الغُنم للميليشيا والغُرم على دول الاعتدال

الغُنم للميليشيا والغُرم على دول الاعتدال!

الغُنم للميليشيا والغُرم على دول الاعتدال!

 عمان اليوم -

الغُنم للميليشيا والغُرم على دول الاعتدال

بقلم : يوسف الديني

بين تصريح الناطق باسم «كتائب القسّام» أبو عبيدة الذي شكر الميليشيات وأذرع طهران من «حزب الله» والحوثي والتشكيلات العراقية، وبين تصريح رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية الذي قال: «ندعو إخوتنا العرب إلى إعمار غزة»، نفق مظلم وقديم من الانتهازية الآيديولوجية التي لا يمكن الصمت عن نقدها بحجة جرائم الكيان الإسرائيلي والآيديولوجيا الصهيونية الوحشية والتي تتحول معها إسرائيل إلى كيان منبوذ بالمعنى المطلق غير القادر على التخلص من لعنة التاريخ والجغرافيا والضمير، ولا يمكن أن يفرض أي أجندة قبل مسألتين أكدت عليهما دول الاعتدال، وتحديداً السعودية، أنه لا حل سوى بوقف فوري لإطلاق النار وليس مجرد هدنة، واجتراح حل نهائي متمثل في دولة فلسطينية مستقلة.

«حماس» اليوم كما قلت سابقاً غيرت المعادلة بمغامرة أخذتها ودفع فاتورتها الأبرياء من أهل غزة الذين لا يمكن الجزم اليوم في ظل الحرب بمعرفة مواقفهم تجاه كل ما يحدث، لكن يمكن التأكد من أنهم تحولوا بتضحياتهم وصمودهم إلى ورقة استثمار سياسي عولمت القضية العادلة، ولكنها طرحت مأزقاً يبدأ بغياب أي أفق للحل لإسرائيل في مشروعها للسلام من دون تحول جذري، ومأزقاً قانونياً وأخلاقياً للولايات المتحدة والدول الغربية، واستثناءات وخروقات غير مسبوقة للعقلاء حول العالم الذين قدموا مواقف مشرفة لدعم غزة والفلسطينيين، وهو مختلف عن التماهي مع أجندة «حماس» والفصائل. وإن كان أيضاً الصمت عن نقدها هو جزء من رؤية تموضع الأزمة في سياقها الزمني والتاريخي كما فعلت السعودية في كل بياناتها، فالقضية العادلة والمعقدة لم تولد في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. كما أن تقييم مواقف دول الاعتدال مرتبط بالخطاب السياسي ومنطق الدولة وليس تشظيات المواقف المجتمعية أو الشعبية التي تتنازعها دوافع متباينة بين استيقاظ الهوية في ظل استهداف المملكة برموزها وتاريخها المشرف مع القضية، وبين الدعم الكامل لأهل غزة والفلسطينيين ونقد الخطاب المؤدلج لـ«حماس» بشقيها العسكري والسياسي في لعبة ثنائية «الغُنم والغُرم»، وهو بالمناسبة خطاب يتنامى ويكتسب قوته من مسألة الدفاع عن المشروع السعودي الوجودي بالنسبة للسعوديين في مقابل الخطاب المضاد المستهدف والذي لا يمكن تحديد نسبه وحجمه بسبب طبيعة «تدوير المحتوى» و«الحسابات الوهمية»، إضافة لتحيّزاته المؤدلجة المثيرة لحنق شرائح كبيرة من المجتمع هي في الصفوف الأولى في التضامن مع غزة وأهلنا في فلسطين، فلا يمكن أن يشيع امتداح الميليشيات التي قامت باستهداف الحرمين أو أبانت عن انحيازها للمشروع الإيراني التقويضي في المنطقة ويمر مرور الكرام، ولا سيما أن السعوديين تعلموا الدرس جيداً منذ حرب الخليج وصولاً إلى ما سمي بـ«الربيع العربي»، لكن «رؤية 2030» التي انطلقت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وعرّابها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أكسبت السعوديين «مناعة» ضد «الممانعة» بغض النظر عن المواقف الرسمية للسياسة الخارجية المرتهنة لتقديرات السياق العام وطبيعة التوازنات والتحديات في المنطقة، والمواقف التي لا تلتفت إلى «ظلم ذوي القربى» بقدر إدراك مأزق الكيان الإسرائيلي الذي رغم وضوح اشتراطات واستحقاقات مسار السلام، هو الخيار الوحيد للخروج من حالة الانسداد السياسي وتفاقم الوضع الإنساني، لكن غالب الظن أن الكيان الإسرائيلي بتعاليه وعنجهيته سيفضّل البديل؛ الإبادة الجماعية واستهداف غزة من دون تحقيق مسألة اجتثاث المقاومة أو حتى «حماس»؛ لأن الثمن ليس الضحايا فحسب، بل تحويل الأحياء إلى عناصر «تضحوية» دافعها اليأس من الحد الأدنى من الحياة، مع احتمالية ضخمة بدأت بوادرها لتحويل الضفة وكامل الأراضي المحتلة إلى نبذ خيار التعايش في انتظار حل الدولتين؛ لأن إبادة الشعب أو حل وجوده بالمعنى الحرفي للتطهير العرقي لا يمكن معها إحلال أي شيء، فهم عالقون بين الإبادة ونظام «الأبرتهايد».

تجاهلت دول الاعتدال وفي مقدمتها السعودية في خطابها الرسمي حالة التحشيد والاستهداف والتشغيب ومضت في لعب دورها السياسي والإغاثي؛ لأنه جزء من هويّتها وتقاليدها منذ تأسيسها، إلا أن المؤدلجين الذين لا يفرقون بين منطق الدولة ومنطق الميليشيا خسروا الكثير من أطياف المجتمعات العربية التي تتمسك بدعم غزة وفلسطين، لكنها لا يمكن أن تغض الطرف عن استهدافها وتثمين أهل الشعارات التي لم تطعم أهل غزة ولم تنكأ أعداءهم!

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغُنم للميليشيا والغُرم على دول الاعتدال الغُنم للميليشيا والغُرم على دول الاعتدال



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab