الأرض الملتهبة ومدارات الفوضى المناخية

الأرض الملتهبة... ومدارات الفوضى المناخية

الأرض الملتهبة... ومدارات الفوضى المناخية

 عمان اليوم -

الأرض الملتهبة ومدارات الفوضى المناخية

بقلم:إميل أمين

قبل انطلاق أعمال قمة شرم الشيخ للمناخ في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وعلى هامش اجتماع لممثلي الحكومات التي كانت تتهيأ للمشاركة عُقد في العاصمة الكونغولية كينشاسا، تحدث الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عما سماه، «الفوضى المناخية القادمة».

ساكن الطابق السابع والثلاثين من المبنى الزجاجي، أكد يومها، وقد كان ذلك في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول)، أن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري آخذة في التزايد بشكل غير مسبوق، وأن الوقت قد حان «لتسوية على مستوى الكم» بين البلدان المتقدمة الغنية التي تسببت في معظم الغازات المولدة للاحتباس الحراري، والاقتصادات الناشئة التي غالباً ما تشعر بأسوأ أثار تلك الانبعاثات.

الذين قُدّر لهم الاستماع لغوتيريش في هذا الاجتماع، ربما دُهشوا من قدر الجرأة التي أخذته، والاندفاعة التي مضى في طريقها غير عابئ بمواقف الكبار، فقد اتهم العشرين الأكثر ثراءً في العالم، بعدم القيام بما يكفي للحيلولة دون ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

هل كانت قراءات غوتيريش تنبؤات ذاتية، أم توقعات علمية؟

بعد تسعة أشهر تقريباً، يثبت للعالم هذه الأيام أن الرجل كان صادقاً إلى أبعد حد ومد، وعلى مستويين:

الأول: يتعلق بعدم وجود إرادة سياسية حقيقية من السبعة الكبار أول الأمر، وبقية العشرين المسيطرين على مقدرات الحياة السياسية والمالية حول العالم؛ ذلك أننا لم نسمع القليل أو الكثير، عن وضع مقررات شرم الشيخ موضع التنفيذ، وهو أمر متوقع وبدهي، سيما إذا كانت توصيات مؤتمر غلاسكو 2021، والخاصة بدعم الدول الفقيرة، التي تدفع أكلاف شهوات قلوب أباطرة العالم الجدد، لم تجد طريقها للتنفيذ حتى الساعة، وفي مقدمها حديث المائة مليار دولار، التي رُصدت لعون المتألمين من جراء التغيرات المناخية.

الآخر: موصول بما يجري على سطح الكرة الأرضية، من تحولات مناخية فوضوية بالفعل.

خذ إليك ما يحدث في القارة الأوروبية، والتي لا يمكن تفسير ما يجري داخلها، ففي حين ترتفع درجات الحرارة في بعض دولها، وبشكل غير مسبوق، تتساقط كرات الثلج في دول أخرى كما حدث في إيطاليا، رغم أن درجة الحرارة وصلت فيها نحو 45 درجة مئوية، بينما اندلعت الحرائق في أماكن ثالثة كما الحال في اليونان وجزيرة رودس، تلك الدول المشاطئة للبحر الأبيض المتوسط، المعروفة والمألوفة بنسيمها العليل وجوها الجميل. وبعبور الأطلسي إلى جهة كندا في شمال قارة أميركا الشمالية، يصاب المرء بالصدمة؛ إذ كيف لتلك البلاد المعروفة بصقيعها وثلوجها وأمطارها، صيفاً وشتاءً، تضحى مناطق حرائق يصل دخانها حدود ولاية نيويورك في الشمال الشرق الأميركي، في حين تعود الحرائق الموسمية هذا العام في الغرب الأميركي وكاليفورنيا تحديداً لتنذر بالهول الكبير.

هل الأرض سائرة في درب المجهول بالفعل؟

يصرح عالم الجغرافيا البيئية في كلية لندن للاقتصاد، «وماس سميث، لهيئة الإذاعة البريطانية بالقول: «لست على دراية بفترة مماثلة كانت فيها جميع أجزاء النظام المناخي في وضع غير طبيعي، تحطمت فيه الأرقام القياسية السابقة كافة».

أما باولو سيبي، المحاضر في « إمبريال كوليدج لندن»، فيرى أن «الأرض ماضية في مسار مجهول، ووضع غير مكتشف بعد».

هل كانت وكالة «ناسا» بعلمائها، ومجساتها في الأرض، وقرون استشعارها في الفضاء بعيدة عن الإدلاء بدلوها في المشهد الإيكولوجي المثير والخطير من حولنا؟

توقع غافين شميت، كبير علماء المناخ في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، أن يصبح شهر يوليو (تموز) الحالي، الشهر الأكثر سخونة على الإطلاق، ليس منذ بدء تسجيل درجات الحرارة، إنما منذ «مئات إن لم يكن آلاف السنين».

مما يقلق أي باحث محقق ومدقق في عالم المناخ الفوضوي الذي تشهده الكرة الأرضية، أنه لم يعد قصراً على اليابس فحسب، وهذه طامة كبرى... ما الجديد والمخيف؟

بلغت السخونة مياه المحيطات، فمنذ أشهر عدة يتابع علماء المناخ، ارتفاعاً في درجات حرارة سطح البحر، تلك التي حطمت الأرقام القياسية حتى خارج المناطق الاستوائية.

يحاول البعض إلقاء عبء الفوضى المناخية على ظاهرة النينو، وهي ظاهرة طبيعية تؤثر على النظام المناخي في جميع أنحاء العالم، حيث تحدث في المحيط الهادي الاستوائي الشرقي، وترفع من درجة حرارة سطح المياه التي تعمل على رفع متوسط درجة الحرارة العالمي. غير أن عدداً وافراً من علماء المناخ، يرفضون هذا التبرير، ويقطعون بأن السبب الرئيسي هو مواصلة البشر ضخ المزيد من غازات الدفيئة، وانبعاثاتها في الغلاف الجوي، وبهذا يقع اللوم الأكبر على البشر لا الطبيعة.

لم يعد الأمر موضوع تفاؤل أو تشاؤم، بل حسابات رياضية وزمنية، ولا تبدو مسألة تخفيض حرارة الكرة الأرضية بدرجة ونصف درجة مئوية، قابلة للتحقق؛ إذ لا تفصلنا عن الموعد المنشود والموعود بحسب الأهداف التي وضعتها الأمم المتحدة في اتفاقية باريس، سوى ست سنوات.

العكس، ومن أسف شديد هو المرجح حدوثه؛ إذ تشير دراسة نشرت في مايو (أيار) الماضي عبر مجلة «نيتشر» الشهيرة إلى أن درجات حرارة سطح الأرض تتجه إلى الارتفاع بمقدار 2.7 درجة مئوية بحلول عام 2100؛ الأمر الذي سيوقع تأثيراً سلبياً على أكثر من ملياري شخص، بما يعادل 22 في المائة من سكان العالم.

هنا يقول نيك لينتون، من جامعة إكستر البريطانية، والمعد الرئيسي للدراسة: «سيمثل الأمر إعادة تشكيل عميقة لصلاحية سطح الكوكب للسكن؛ ما يمكن أن يؤدي إلى إعادة تنظيم واسعة النطاق للأماكن التي يعيش فيها البشر».

سخونة بعض المناطق حول العالم، سوف تولّد المزيد من الإشكاليات المستجدة، ومنها حديث «اللجوء المناخي»، حيث الباحثون عن فرصة للحياة، وليس تحسين أحوالهم المعيشية، وهي قضية معقدة تضاف لقائمة الكوارث المناخية التقليدية من تصحر ونحر، جفاف ومجاعات، وغرق مدن ساحلية.

الهرطقات الصيفية ومن شدة حرارة الجو تدفعنا للتساؤل: «هل بات من الضروري فرض حظر تجوال عالمي، كما جرى في زمن جائحة (كوفيد - 19)، عسى تأخذ أمنا الأرض فسحة من الوقت لتلتقط أنفاسها؟».

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأرض الملتهبة ومدارات الفوضى المناخية الأرض الملتهبة ومدارات الفوضى المناخية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab