«يهمها الإنسان ولو ما لوش عنوان»

«يهمها الإنسان ولو ما لوش عنوان»

«يهمها الإنسان ولو ما لوش عنوان»

 عمان اليوم -

«يهمها الإنسان ولو ما لوش عنوان»

بقلم: طارق الشناوي

شعرت بالانتماء لها وأنا بعيد عنها، منذ أن تداول الناس اسمها فى الشارع وأنا أتعجب كيف لا أكون واحدا من بين كتاب وصحفيى هذه الجريدة، فوجئت بعد سنوات من إصدارها، بتليفون من الكاتب الصحفى الأستاذ محمد السيد صالح عام 2015 رئيس التحرير، الذى لم أكن قد التقيت به من قبل، يخبرنى بترشيحى للكتابة، ثم أكمل زميلى الصحفى أحمد النجار المسؤول وقتها عن صفحة الفن، الاتفاق، سألنى عن التفاصيل المادية، ولم أكن أفكر، سوى أننى سأعود إلى بيتى، الذى كان ينبغى أن أكون أول من يقطنه.

عندما يأتى ذكر (المصرى اليوم)، يصعد فى نفس اللحظة اسم صديقى وكاتبى المفضل الراحل مجدى مهنا، حالة خاصة جدًا من البشر، منذ أن تزاملنا فى كلية الإعلام ثم على بلاط صاحبة الجلالة، من خلال مدرسة عريقة فى دنيا الصحافة (روز اليوسف).

كان مجدى فى 2003 قد وصل إلى موقع رئيس تحرير الوفد، ولم تمض سوى أشهر قلائل حتى وجد نفسه تحت مرمى نيران صفحات الوفد، لأنه انتقد موقفا فى الحزب فى برنامجه الأسبوعى عبر قناة دريم (فى الممنوع).

وفى لحظات بعد أن تم التشهير به على صفحات ( الوفد) كان مجدى، وموقفه الثابت المؤيد دوما للحرية، ملهما لعدد من رجال الأعمال لديهم قناعة بأهمية أن تولد جريدة على أرض (المحروسة) ترفع شعار فتح النوافذ للجميع، يقودهم المهندس صلاح دباب بما يمتلكه من إصرار وتحد وأيضا بحكم علم الوراثة (الجينات) تعود للجد الكاتب الكبير توفيق دياب، الذى تردد على السجون أكثر من مرة بسبب مواقفه الوطنية، فكان صلاح هو المؤسس الأول، وهو أيضا الاسم الأكبر والمساهم الأكبر اقتصاديا فى التجربة.

بدأت الرحلة فى 2003- التجربة لم تر النور- رأس مجدى مهنا مجلس التحرير وعلى مدى ثلاثة أو أربعة أشهر، كان العمل يجرى بكل إخلاص، لكى تخرج الجريدة للنور وكنت مسؤولًا عن صفحة الفن وأصدرنا أعدادا تجريبية لكن توقف المشروع، وتعددت الأسباب، والتى تحتاج إلى بحث وتمحيص، وأظن أن الأستاذ حلمى النمنم، يحتفظ بأرشيف مطبوع إلكترونيا، للأعداد التجريبية التى أصدرها مجدى.

من ثم ظهرت بعد ذلك «المصرى اليوم» كما نعرفها الآن، برئاسة تحرير الأستاذ «أنور الهوارى» ثم الأستاذ «مجدى الجلاد» وتتابعت أسماء رؤساء التحرير الأفاضل، وصولا للأستاذ علاء الغطريفى، والكل يحافظ بأسلوبه وطريقته، على استمرار مبادئ الجريدة مهما تعددت الأسماء.

كان لمجدى مهنا بصمة خاصة كرئيس للتحرير فى المرحلة التى سبقت إصدارها الحالى، ولم يتوقف عن الكتابة فى «المصرى اليوم» كان عموده (فى الممنوع) فى الأعداد التجريبية التى رأس تحريرها هو نفس عموده بعد أن ترك موقع رئيس التحرير، واستمر يكتب «فى الممنوع» مثلما كان يكتبه وهو رئيس تحرير، كان «مجدى» يدرك جيدًا أن الكلمة المكتوبة هى التى تبقى وليس المنصب، ولهذا كتب العمود منذ أول إصدار للجريدة، وظلت الجريدة عدة أيام بعد رحيله تنشر مساحة بيضاء فى نفس مساحة «مجدى مهنا».

الإنسان «مجدى مهنا» كان هو أيضًا الكاتب «مجدى مهنا»، فى عز محنته يتابع الأصدقاء والزملاء.. أتذكر آخر مكالمة سألنى عن كتاب لى أصدرته فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى وأرسلت له نسخة حرص أن يكتب عنه فى عموده واختار بالفعل مقطعًا سياسيًا من الكتاب.. كان «مجدى» يحمل بريقا ونجومية فى كتاباته، وهذه المنحة الإلهية ليس لها علاقة فقط بجمال الأسلوب، فليس كل من له مذاق أدبى يمتلك البريق، إنها تشبه النجومية فى عالم التمثيل، وكما أنه ليس كل ممثل موهوب يمتلك وهج وبريق النجومية، فإن قلة الذين منحهم الله تلك المنحة، مجدى كان ينتمى إلى فصيلة نادرة فى عالم الصحافة، هو آخر عنقودها، سبقه مثلًا من النجوم الكبار «مصطفى أمين» «أحمد بهاء الدين» «إحسان عبد القدوس» «أنيس منصور» «سلامة أحمد سلامة» «صلاح منتصر» و(أحمد رجب) و(محمود السعدنى) و(صلاح حافظ) وغيرهم. كاتب العمود الصحفى رغم أنه يبدو سهلًا من الناحية النظرية إلا أن التجربة العملية أثبتت أنه من بين كل عشرة أعمدة، هناك عمود واحد فقط مقروء وكان «مجدى مهنا» هو صاحب هذا العمود، ومن آخر جيل الموهوبين.

دائمًا ما كنت أسأل نفسى ماذا لو أننى اخترت أن أكون كاتبًا سياسيًا، ما هو الكاتب الذى تمنيت أن أكونه؟، بلا أى تردد «مجدى مهنا»، كنت أقول له ذلك فكان يضحك، مؤكدًا أن الكتابة فى الفن نوع من السياسة، ولكن بوسائل أخرى.

عرفت وتابعت وقرأت لعشرات الكتاب السياسيين وأعجبت بأقلام العديد منهم، وأحرص ولا أزال على قراءتهم بنهم وحب وتقدير، ولكن «مجدى مهنا» كان هو فقط الكاتب السياسى الذى فقط تمنيت أن أكونه، فهو زميلى وصديقى وأيضًا مثلى الأعلى فى الكتابة الصحفية!!.

(المصرى اليوم) تجربة عريضة وعميقة فى تاريخ الصحافة العربية، برغم كل ما تتعرض له من ضغوط أدبية ومادية تحرص على ألا تفقد أبدا وجودها وحريتها واحترام القارئ لها ولمواقفها، كانت ولا تزال تحتفى بكل الموهوبين من كل الاتجاهات (يهمها الانسان ولو ما لوش عنوان)!!.

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«يهمها الإنسان ولو ما لوش عنوان» «يهمها الإنسان ولو ما لوش عنوان»



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 05:26 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

القمر في برجك يمدك بكل الطاقة وتسحر قلوبمن حولك

GMT 16:53 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab