عودة الروح في زمن الافتراس
أخر الأخبار

عودة الروح في زمن الافتراس

عودة الروح في زمن الافتراس

 عمان اليوم -

عودة الروح في زمن الافتراس

بقلم : فؤاد مطر

في الوقت الذي يتواصل انشغال البال العربي عموماً من الأحوال اللبنانية وجارتها الأحوال السورية ويتواصل السعي من أهل القرار العربي لتسكين الصراعات بأمل أن يستقر لبنان فلا تعود إسرائيل تنغصّ عيش أبنائه، وهي دأبت على ذلك طوال الشهر الفضيل الذي مضى غير عابئة حكومتها بأصول احترام المناسبات الروحية، فترسل الطائرات تحوم في سماء بعض المناطق اللبنانية، ثم تقصف صواريخ كي لا يقال عنها إنها لم تؤد واجب التعرض للصائمين قبل ساعة الإفطار وللمصلين طالبي رحمة رب العالمين وللأطفال النائمين علَّها تلحقهم بأطفال غزة، وتلاحق سيارات أناس في طريقهم إلى منازلهم لتحضير وجبة الإفطار مرفقة بالحمد والشكر لرب العالمين، وتقصف بيوتاً بمَن فيها وعلى النحو المتواصل قصفاً وتدميراً لمنازل في مناطق من غزة.

وفي الوقت الذي ينشط أولو أمر الحكم الجديد في سوريا عربياً وأوروبياً ويصغون بكثير من الاهتمام لما تبديه الإدارة الأميركية والحكومات الأوروبية من بوادر مطمئنة وكفيلة بأن يأخذ السعي لتحقيق استقرار ثابت، وتتكاثر الزيارات والمحادثات عربياً ودولياً ومضمونها عموماً أن تستقر سوريا التي يكفيها ما سبق وعانته وتبدأ جني مواردها النفطية والزراعية التي استأثرت بها «منظمات ثورية جهادية»...

في الوقتيْن المشار إليهما تصدر إشارات مشجعة، من بينها تلك الإشارة اللبنانية التي تفيد بأنَّ لبنان الذي يتباهى بأنَّ الكتاب تأليفاً ونشراً، فيه سمة من سمات رونقه الحضاري الذي يتآكل منذ بضع سنوات، نتيجة الجنوح نحو التحزب والسلاح والولاءات الخارجية؛ الأمر الذي ينعكس تراجعاً ملحوظاً في ظاهرة التأليف والنشر، والذي كان «معرض بيروت الدولي للكتاب» بمثابة المؤشر إلى أهمية هذه الظاهرة التي يتميز بها لبنان. وتحضرنا تذكيراً حول أهمية كيف أنَّ الراحل الدكتور طه حسين خاض حواراً في العمق لدى زيارة قام بها إلى لبنان، مع نظير له في الشأن الفكري الكاتب رئيف الخوري، وذلك بترتيب من جانب مجلة «الآداب» التي أنشأها الدكتور سهيل إدريس، وكانت منبراً ثقافياً مضيئاً ولم تكن ظاهرة «معرض بيروت الدولي للكتاب» بدأت. وعلى هامش ذلك الحوار كانت للدكتور طه حسين تحية للوطن الذي كان منارة في عام 1955 تمثلت بعبارة: «إن شوقي إلى تحية لبنان وما أسداه إليَّ من الخير، ألقى في روعي أن أجيب الأستاذ سهيل إدريس بأني موافق على كل ما يريد ما دامت النتيجة أن أزور لبنان...»، وزاد التحية لاحقاً في مقابلة معه في «الأهرام» أضاء فيها وبإعجاب على الدور الثقافي والصحافي للبنان في مصر وبالذات إنشاء شقيقيْن من عائلة تقلا صحيفة «الأهرام» المتواصلة الصدور يومياً وورقياً بعد مرور قرن على إنشائها. ثم نرى خسوفاً متدرجاً لهذه الظاهرة بفعل تحوُّل لبنان وطناً مستباحاً بنسبة ملحوظة. والآن، وفي حين لبنان الوطن يواصل بالتدرج استرداد عافيته وخصوصيته وطائفه (أي مؤتمر الطائف) الذي كان السراج الذي يعينه على سلامة التعايش والحفاظ على الخصوصية، والنأي عن الصراعات والولاءات الخارجية، يأتي النبأ السار بأن «معرض بيروت العربي الدولي للكتاب» ستُستأنف دوراته التي أوجبت الظروف الأمنية عدم عقدها في عام 2024، ويقيم الدورة السادسة والستين من 15 إلى 25 مايو (أيار) 2025.

وطوال الست والستين سنة أمدَّ لبنان عالمه العربي بالكم النوعي من المؤلفات، لكن في الوقت نفسه كان لظاهرة «معرض بيروت العربي الدولي للكتاب» واستمراريته على مدى ست وستين سنة دور تحفيزي يتمثل في أن بعض الدول العربية استحدثت معارض سنوية للكتاب، حتى أن «معرض الرياض» و«معرض جدة» و«معرض أبوظبي» و«معرض القاهرة» و«معرض بغداد» و«معرض الكويت» بات على سبيل المثال كل منها يشكِّل ظاهرة ثقافية وفكرية... هذا إلى جانب جوائز استحدثها البعض.

لكن، هذه المعارض عموماً تحتاج إلى تطوير، وهذا يتم بالتعاون والتنسيق وبالإكثار من الندوات التي تناقش مستقبل الأمة والحرص على الكتاب الورقي من الغلاف إلى الغلاف؛ وذلك لأن ظاهرة الاستعاضة عن القراءة المألوفة للكتاب بقراءة من خلال أجهزة الهواتف اليدوية المتطورة لا تحقق المبتغى من القراءة، فضلاً عن أن فيها من إضاعة الوقت وإضعاف النظر ما يغني وجوباً عن القراءة... وتلك في أي حال وجهة نظر قابلة للنقاش.

ما يأمله المرء هو ألا يصيب بيروت ما سبق وأصابها من إسرائيل نتنياهو، خصوصاً أن الشهية الإسرائيلية مفتوحة (على نحو التشبيه الشعبي) على افتراس ما يمكن افتراسه وتدمير ما من السهل تدميره، وأن يتوقف الافتراس في غزة رحمةً بالأطفال الذين ينتهون مبتورين... هذا في حال كُتبت لهم النجاة. والأمل المنشود يشمل سوريا التي تجدد نفسها وتحاول إدارتها الجديدة لأمور البلاد والعباد إصلاح ما حفلت به سنوات خلت من المآسي. وهذا مرهون بأن يتوقف الافتراس البنياميني في سوريا كما حاله في غزة ولبنان. والأمل معقود على صحوة أميركية - أوروبية ترى إداراتها وحكوماتها الراهنة بالذات أنَّ العرب عموماً كانوا من خيرة الراغبين في تمتين أواصر العلاقة مع الولايات المتحدة ودول أوروبا. ثم ها هم يرون أنَّ رغبة التمتين تأتي من جهة واحدة بأمل أن ينتهي الافتراس ويصحو العالم على فجر جديد.

إنها مجرد تأملات قلم يحبر على الورق مشاعر كاتب يتمنَّى في مناسبة عيد الفطر عودة الروح بكل معانيها، وأن يسود السلام على الأرض ولا يعود النزف دموعاً ودماءً، وهو الحاصل منذ أن أجاز العالم المتمدن لإسرائيل أن ترتكب افتراساً ما تشاء ارتكابه... ويبرر المبررون لها هذا الافتراس

 

omantoday

GMT 21:44 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

فاطمة دائماً

GMT 21:43 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

الخوف في كل مكان... وإيران تفاوض أميركا

GMT 21:42 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

طارق وأوراق وطوارق اليمن

GMT 21:40 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

عالم ترمب... مزيج من الخيال والواقع

GMT 21:37 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

ألعاب التعريفات النارية لترمب ناجحة

GMT 21:36 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

المرشد والمفاوضات والدراغونوف

GMT 19:05 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

الغياب عن مسقط

GMT 19:03 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

مناورة أم تحول حقيقي؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة الروح في زمن الافتراس عودة الروح في زمن الافتراس



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 04:32 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 05:08 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

برج الثور عليك أن تعمل بدقة وجدية لتحمي نفسك

GMT 04:59 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab