المقاربات الأميركية جحيم النيات الحسنة

المقاربات الأميركية: جحيم النيات الحسنة

المقاربات الأميركية: جحيم النيات الحسنة

 عمان اليوم -

المقاربات الأميركية جحيم النيات الحسنة

بقلم : يوسف الديني

«جحيم النيات الحسنة» كتاب مثير للاهتمام والقراءة والاطلاع كتبه ستيفن م. والت، وهو أستاذ الشؤون الدولية، ومدير برنامج الأمن الدولي في مركز بيلفر التابع لكلية كينيدي في جامعة هارفارد، وعنوانه الفرعي: «نخبة السياسة الخارجية الأميركية وانحدار التفوق الأميركي».

يتحدث الكاتب عن تاريخ الهيمنة الليبرالية، وأدلجة نشر الديمقراطية، ومفهوم الأسواق الحرة... وباقي مفردات قائمة الليبرالية. ومع وجود الكثير من الأسئلة المتعلقة بهذه المقاربة الأميركية، إلا أنها وُضعت تحت سهام النقد مع مسألة غزة والتطورات التي رافقت الدعم اللامحدود للإبادة الجماعية والانتهاك المروع لأرواح الأبرياء والمدنيين، وهو ما وضع أسئلة نقدية حول هذه المقاربة التي لا تنتمي للمفاهيم المعلنة حتى بين المنتمين للثقافة الليبرالية في الشرق الأوسط، والأجيال الجديدة المعجونة بالثقافة الأميركية والتي تعيش حالة «عدمية»، ستكون لها تداعيات كبيرة جداً، فضلاً عن انتشار ثقافات بديلة خطرة تستغل التعاطف الكبير مع مخرجات الحرب خارج شاشات التلفزة وأقواس الإعلام الرسمي.

بالعودة إلى ستيفن والت، فهو قد أجرى لقاءً مطولاً على أعقاب حرب غزة أكد فيه أنها تشكل منحى كارثياً للولايات المتحدة في علاقتها مع إسرائيل والمنطقة؛ إذ لا يمكن أن تنتهي مآلات هذه الحرب الوحشية إلى ما تأمله إسرائيل ولو في الحد الأدنى، كما أنها تطرح أسئلة الشرعية الأخلاقية لإدارة بايدن والديمقراطيين حيث الأداء المروع في إدارة الحرب، من الكميات الهائلة للأسلحة إلى التعنت في وصول المساعدات الإنسانية والفشل حتى في لعب أوراق ضغط أو نقد حقيقي للسلوك الإجرامي لإسرائيل، وهو ما شكّل، وفقاً لوالت، فراغاً كبيراً ومبرراً لخطاب الممانعة، وضغطاً كبيراً لحلفاء الولايات المتحدة، وتحدياً كبيراً للقانون الدولي ومؤسساته وقيم حقوق الإنسان في حدها الأدنى، وبحسب عبارته: «الخطأ الاستراتيجي الأكبر والكارثة الأخلاقية».

انتخاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لن يغير من المعادلة كثيراً وفقاً للخبراء الأميركيين في المنطقة، ومنهم والت الذي يميز بين ترمب في الفترة الأولى والثانية، حيث لم يكن مخضرماً، لكنه اليوم إن فاز فستكون السيطرة عليه أكثر صعوبة بسبب ثقته واستعداده بفريق ممن يشاطرونه وجهة نظره، كما أن تحدي بناء شراكات وعلاقات أكثر قوة مع دول الاعتدال بالمنطقة، وفي مقدمتها السعودية، يعني ضرورة التحرّك بشكل أكثر فاعلية في الملفات العالقة.

اللافت في هذا الجدل هو ربط معضلة المقاربة الأميركية بسياق أكبر من الانسحاب الكبير من المنطقة، وسياسات التخلي التي أحدثت فراغاً هائلاً لا يمكن إلا أن تملأه المشاريع التقويضية والحضور البديل لقوى تجد في المنطقة فرصاً هائلة، إضافة إلى سياق تراجع مفهوم «الديمقراطية»، كما هو حال «العولمة المفرطة» وما تبعها من قيود على التجارة الحرة، واستيقاظ الهويات الصغيرة، وحرص كل الدول على إعادة النظر في مسائل السيادة والبدائل.

التحول الكبير في الداخل الأميركي على مستوى قراءة المقاربات للإدارة السياسية تجاه ملفات الشرق الأوسط بحاجة إلى الكثير من التأمل، ووفقاً لوالت في مقابلته هناك تحول على مستوى الكتابة أو الحوار والنقاش حول اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، خصوصاً مع ظهور أصوات في الحزب الديمقراطي تتحدث بنقد صريح وبلغة غير مواربة عن أن الدعم غير المشروط من قبل الولايات المتحدة لإسرائيل يضر بها قبل أي اعتبار آخر، خصوصاً مع موجة «المنصات البديلة» التي تنقل الكثير مما لا يمكن احتماله بالنسبة للجيل الجديد؛ فالشباب اليوم في الولايات المتحدة لديهم نبرة صوت مختلفة عن الأكبر سناً تجاه ما يجري، بما فيهم اليهود الأميركيون الذين، كما يصف والت، لا يرون «في إسرائيل نموذج إلهام، وبعضهم يرى أن سلوكها فيه خيانة كبيرة للقيم اليهودية».

هذه الحيوية في إعادة تقييم المواقف تحتاج إلى مراجعات نقدية مماثلة في سياقنا العربي، لا سيما مع دول الاعتدال وفي مقدمتها السعودية، حيث أنتجت خطاباً عقلانياً متوازناً بعيداً عن ردود الفعل، وفيه إدانة صريحة وواضحة، وتحميل المجتمع الدولي والدول الكبرى عواقب هذا التحيز وعدم إيقاف الحرب. ويبقى التحدي في قطع الطريق على المزايدين والمشاريع التقويضية وثقافات الميليشيات والتطرف والشعارات التي تريد استغلال القضية الفلسطينية لتمرير أجندتها الخاصة والضيقة.

 

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المقاربات الأميركية جحيم النيات الحسنة المقاربات الأميركية جحيم النيات الحسنة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab