قبل أن تصبح الشاشة كلها «عنب في عنب»

قبل أن تصبح الشاشة كلها «عنب في عنب»

قبل أن تصبح الشاشة كلها «عنب في عنب»

 عمان اليوم -

قبل أن تصبح الشاشة كلها «عنب في عنب»

بقلم: طارق الشناوي

الحركة بركة، حتى لو كانت عشوائية، فهى أفضل فى كل الأحوال من الجمود، والكلام، ولو مجرد همهمة غير متكاملة، خير من الصمت.

تلك قناعتى، وأنا أتابع عجلة الإنتاج السينمائى، لا أنزعج مثل أغلب الزملاء من مشاهدة الأفلام الرديئة، وفى العالم كله السائد هو الردىء، أما الجيد فإنه يظل الاستثناء والندرة.

إلا أن ما رأيته قبل يومين فى دار العرض القريبة من منزلى، فاق كل الحدود، تجاوز قدراتى على تحمل السخافة التى حملها الشريط السينمائى.

مجموعة من الجدد أقرأ أسماءهم لأول مرة فى التأليف والإخراج والإنتاج، ولا توجد قطعًا مشكلة، بل هذا هو المطلوب مادام لديك ما تقدمه، حاولت أن أعثر على شىء، ولو عابر، لم أعثر عليه.

شاهدت فيلم (عنب)، اكتشفت تضاؤل عدد الحضور، الفيلم فى أيامه الأولى، المفروض أن الجمهور يريد أن يتعرف على الجديد، إلا أن نصف الحضور عبروا عن استيائهم عمليًّا بمغادرة السينما فى الاستراحة، نصف مَن صمدوا غادروا السينما قبل تتر النهاية، ولم يواصل سوى كاتب هذه السطور وثلاثة أو أربعة مشاهدين على الأكثر.

الغريب أن أبطال الفيلم الأساسيين أيتن عامر وإسلام إبراهيم ومحمود الليثى، لهم حضورهم فى أعمال سابقة، هذه المرة مثلًا لم يقدم إسلام ولا الليثى شيئًا سوى محاولة الاستظراف، ازداد الأمر ضراوة مع غياب السيناريو، وعدم الإحساس بتواجد مخرج.

ليس مطلوبًا قطعًا من أى فيلم سينمائى أن يقدم ما اصطلحنا على الإشارة إليه بالرسالة، عليه أن يقدم للجمهور، بثمن التذكرة، ولو القليل من الضحك، أسرف الشريط فى إعادة تدوير السخافات.

نستشعر هذا العام تراجع الإنتاج السينمائى، كمًّا وكيفًا، ولم يتبقَّ سوى ثلاثة أشهر لن نتجاوز الرقم ٣٥ فيلمًا.

هناك صوت أدرك خطورة الموقف، وتجرى اجتماعات لنقل آلام السينمائيين إلى الجهات الثقافية الفاعلة، أغلب السينمائيين يتناولون فى اجتماعاتهم المأزق الاقتصادى، الذى يتضمن رسومًا ضخمة فى حالة التصوير فى المطار أو البرج أو محطة مصر أو شاطئ النيل حتى الشوارع، اقتصاديات المشروع السينمائى على الورق تدفع المنتجين إلى التراجع عن تنفيذ مشروعاتهم، الفيلم ودار العرض يشكلان فى ظل غلاء الأسعار مأزقًا لكل الأطراف صاحب الفيلم والدار وأيضًا الجمهور، زيادة سعر التذكرة ستؤدى حتمًا إلى تراجع عدد الجمهور. علينا أن نتابع أيضًا المأزق الأكبر الكامن فى العمق الفكرى، الذى أراه مؤثرًا بقوة فى تراجعنا، الفضاء المتاح أمام السينمائى ضاق كثيرًا، والكثير من الأفكار تجهض وهى لا تزال فى المهد، بعض السيناريوهات لم تغادر الرقابة.

فى البدء كانت الكلمة. لن تنهض السينما المصرية إلا إذا تحررت الأفكار من تعدد القيود المفروضة عليها. فى بلدنا لا تجد أفلامًا لائقة لتمثيلنا رسميًّا داخل المهرجانات المصرية. ما نتابعه من أفلام تحمل اسم مصر فى المهرجانات الكبرى مثل (كان) و(برلين) و(فينسيا)، سنكتشف دائمًا أن هناك فى الأمر تمويلًا أجنبيًّا، والإنتاج مشترك مع دولة أوروبية، وغالبًا الفيلم يشارك بالمهرجان قبل الحصول على الموافقة، تابعنا قبل أعوام الذى حدث بأفلام مثل (ريش) عمر زهيرى، (أخشى أن أنسى وجهك) سامح علاء، و(عيسى) مراد مصطفى، هذه الأفلام وغيرها لقيت توجسًا فى الداخل بعد تتويجها بجوائز ذهبية. السينما كلغة تغيرت، وهذا الجيل وعدد محدود جدًّا من المخرجين الكبار هضموا الأبجدية الجديدة، ولا يزالون فى الملعب قادرين على التواصل مع الجمهور، هؤلاء يملكون رؤية وهاجسًا وفكرة تدفعهم لإحالتها إلى شريط سينمائى، إلا أنهم حاليًا فى حالة صمت، انتظارًا لأن ينفتح باب المسموح به قليلًا، البعض بنظرة قاصرة يعتقد أن فتح الباب- أو حتى مواربته- يعنى تقديم ما نطلق عليه مشاهد حميمة، قراءة خاطئة، السماح بالأفكار التى تحمل شغبًا وتتشابك مع المجتمع هو المطلوب.

لدينا أيضًا مأزق فى الدعم المادى، الذى كانت ترصده وزارة الثقافة حتى عام ٢٠١٦، ثم توقف بدون إبداء الأسباب. عندما سألت اتضح أنه طبقًا للقانون ينبغى تسوية الدعم السابق، ولكن لم يتم هذا الإجراء، وبالتالى أوقفت وزارة الثقافة تقديم الدعم الجديد. تعدد رؤساء المركز القومى للسينما خلال السنوات الأخيرة، وهو الجهة التى ترصد الدعم، وحتى الآن لم يجرؤ أى منهم على فتح تلك الملفات، حتى تتم بعدها المطالبة بإعادة ضخ الدعم مجددًا، والذى كان يتم رصده لعدد من الأفلام التى ترى اللجنة التى تقرأ السيناريو جدارتها بذلك لأنها تراهن على فكر خارج عن الصندوق المتعارف عليه.

المشكلة ليست قطعًا فى فيلم مثل (عنب) وإخوته، فهو من توابع المرحلة وابن شرعى للحالة السينمائية حاليًا، ولكن لأننا كما يبدو لم نبدأ بعمق الأزمة، وهى (الكلمة)، يجب أن نتحرر من القيود، التى أحالت الكُتاب والمخرجين، حتى الموهوبين منهم، إلى متفرجين يقفون خارج الخط.

أعلم كم الضغوط التى يمارسها المجتمع فى رفضه الكثير من الأفكار، إلا أنه على الدولة ألّا تعتبر أن

(السوشيال ميديا) هى المعادل الموضوعى للرأى العام، إنها أبدًا ليست كذلك، فهى تعبر فى تطرفها وجنوحها عن الجزء العنيف والصاخب فى المجتمع!!. السينما قضية أمن قومى، نقطة ومن أول السطر!!.

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قبل أن تصبح الشاشة كلها «عنب في عنب» قبل أن تصبح الشاشة كلها «عنب في عنب»



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab