2024 حروب البُعد الرابع

2024.. حروب البُعد الرابع

2024.. حروب البُعد الرابع

 عمان اليوم -

2024 حروب البُعد الرابع

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

منذ بداية الخليقة، ونشوء وارتقاء الصراعات البشريّة، عرفت الحروب الإنسانيّة ثلاثة أبعاد على التوالي، أوّلاً الصراع على البَرّ، وتاليًا حين استطاع أصحابُ البسيطة ركوبَ البحر، جَرَت الصدامات في البحر والمحيطات، ومنذ بدايات الحرب العالمية الأولى في منتصف العقد الثاني من القرن العشرين، بات الجوُّ القريب من البشر، مدارًا آخر يُمثِّل البعد الثالث في أبعاد الحروب، فيما شهدت الحرب العالميّة الثانية تطَوُّرًا في نوعيّة الطائرات الحربيّة، وعبر نحو سبعة عقود أو أزيد قليلاً يبدو أن الخليقة على مقربة من نوع من أنواع البُعد الرابع من الحروب، ذلك الذي سيكون الفضاء الخارجيّ، أي خارج الغلاف الجوّيّ للكرة الأرضيّة موقعه وموضعه.

ما الذي يستدعي هذا الحديث في هذا التوقيت وعلى مشارف عام جديد، يأمل القاصي والداني أن يكون عامَ سلامٍ ووئامٍ، لا كراهية وحروب وخصام؟

الشاهد أنه شتَّان الفارق بين الواقع المؤلّف إلى حد المخيف، وبين الأحلام المَخْمليّة التي يتَوَسَّدها أصحاب القلوب الصالحة حول العالم.

باختصار غير مُخِلّ، كان انطلاق الطائرة الفضائيّة التابعة للجيش الأميركي "إكس – 37" نهار الخميس الماضي، إلى الفضاء الخارجي، في سابع مُهمَّةٍ لها، هو السبب في فتح ملف "البعد الرابع"، من أبعاد الحروب المقبلة عليها الإنسانية.

على مدار عقد أو أكثر تنطلق هذه الطائرة، المثيرة والتي لم يسبر سرَّها أحدٌ سوى جماعة "المَجْمَع الصناعي العسكري الأميركي"، لتستقر في الفضاء الخارجي لفترات طويلة بعضها يصل إلى عامَيْن، ومن غير أدنى معلومات عمَّا تحمله أو تقوم به من تجارب، الأمر الذي يعني أمرَيْن:

الأول: هو أن ذلة لسان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بشأن الأسلحة التي لا تخطر على قلب بشر، لا سِيّما الروس والصينِيّين، وكما تحدث إلى الكاتب الصحافي الأميركي الشهير "بوب وود وورد"، حين كان يسعى لتجهيز كتابه الشهير "الغضب"، لم تكنْ زلَّةَ لسانٍ، بل حقيقة، ربّما أراد أن يُسَرِّبها بالفعل لبعث رسالةٍ لمَنْ يهمّه الأمر.

الثاني: أنّ موسكو وبكين بدورهما، تتابعان تطَوّرات "البُعد الرابع"، وعسكرة الفضاء الماضية واشنطن في طريقها، وفي الأثناء فإنّهما لن يجلسا عاقدَيْن الأذرع على الصدور، بل يسارعان بدورهما في سياق الاستعداد لهذه الحرب القادمة حكمًا عمّا قريب.

لم يذكرْ مسؤولو القوّة الفضائيّة المُدّة التي ستبقى فيها مركبة الاختبار المداريّة في الفضاء على وجه التحديد، أو ما هو موجود على مَتْنها، بخلاف أنّها تُجْري تجربةً لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) لقياس تأثيرات الإشعاع على المواد.

تشبه الطائرة (إكس-37 بي)، التي صنعتْها شركة (بوينغ)، مَكّوكات الفضاء المتقاعدة التابعة لوكالة ناسا. لكنّها لا تتجاوز ربع الحجم ويبلغ طولها 9 أمتار. وهي ليست بحاجة إلى رُوّاد فضاء ولديها نظام هبوط مستقلّ.

هل نحن أمام فصلٍ جديد من قصّةٍ تعود إلى أوائل ثمانينات القرن الماضي، فصلٍ ضمن فصول مُتّصلة، رغم أنّ الأميركيّين، وفي فترة زمنيّة بعينها، أخبروا العالم برُمّته أنّ برامج البُعد الرابع العسكريّة، قد توقَّفتْ في خديعةٍ غير مسبوقة تاريخيًّا؟

في 23 مارس 1983، اقترح الرئيس رونالد ريغان، الجمهوري النزعة والتوَجُّه، والواقع تحت الضغوطات الدوغمائية لطغمة المفكّرين اليمينيّين، الذين ملأوا رأسَه بأنّ موقعة هرمجدون ستجري في أيّامه، وأن الصراع مع السوفييت سوف يقود إلى "زمن الملك الألفيّ"، ونهاية العالم، نقول: اقترح ما عُرِف باسم "مبادرة الدفاع الاستراتيجي للفضاء"، أو "حرب الكواكب".

دارت الفكرةُ الرئيسيّة حول نشر أسلحة في الفضاء يمكنها تدمير صاروخ باليستي سوفيتيّ قبل أن يُطلِق رؤوسَه المقاتلة النووية المتعَدِّدة، وقد سُمِّيَ البرنامج من قِبَل المعارضين له باسم "حرب النجوم"، ووَجَّهوا له سهامَ الاتّهامات بأنّه غير عمليّ ويُخِلّ بالتوازنات.

لم تكنْ تفاصيل هذا البرنامج بدوره معروفةً من قِبَل الرأي العامّ، فهناك من قال إنّ واشنطن تسعى لنشر شبكة من آشعة الليزر، والبعض الآخر مضى إلى القول بأنّ صواريخ ذات رؤوس نوويّة أقوى ممّا لدى الروس، ستقوم بالمُهِمّة، وكما الحال في عالم الغموض العسكري الأميركي، لم يَدْرِ أحدٌ ماذا كان البرنامج وميكانيزماته حتّى اليوم.

بعد نحو ثمانية أعوام، أي في العام 1991، ومع تفخيخ الاتّحاد السوفيتي، ومن ثَمّ تفكيكه، من غير أن تتكَلَّفَ واشنطن عناءَ إطلاق رصاصةٍ واحدة، وبدأ وكأنّ شبح الحرب النوويّة قد زال. ولهذا اقترح الرئيس بوش الأب، خليفة ريجان ونائبه، إعادة النظر في البرنامج، وكان ذلك في 29 يناير 1991.

في 13 مايو 1993، أعلن وزيرُ الدفاع "ليس آسبن" من إدارة بيل كلينتون، رسميًّا انتهاءَ برنامج حرب الكواكب بشكلٍ نهائيّ، وبدلاً منه تَمَّ الإعلان عن برنامج أقل مستوى للصدام الدفاعي ضِدَّ الصواريخ الباليستيّة.

لا حُسْنَ نِيّةٍ في عالم السياسة الدوليّة، والعسكرة الأمميّة، ولهذا يبقى أبدًا ودومًا القول إنه "في بعض الأحيان يكون سوء الظنّ من حُسْن الفطن".

هنا ومن هذا المنطلق نتساءل: "هل بالفعل جرى إغلاقُ ملفّ حرب النجوم، ووَضْعُه في الأدراج، إلى أن يجيءَ الرئيس ترامب، ويستخرجه من جديد لتستكمل أميركا طريقَها نحو البُعْد الرابع بهذه السهولة واليسر؟

لا يَتَّسق هذا الحديث مع الأهمية الفائقة التي تكَشَّفتْ للفضاء كبُعْدٍ رابع، لقد أحدث تأثيرًا على الاتّجاه العامّ للصدام وأنقذ أرواحًا كما الحال في حرب الخليج الثانية، حيث أمَدَّت الأقمارُ الاصطناعيّة قوات التحالف بقيادة الجنرال "نورمان شوارتزكوف" بصور تفصيليّة للقُوّات العراقيّة، كما وَفَّرتْ معلوماتُ "البُعد الرابع" الأميركي، إنذارًا مبكِّرًا عند إطلاق القوات العراقيّة لصواريخ سكود.

حين قَدَّرت الأقدار لدونالد ترامب الحلولَ في البيت الأبيض، بدا واضحًا أنَّ الرجلَ يميل جدًّا إلى توَجُّهات رونالد ريغان، ولهذا تمَّ الإعلان رسميًّا عن استئناف العمل على برنامج حرب الكواكب.

هنا تبدو المفارقةُ واضحةً لمَنْ لديه علمٌ من كتاب الاستراتيجيّات الأميركيّة، التي تبدأ ولا تتَوَقَّف، تمضي قُدُمًا، أو تلتَفّ من حول التضاريس، حال أعاقها عائقٌ، أما القول بالتوَقُّف المُطلَق مرَّةً واحدة، فهذا ما لا يمكن أن يُقبَل عقلاً أو نقلاً.

ما يؤكّد ما نذهب إليه هو أنّ رحلات الطائرة "إكس – 37" تنطلق منذ العام 2010، أي قبل أن يُنتخَب ترامب رئيسًا بنحو ستّة أعوام، الأمر الذي يفيد بأنّ تجارب البُعد الرابع كانت قائمةً وقادمة، وأنّ الفارقَ فقط هو الإعلانُ عنها.

هنا يمكن التساؤل: ماذا عن القواعد الدولية المُنظِّمة للفضاء الخارجيّ؟

غالب الظنّ أنّ القانون الوحيد السائد، هو قانون القُوّة، المرتكز على القدرة العلميّة والماليّة، في طريق ترتيب أوراق البشريّة لنقل الصراع لخارج الأرض، وربّما استعدادًا لاستعمار الفضاء حالَ أضحت الأرضُ بدورها مكانًا غير مناسب لسُكْنَى البشر.

هل تمضي الإنسانيّة في طريق الهاوية، كما يخبرنا الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسيّ الشهير إدغار موران في تحذيره الأخير عَشِيَّةَ رأس السنة؟

omantoday

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

هوامش قمة البحرين

GMT 08:30 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 08:29 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 08:28 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

2024 حروب البُعد الرابع 2024 حروب البُعد الرابع



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab