إعادة النظر في زمن الخطر

إعادة النظر في زمن الخطر

إعادة النظر في زمن الخطر

 عمان اليوم -

إعادة النظر في زمن الخطر

بقلم : فؤاد مطر

عندما تابعتُ عبْر فضائيتيْ «العربية» و«الجزيرة» عملية اختيار تيم والتز نائباً لمن اختارها الحزب الديمقراطي كامالا هاريس لخوض انتخابات رئاسة الولايات المتحدة، وجدتُ نفسي كما لو أنني أرى عضو مجلس النواب اللبناني رجل القانون ملحم خلف شكلاً بعض الشيء وأسلوب حديث وتشابهاً فيما يطرح من أفكار ترتبط في مجموع دوافعها بالطبقة المتوسطة في الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه وجدتُ نفسي أتساءل: كيف أن الوعي الشعبي الأميركي اختار، وعلى أهون الأسباب، من سيكون إلى جانب كامالا هاريس الرئيسة المحتملة أن تكون الرئيسة اﻟ47 للولايات المتحدة، وأحسن الاختيار، فيما اللبناني ملحم خلف الذي يعتصم داخل مبنى مجلس النواب منذ يوم الخميس 19 يناير (كانون الثاني) 2023 لا يتفاعل اللبنانيون مع اعتصامه تتقاذفهم الويلات الاجتماعية والبطالة والفوضى وشغف قادة الأحزاب في الإصرار على عدم انتخاب رئيس للجمهورية، وكذلك في عدم التلاقي حول رؤية موحدة للمخاطر التي بات الوطن على مقربة من الوقوع في شباك صانعيها.

كما أنني في اليوم نفسه كنت أتأمل فيما أصاب دولة بنغلاديش نتيجة أن رئيستها حسينة واجد غادرت بتهريب الجيش لها إلى الجوار الهندي، وبذلك أضيفت إلى قائمة رؤساء تساقطوا، بعضهم تم تهريبهم بالطريقة نفسها، وبعضهم الآخر لم يتسن له الهرب فتم إيداعه السجن والمحاكمة ثم نهاية غير كريمة. والسبب في هذا كله أن هؤلاء لم يأخذوا بقاعدة «لا بد من إعادة النظر»، حيث لم يقتنع الواحد منهم بولاية رئاسية واحدة ثم يتيح المجال أمام الشعب لكي يحكم من خلال انتخاب رئيس جديد على إنجازات حققها الرئيس المنتهية ولايته الرئاسية المحددة بمادة في الدستور ببضع سنوات غير قابلة للتمديد، فيسديه كثير الشكر على أدائه الواجب بأمانة وضمير وحرص على سيادة الوطن، أو يقرر اختيار غيره مع إرفاق ذلك بالتمني على الخلف ألا يكون مثل السلف.

في الوقت الحالي، هنالك رئيسان عربيان مع موعد لانتخاب كل منهما في بلده. ما يتمناه المرء لكليهما الأخذ في الاعتبار أن ظروف جمهورية هذا وجمهورية ذاك تتطلب قراءة موضوعية لما يعنيه التطلع إلى ولاية رئاسية ثانية لدى الناس، وبالذات عندما تكون هذه الدولة أو تلك تعيش حالة من القلق المزدوج: قلق على الاقتصاد المتراجع. وقلق من أن تجديد الرئاسة عادة يحوِّل الذي ترأس من متفهم لظروف الرعية إلى ناقم على من يشكو ظلامات أو يسير في ركاب الحركات المعارضة.

لقد كان في استطاعة رؤساء أمسكوا بزمام الجمهورية التي يتربعون على كرسيها، ألا يصيبهم ما أصاب آخرين اعتبروا الرئاسة حقاً للواحد منهم من غير المقبول الاعتراض على ذلك. ولم تكن الشيخة حسينة حصيفة بحيث تتقدم الفطنة على تعظيم الشأن أخْذاً بقاعدة «لا بد من إعادة النظر»، ورأت، وهي القابضة على مقاليد السلطة في بنغلاديش خمس عشرة سنة، أن الأمور بخير، وأن الناس غير منزعجين من طول ترؤسها، ومن حقها التطلع إلى سنوات أخرى فيما الشعب يمضغ قساوة العيش وكتامة التعبير. وعندما يختار قائد الجيش من هو أحد الفائزين بجائزة «نوبل للسلام» محمد يونس، ويختصر هذا المثقف «النوبلي» المهمة بعبارة «تحقيق الاستقلال الثاني للدولة»، فهذا مؤشر على أن الرجل مقتنع ومن قبل تكليفه بترؤس حكومة جديدة، فإن هذه الخطوة في حد ذاتها تعكس انطباعاً بأن الجيش في بنغلاديش والرئيس المدني ﻟ«حكومة الاستقلال الثاني» من النسيج نفسه المأمول من كثيرين يحكمون أو يتطلعون إلى الحكم، ومن قادة عسكريين يغامرون أحياناً بانقلابات، الأخذ بهذا التقليد.

قد يجوز الافتراض أن الرغبة في تجديد ترؤس الجمهورية مرة واثنتين وأكثر من جانب هذا أو ذاك أو لكثيرين من الرؤساء، ينجي من المحاسبة. وهذا افتراض غير واقعي؛ لأن المحاسبة تتم أحياناً فيما الرئيس بات من السابقين، ويحاول مواجهة المحاسبين بإصرار على خوض الرئاسة مرة ثانية. والهدف ليس تعزيز شأن البلاد وتصحيح مسارات خاطئة، وإنما إبعاد المحاسبة عنه قدر الإمكان.

تلك مجرد هوامش، فيما الإقليم على أهبة أن ينفجر حرباً لا مثيل لها يبشر الرئيس الأميركي السابق الغاضب على من ينافسه بأنها ستكون الحرب العالمية الثالثة... ولا حل لاحتواء نافخي النار كلاماً واستعدادات حربية ينشط المثلث النافخ (نتنياهو - النظام الإيراني - «حزب الله») في انتظار يحيى السنوار، القائد الجديد لحركة «حماس»، لترجمة القول إلى الفعل، سوى الأخذ بعلاج «لا بد من إعادة النظر»، وبذلك يسلم الإقليم كما سائر البلاد الواسعة وينعم البشر بحياة مستقيمة.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إعادة النظر في زمن الخطر إعادة النظر في زمن الخطر



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 21:47 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

يتناغم الجميع معك في بداية هذا الشهر

GMT 19:40 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 04:43 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:09 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab