الانتخابات الأوروبية كاشفة للأزمات والتغيرات

الانتخابات الأوروبية كاشفة للأزمات والتغيرات

الانتخابات الأوروبية كاشفة للأزمات والتغيرات

 عمان اليوم -

الانتخابات الأوروبية كاشفة للأزمات والتغيرات

بقلم - ناصيف حتي

 

انتخابات البرلمان الأوروبي التي ستجري بين السادس والتاسع من هذا الشهر ستعكس كما ستكشف في نتائجها «حزمة» الأزمات المتزايدة التي تعيشها القارة القديمة. أزمات تزيد من حدة الانقسامات على المستويين الأوروبي والوطني. توقعات المتابعين للانتخابات القادمة تحظى بشبه إجماع في ما يلي: أولاً ارتفاع نسبة المشاركة التي قد تصل إلى حوالي 70 في المائة مقارنة مع الانتخابات الماضية في عام 2019 التي كانت بحدود الـ 50.7 في المائة. يدل ذلك على الرغبة في التأثير لاحقاً بالسياسات الأوروبية المشتركة. ثانياً من المنتظر أن تحافظ كل من قوى اليمين واليسار التقليدي على قوتهما في البرلمان الجديد. ولكن تشير التوقعات إلى تراجع حجم التمثيل للتيارات الليبرالية والخضر. فيما سيزيد ما يعرف باليسار الراديكالي من قوة تمثيله. كما سيزداد حجم الكتلة التمثيلية لليمين المتطرف الذي عادة ما يقدم أجوبة شعبوية تبسيطية على التحديات المختلفة التي تواجهها المجتمعات الأوروبية: أجوبة من نوع وقف مسار البناء الأوروبي أو إضعافه. صحيح أن عملية التوسيع الأوروبي التي أخذت طريقاً سريعاً من حيث عدد وسرعة انضمام دول جديدة بعد نهاية الحرب الباردة كانت لها تداعيات اقتصادية وغيرها على «الدول القديمة» في الاتحاد ولكن كان ذلك خياراً استراتيجياً لاحتضان الدول «المولودة من جديد» بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، والعمل على استقرارها.

الأزمة الأوروبية المتعددة الأوجه، والتي يقتات عليها اليمين المتطرف ناتجة بشكلٍ أساسي عن سياسة «الإغراق» الصينية والسياسة الحمائية الأميركية. فالتراجع الحاد الذي أصاب قطاع الصناعة في أوروبا والتأثير المتعدد الأوجه لذلك وبخاصة على ارتفاع نسبة البطالة وكذلك تداعيات السياسات الأوروبية لحماية البيئة مثل «الاتفاق الأخضر» على الاقتصاد الزراعي، كلها عناصر حملت تداعيات سلبية على مستوى الدخل وعلى العمالة. هناك تراجع حاد في القدرة الإنتاجية والتنافسية انعكست في خلق أزمة اقتصادية بنيوية طاولت الجميع. ذلك كله يصب في خدمة اليمين المتطرف الذي يوظف مشاعر القلق والغضب خدمة لشعارات لا تشكل سياسات تحمل أجوبة فعلية.

ازدياد الهجرة غير القانونية عبر المتوسط من الشرق الأوسط وأفريقيا نحو القارة الأوروبية أمر شكّل أيضاً أحد التحديات الرئيسة التي تعيشها أوروبا والتي توظف من اليمين المتطرف لتحميل «الآخر» المختلف سواء في اللون أو العرق أو الدين مسؤولية أساسية في ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية. «أبلسة» الآخر المختلف صار الجواب السهل عند اليمين المتشدد يبني عليه خطابه للتحريض والتعبئة والهروب إلى الأمام كبديل عن المواجهة الفعلية للتغلب على التحديات المتزايدة.

في الجغرافيا السياسية تجد أوروبا ذاتها محاطة بحزام ناري، يعكس حربين مفتوحتين: الحرب في أوكرانيا وحول أوكرانيا والحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان مع التداعيات المختلفة لكل من الحربين. كلها عناصر تزيد من حدة الأزمات في أوروبا. وإذا كان موقف اليمين المتشدد منحازاً إلى إسرائيل لأنه يعيش على عقيدة تبسيطية اختزالية تآمرية اسمها الإسلاموفوبيا وبالتالي الذي يبرئ إسرائيل من مسؤولياتها الكلية والتاريخية في هذا الصراع، فإن هنالك مواقف متباينة بعض الشيء ضمن هذا اليمين المتطرف في ما يتعلق بالحرب في أوكرانيا. وهناك تمايز يعكس نظرة مختلفة بين أطرافه في ما يتعلق بمفهوم «الغرب الاستراتيجي» أو بسياسة «اللحاق بالولايات المتحدة» أو بالانخراط كلياً وراء واشنطن في منظمة حلف شمال الأطلسي، في أدوار تهيمن على تحديدها واشنطن.

الانتخابات الأوروبية ستكرس نتائجها ما صار معروفاً من انقسامات حادة في أوروبا. تراجع الدور الأوروبي يأتي في وقت تعيش فيه أوروبا تحديات جساماً، تستدعي دوراً أوروبياً ناشطاً ومبادراً. دور يقوم على تفاهمات فاعلة بين دولها للتعامل بنجاح مع هذه التحديات. لكن الواقع يدل على أن أوروبا بعيدة كل البعد عن ذلك...

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتخابات الأوروبية كاشفة للأزمات والتغيرات الانتخابات الأوروبية كاشفة للأزمات والتغيرات



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab