قالت لى إن أول مكالمة فى الصباح هى دائما مع بشير الديك، سواء كانا يعملان معا أم لا، ويوميا تستمع إلى صوت عاطف وهو يبدأ يومه قائلا: (صباح الخير يا بشبش).

بشير على الجانب الآخر كان يرتاح أكثر للعمل مع الطيب، بينهما كيمياء، الحكاية بدأت مع (سواق الأتوبيس)، كتب القصة السينمائية محمد خان، ومنحها لبشير ليكتب السيناريو، وبعد الانتهاء منه، وجد خان نفسه غير متحمس، تم ترشيح الصديق الثالث خيرى بشارة، إلا أن خيرى أيضا لم يستشعر أن هذا هو فيلمه.

لم تكن فى هذا التوقيت علاقة الطيب وبشير تتجاوز لعبة (البينج بونج)، كانت أدوات اللعبة متوفرة، داخل مجمع المونتاج، مكان لقاء عدد من شباب السينمائيين فى الثمانينيات، كان عاطف قد أخرج أول أفلامه الروائية (الغيرة القاتلة)، لم يحظ باهتمام جماهيرى أو نقدى، فيلم يقع فى الإطار المتوسط، لا تتهمه أبدا بالرداءة كما أنك لا تجد على الشاشة أى ملمح يحمل تميزا، وفى حوار عابر مع الطيب، اكتشف أن عاطف قارئ جديد للأدب، ويتابع ليس فقط جيل الكبار نجيب محفوظ وإحسان وإدريس، ولكن قرأ جمال الغيطانى وإبراهيم أصلان ومحمد البساطى ويوسف القعيد وغيرهم من شباب كتاب الثمانينيات.

كانت تلك المعلومة هى التى دفعته للحماس إلى المرشح الثالث للفيلم (عاطف الطيب)، أيقن أن من لديه هذا الشغف الأدبى من الممكن أن تجمعهما أرضية فكرية مشتركة، ومنحه سيناريو (سواق الأتوبيس) الذى دخل تاريخ السينما المصرية فى مطلع الثمانينيات، محتلا المركز الثامن فى قائمة الأفضل بين الأفلام المصرية الـ١٠٠ فى الاستفتاء الذى أشرف عليه سعد الدين وهبة، باعتباره رئيسا لمهرجان القاهرة عام ١٩٩٦.

عاش بشير مأساة وهى رحيل ابنه المراهق بين يديه، بينما هو يستعد لشراء تورتة عيد ميلاده، دهسته سيارة مجنونة وهو يعبر شارع الهرم، احتضن بشير ابنه وذهب للمستشفى، لكن كلمة الله نفدت.

اكتأب، واعتزل الحياة، ولم يخرجه من تلك الحالة سوى إيمانه بالله، وزيارات عاطف الطيب المتكررة له.

لم يكن لدى الطيب كلمات من الممكن أن تخفف شيئا، فقط يأتى ويمضى معه ساعة أو بضع ساعات، ويغادر المنزل، ثم بعد عدة زيارات متتالية أحضر الطيب علبة الطاولة، لعبة بشير المفضلة، وبدأ يلاعبه، كأنه طبيب نفسى يحاول إخراجه من الحالة المرضية، وتمكن بشير من العبور مجددا للحياة، وظل ابنه يعيش ويكبر فى أعماقه، وفى كل عيد ميلاد يواكب ذكرى الوفاة يشعل له شمعة فى قلبه.

وغدا نكمل رحلة بشير الديك!!.

omantoday

GMT 16:32 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

دمامة الشقيقة

GMT 16:31 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 16:29 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

GMT 16:28 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هجمات رأس السنة الإرهابية... ما الرسالة؟

GMT 16:27 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط الجديد: الفيل في الغرفة

GMT 16:25 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 16:25 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الفنانون السوريون وفخ المزايدات

GMT 16:24 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الباشا محسود!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بشير الديك الكتابة على نار هادئة بشير الديك الكتابة على نار هادئة



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 15:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 عمان اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 06:35 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك نجاحات مميزة خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab