أين واشنطن من مستقبل غزة

أين واشنطن من مستقبل غزة؟

أين واشنطن من مستقبل غزة؟

 عمان اليوم -

أين واشنطن من مستقبل غزة

إياد أبو شقرا
بقلم : إياد أبو شقرا

سقوط هدنة غزةَ المؤقتة كانَ متوقعاً، مع أنَّ بعضَ الذين لا يحبون الاقتناع بالحقائق كانوا متفائلين بشبه معجزةٍ بعدما ولَّى زمن المعجزات.

إلا أنَّ الحقيقةَ الساطعة كانت تشير منذ البداية إلى حاجةِ طرفي الحرب غيرِ المتوازنة إلى «استراحة محارب»، يدَّعي فيها الطرفان انتصاراتٍ تكتيكية، ويُعيدان بلورةَ الاستهداف النفسي وتعزيز التعبئة اللوجيستية، واستثمار ما فرض من تغيرات على الأرض... ناهيك من محاولةِ منح الاعتدال فرصةً عبر صفقاتِ تبادل الأسرى والمحتجزين.

الجانبُ الإسرائيلي، الذي يتمتَّع تاريخياً بقدرةٍ عجيبة على التزيّي بِزِيِّ المظلوم، تمكّن بلا شكٍّ من كسب معركةِ أروقة القرار السياسي في معظمِ عواصمِ العالم المؤثرة. ولقد تضاعف إنجازُه مع كسبِه حربَ الابتزاز المالي والتواصلي التي كانَ أوضح دلائلِها مجيء الملياردير العالمي إيلون ماسك إلى إسرائيل صاغراً متذللاً إلى بنيامين نتنياهو بعد قرارِ مجموعة من كبريات الشركات العالمية مقاطعتَها الإعلانية لمنصة «إكس» (تويتر سباقاً) التي يملكها.

ومن جهة ثانية، جاءَ تفجّر التحرّكات الجماهيريةِ العالمية المطالبة بوقفِ حرب غزةَ كردّ فعلٍ على شراسةِ القصف وفظاعة المآسي، أكثر منَّا بسبب إجادة قادة «حماس» إدارةَ معركةِ «العلاقات العامة» حيالَ ما حدث في يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) وما تلاه، بل إنَّ بعض تصريحات قادة «حماس» و«الجهاد الإسلامي» كانت كارثيةً، سواء على صعيد التعامل المُكابر مع الكارثة الإنسانية على امتداد القطاع، أو على صعيدِ الجهل بخلفيات الحرب وتفاصيلها.

في المقابل، استمرأت «ماكينة» الدعاية الإسرائيلية الذهابَ بعيداً من تحويل هدفها المعلن في تصفيةِ «حماس» إلى التطبيق العملي الأوسع لاستراتيجيتها الدائمة القائمة على التهجير الكاملِ للشعب الفلسطيني، والتصفيةِ الفعلية لقضية تستحيل تصفيتُها من دون القضاءِ على شعبِها. وحقاً، شهدنا، حتى قبل سقوط الهدنة المؤقتة، تسابقاً بين مضامين البيانات الرسمية الإسرائيلية وما ينشره جيشُها الإلكتروني على وسائل التواصل الاجتماعي من تهديداتٍ وتهويلاتٍ واستفزازات وفبركات وشماتة.

حتى في عزّ عمليةِ تبادل الأسرى والمحتجزين كانت مخططات الاقتلاع والتهجير «سرّاً مكشوفاً»، وما كانَ ثمة شكٌّ عند مَن كان يتابع «النصائح» الموجهةَ إلى سكان الجزء الشمالي لقطاع غزة بمغادرته والتوجّه جنوباً... أنَّ الجنوب - المستهدف بدوره - ليس إلا محطة مؤقتة، وسيأتي دوره لاحقاً.

كلام نتنياهو ووزيرِ دفاعه يوآف غالانت - ولا حاجة للتوقف طويلاً عند إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش - كان واضحاً وبلا مواربة. ومع أنَّ الدول العربية واصلت الرهانَ الصبورَ على موقف أميركي يلجم الجموحَ الليكودي، جاءت تحركاتُ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ومواقفُه غير مطمئنة، بل لقد أكَّدت المرة تلو المرة أنَّ واشنطن، رغم ميلها إلى التحفظِ بشأن مآل الحرب الإسرائيلية ونتائجها، تقف كلياً وراء نتنياهو وحكومتِه.

طبعاً، الذريعة الجاهزة لتبرير الإدانات الأميركية لـ«حماس» بدأت مع الاستناد إلى هجوم 7 أكتوبر، واستمرت مع احتفاظ «حماس» بعدد من الرهائن الذين تعذّر إطلاقُهم خلالَ الهدنة الأولى... وربما الأخيرة.

وبالطبع، ما أسهمَ أكثر في تأمين التغطية الكاملة للدعم الأميركي لنتنياهو حدوث عمليات فردية أعلنت «حماس» عن تبني بعضها في الضفة الغربية. ولكن، مع هذا، لولا استنكارات خجولة لتجاوزات المستوطنين المسلحين، يمكن القولُ إنَّ واشنطن تجاهلت انتهاك القوات الإسرائيلية المتكرر للهدنة المؤقتة بشنها عمليات قتل واعتقال في عدد من مناطق الضفة الغربية، حتى إنَّ عددَ المعتقلين والقتلى والمصابين الفلسطينيين خلال فترة الهدنة كان أكبرَ من عدد الأسرى المُفرج عنهم.

بناءً عليه، ما نحن بصدده الآن، أنَّ واشنطن تظلُّ القوة الحاضنة والداعمة والراعية للمخطط الإسرائيلي، ويبدو أنَّها مصرةٌ على السير به حتى خواتيمه. وها هي تدعم صراحة «التعامل» الإسرائيلي مع سكان غزة حالياً، وربما سكان الضفة الغربية مستقبلاً، من دون الأخذ في الحساب مخاوف معظم أصدقائها في المنطقة.

إنَّها تنسى، أو تتناسى، وفق سياسي ودبلوماسي عربي ملمّ بملف العلاقات الإسرائيلية العربية، بأنَّ الشعبَ الفلسطيني في غزة والضفة «يعيش عملياً، منذ نحو 20 سنة، في سجن كبير تحاصره إسرائيل. وهو متروكٌ لمعاناته من دون أي أفق سياسي»... ما كان ينذر حقاً بانفجارٍ خطير آتٍ.

أيضاً، لا تزال واشنطن مصرَّةً على احتكار ملفِّ العلاقات الإسرائيلية العربية، مع أنَّها تخلَّت تماماً عن طرح أي مبادرةِ سلامٍ منذ عام 2014، على أيام وزير الخارجية الأسبق جون كيري. ومن ثم، فهي بإحجامها عن بذلِ أي مسعى سياسي جدّي غايته السلام، حوّلت فكرة «حل الدولتين» إلى ملهاةٍ عبثية لا طائل منها. وبدلاً من العمل الموضوعي المسؤول على تشجيع المقاربات السلمية وتحصينها عبر إكسابها صدقية سياسية، رُميت المنطقة في وهم «التفاهم الإبراهيمي»، الذي جاءت الاستفادة منه لصالح طرفٍ واحد.

omantoday

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

هوامش قمة البحرين

GMT 08:30 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 08:29 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 08:28 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين واشنطن من مستقبل غزة أين واشنطن من مستقبل غزة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab