فلاسفة ليبراليون ينتقدون الليبرالية

فلاسفة ليبراليون ينتقدون الليبرالية

فلاسفة ليبراليون ينتقدون الليبرالية

 عمان اليوم -

فلاسفة ليبراليون ينتقدون الليبرالية

بقلم : فهد سليمان الشقيران

تتداول في بعض المجاميع المعرفية العربية فكرة غريبة، وهي أن الليبرالية لم تنتقد نفسها، وهذا قول مأخوذٌ عليه. وآية ذلك أن جمعاً غفيراً من فلاسفة الليبرالية انتقدوا الليبرالية بغية تعديلها وتصحيح مسارها. لأن النظريات تكبر مثل الناس، وبالتالي تنضج وتقيّم المسار، وتباشر النقد. عدد من الفلاسفة انتقدوا النظرية بالمعنى العلمي لليبرالية ومنهم الفيلسوف جون راولز وهذا مشهور في كتابه: «العدالة كإنصاف»، وهو من أعمق الكتب التي نظّمت مسار القانون والعدالة في الفكر الليبرالي، وقد تطرّق إلى نقاط ضعف وخلل، واستعمل أدواته التقنية الفلسفية لتفكيك الأخطاء ومحاولة الإصلاح، وقد كتبتُ عنه من قبل ويمكن العودة إلى كتابه الأصلي.
لكن هذه المرة، لفتني حوار مهم نشر في كتاب: «حوارات فلسفية - حول الفلسفة الأميركية المعاصرة، حوارات هارفارد» من إعداد: جميلة حنيفي. الحوار كان مع الفيلسوف مايكل ساندل وفيه ينقض المقولات التي تقول إن الليبرالية لم يتم نقدها، يبدأ الحوار في الكتاب من صفحة (143). يقول: «أعتبر نفسي ناقداً لصيغة معينةٍ من الليبرالية، تلك الصيغة تلك التي تجد تغييرها أو حكمها الأكثر تأثيراً لدى إيمانويل كانط، لكن أيضاً لدى فلاسفةٍ آخرين معاصرين مثل جون راولز. إنها الصيغة التي ترى أن الحكومة ينبغي أن تتخذ موقفاً حيادياً إزاء مفاهيم متنافسةٍ عن الحياة الخيّرة. لابد أن نفهم أن كلمة «جماعاتية» عبارة عن تسمية تم إدراجها من قبل آخرين لوصف النقاش الذي تمخض عن بعض الانتقادات التي وجّهت إلى الليبرالية سواءٌ من قبلي أو من قبل آخرين، وما يجعلني منزعجاً وغير مرتاح لتسمية الجماعاتي، هو أن الجماعاتية تقترح أن القيم السائدة في أية جماعة معطاة وفي أي زمنٍ معطى. عندما أصف التقليد المنافس للتقليد الليبرالي في التاريخ السياسي والدستوري أحبّذ التركيز على التقليد المدني الجمهوري».
تعليقي على هذا النص، أن الليبرالية نظرية شاسعة ومتشعبة، بين السياسي، والاقتصادي والاجتماعي، وميزتها الأساسية في نقد نفسها، وفي إنتاج فلاسفة يصححون أخطاءها، ويعالجون أدواءها. صحيح أنها أثبتت نجاحها العالي على المستويين الاقتصادي أولاً ثم الاجتماعي، ولكنها على المستوى السياسي الآن تتعرض لنقد مشروع ولاذع، وهذا طبيعي، ذلك أن النماذج التي طرحتها كانت ضمن سياقها التاريخي، وليس من الضرورة انتهاجها في جميع العالم.
في الاقتصاد ثمة إجماع على أن الاقتصاد الليبرالي هو السبيل الأبرز للنمو في العالم، حتى الصين لم تنجُ على مستوى الاقتصاد من موجة الليبرالية الحيوية رغم احتفاظها بنمط سياسي واجتماعي معين اختارته ويجب احترامه، بل إن فيلسوفاً ألمانياً كبيراً مثل ماكس فيبر قال في كتابه: «الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية» إن النماذج الغربية لا يمكن تطبيقها على الشرق ولا على الصين، وأفرد صفحاتٍ حول نموذج الصين.
الخلاصة، أن تميّز الليبرالية في نقد فلاسفتها لمنهجها، وتصويبهم لمسارها، والآن نرى النموذج الليبرالية (على المستوى السياسي) تعاني تحديات كبيرة، ولذلك على الدول كلها أن تحترم نماذج الدول الأخرى، وألا تفرض عليها نموذجها الخاص.

نقلا عن الاتحاد

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلاسفة ليبراليون ينتقدون الليبرالية فلاسفة ليبراليون ينتقدون الليبرالية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 21:47 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

يتناغم الجميع معك في بداية هذا الشهر

GMT 19:40 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 04:43 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:09 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab